متلازمة تيرنر: مرض وراثي يصيب الإناث فقط

الكاتب - أخر تحديث 20 سبتمبر 2023

متلازمة تيرنر"Turner syndrome" هي اضطراب صبغي يصيب الإناث فقط، مما يؤدي إلى مشاكل تطورية وإلى ظهور مجموعة متنوعة من الأعراض.

حيث يملك الشخص الطبيعي 46 صبغياً، وتشكل الصبغيات الجسدية 44 منها، بينما الاثنين الباقيين هما صبغيان جنسيان، فهي عند الذكور (XY)، بينما عند الإناث (XX). وعند الإناث المصابين بمتلازمة تيرنر فيغيب جزء من أحد الصبغيين الجنسيين أو يكون هذا الصبغي غائباً بشكل تام. ومن الجدير بالذكر أنه تولد واحدة من كل 2500 فتاة مصابة بهذه الحالة. ومع الأسف يكون متوسط العمر المتوقع أقل قليلاً مما هو عليه بالنسبة لمعظم الناس.

أعراض متلازمة تيرنر

يتمثل العرض الرئيسي لمتلازمة تيرنر في قصر القامة، وتقريباً تعاني جميع الإناث المصابات من مجموعة من الأعراض الشائعة الإضافية التي تشمل:

  • النمو البطيء مقارنةً بأقرانهن خلال الطفولة والمراهقة.
  • تأخر البلوغ وقلة قفزات النمو، مما يؤدي إلى متوسط طول نهائي بمقدار 142 سم. لكن في حال تم تشخيص الحالة باكراً يمكن أن يساعد إعطاء هرمون النمو في الوصول إلى الطول الطبيعي تقريباً.
  • عادةً ما تتمتع الفتيات والنساء المصابات بمتلازمة تيرنر بذكاء طبيعي، إلا أن هناك خطراً متزايداً لحدوث صعوبات في التعلم، لا سيما فيما يخص المفاهيم المكانية والرياضيات والذاكرة والانتباه.

بالإضافة إلى الأعراض الشائعة فالمصابات بهذه المتلازمة غالباً لا يحدث لديهن تطور جنسي نموذجي حيث:

  • لا يتطور الثدي عندهن.
  • قد لا يكون لديهن دورات طمثية.
  • لديهن مبيض صغير قد يعمل فقط لبضع سنوات أو لا يعمل على الإطلاق.
  • عادةً لا يحدث البلوغ، إلا إذا تلقَّين العلاج الهرموني في أواخر الطفولة والمراهقة المبكرة.
  • لا تصنع أجسادهن ما يكفي من الهرمونات الجنسية.

كما أن هنالك مجموعة من السمات الجسدية بالإضافة لقصر القامة والتي تظهر عند المصابات بمتلازمة تيرنر وهي تشمل:

  • الصدر الواسع.
  • المرفق الأروح، حيث يكون الساعد مائلاً بزاوية بعيداً عن الجسم بدرجة أكبر من المعتاد عند مده بالكامل.
  • مشاكل الأسنان.
  • مشاكل في العينين، مثل كسل العين أو تدلي الأجفان.
  • الجنف، أي انحناء العمود الفقري بشكل جانبي.
  • انخفاض خط الشعر في مؤخرة العنق.
  • ظهور العديد من الأخوال (الشامات).
  • عدم وجود برجمة في إصبع معين في اليد أو القدم، مما يجعله أقصر.
  • تكون أظافر اليدين والقدمين ضيقة.
  • الفك السفلي صغير.
  • تورم في اليدين والقدمين.
  • الرقبة القصيرة أو العريضة أو الرقبة الوتراء (تكون طيات الجلد زائدة).
تحدث متلازمة تيرنر عند الإناث نتيجة خلل في الصبغي الجنسي
تحدث متلازمة تيرنر عند الإناث نتيجة خلل في الصبغي الجنسي

أسباب الإصابة بمتلازمة تيرنر

تصيب متلازمة تيرنر الإناث فقط، ولا شيء مما يفعله الوالدين قبل أو في بداية الحمل يمكن أن يسبب أو يزيد من خطر الإصابة عند الابنة. فلا علاقة لعمر أحد الوالدين أو العرق أو النظام الغذائي أو أية عوامل أخرى بحدوث الإصابة. حتى أن إنجاب طفلة مصابة بمتلازمة تيرنر لا يزيد من خطر إنجاب إناث أخريات مصابات بهذه الحالة.

حيث أن الأسباب هذه الإصابة مرتبطة عدد من التعديلات الجينية التي تحدث تلقائياً عندما يتم تخصيب البويضة، مما يؤدي إلى حدوث أخطاء أثناء نمو الجنين وفي النمو بعد الولادة. وتشمل التعديلات الجينية الممكنة في متلازمة تيرنر:

  • أحاد الصبغي "Monosomy": وعندها يكون أحد الصبغيين X مفقود تماماً، أي أن كل خلية في جسد المصابة يكون فيها صبغي X ناقص.
  • متلازمة تيرنر الفسيفسائية "Mosaic Turner syndrome": خلال المراحل المبكرة من نمو الجنين قد يحدث خطأ في انقسام الخلايا، مما يؤدي إلى وجود نسختين من الصبغي X في بعض الخلايا. في حين أن البعض الآخر يحتوي على نسخة واحدة فقط؛ وفي بعض الأحيان قد يكون هناك بعض الخلايا بنسختين من الصبغي X، وأخرى بنسخة واحدة معدلة.
  • مادة الصبغي "Y Y chromosome material": وهنا يمتلك عدد قليل من المصابات بعض الخلايا بنسخة صبغي X واحدة فقط، وخلايا أخرى بنسخة من الصبغي X وبعضاً من مادة الصبغي Y، وعندها يتطور الفرد كأنثى ولكنه أكثر عرضة للإصابة بنوع من السرطان الذي يعرف باسم الورم الأرومي في الغدد التناسلية "Gonadoblastoma".

المضاعفات

هناك العديد من المضاعفات التي يمكن أن ترافق المصابات بمتلازمة تيرنر، وتشمل:

  • مشاكل القلب والأوعية الدموية: تولد بعض الفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر بعيوب أو تشوهات طفيفة في القلب، والتي يمكن أن تزيد من خطر حدوث مضاعفات في وقت لاحق من الحياة، فيزداد خطر الإصابة بما يلي:
  • الإصابة بمرض السكري
  • مشاكل السمع: نتيجة الفقد التدريجي لوظيفة العصب وعدوى الأذن الداخلية.
  • مشاكل الكليتين: تعاني حوالي 40% من مريضات متلازمة تيرنر من نوع من تشوه الكليتين، مما يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم والتهابات المسالك البولية.
  • قصور الغدة الدرقية: وهو يصيب حوالي 10% من المريضات.
  • فقدان الأسنان: والذي يمكن أن يحدث بسبب ضعف أو نمو الأسنان بشكل غير طبيعي.
  • مشاكل الرؤية: مثل الحول ومد البصر.
  • مشاكل العظام: يكون هناك خطر أكبر للإصابة بهشاشة العظام والحداب والجنف.
  • مشاكل الحمل: فالمرأة المصابة بمتلازمة تيرنر معرضة بشكل كبير لخطر الإصابة بمضاعفات أثناء الحمل، بما في ذلك السكري الحملي وارتفاع ضغط الدم وتسلخ الأبهر.
  • المشاكل النفسية: حيث تزيد متلازمة تيرنر من خطر التعرض لمشاكل احترام الذات والقلق والاكتئاب واضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة والتفاعل الاجتماعي.
  • صعوبات التعلم.

الوسائل التشخيصية

عادةً ما يتم تحديد الإصابة بمتلازمة تيرنر أثناء الطفولة أو في سن البلوغ، ولكن يمكن في بعض الأحيان تشخيصها قبل ولادة الطفلة باستخدام بعض الاختبارات.

١- مرحلة الحمل والولادة

تظهر بعض الاختبارات الإصابة بالمتلازمة أثناء فترة الحمل، وهي:

  • فحص مصل الأم: وهو يعتمد على فحص العلامات التي تظهر احتمالية متزايدة لحدوث مشكلة صبغية لدى الطفلة، ويعتبر هذا الفحص أكثر شيوعاً عند النساء الحوامل الكبيرات في السن.
  • بزل السلى وأخذ عينات من الزغابات المشيمية: وذلك بأخذ عينات من السائل الأمنيوسي أو الأنسجة المشيمية وتحليل النمط النووي، مما يمكن أن يظهر نتائج تدل على الإصابة بمتلازمة تيرنر.
  • التصوير بالموجات فوق الصوتية: وقد تظهر أن الطفلة تعاني من بعض سمات متلازمة تيرنر، كمشاكل القلب أو الكليتين أو الوذمة اللمفاوية.
٢- مرحلة الطفولة

في بعض الأحيان يتم تشخيص الإصابة بعد الولادة بفترة وجيزة أو أثناء الطفولة المبكرة بسبب الأعراض المشاهدة.

إلا أن التشخيص قد يتأخر حتى بلوغ سن الرشد أحياناً، وقد تمر المصابات بمرحلة البلوغ والدورات الشهرية، ولكن غالباً ما يعانين من قصور المبيض المبكر.

العلاج

متلازمة تيرنر حالة وراثية لا يوجد علاجٍ شافٍ لها، ولكن العلاج المتوفر يمكن أن يساعد في حل مشاكل قصر القامة والتطور الجنسي وصعوبات التعلم.

تعتبر الرعاية الوقائية المبكرة مهمة للحد من حدوث المضاعفات، فمثلاً يحتاج ضغط الدم والغدة الدرقية إلى مراقبة متكررة، ويجب إعطاء أي علاج ضروري على الفور. كما يمكن أن يقلل علاج عدوى الأذن الداخلية من حدوث مشاكل السمع في وقت لاحق من الحياة.

١- العلاج الهرموني

يشمل العلاج الهرموني إعطاء هرمون الإستروجين "Estrogen" والبروجسترون "Progesterone" وهرمون النمو "Growth hormone".

حيث يجب أن يبدأ العلاج بهرمون النمو إذا لم تنمو الفتاة بشكل طبيعي، وذلك للحد من قصر القامة، فقد يؤدي الحقن اليومي لهرمون النمو إلى إضافة 10 سنتيمترات إلى الطول النهائي، ويبدأ هذا العلاج عادةً من سن 9 سنوات.

كما أن العلاج ببدائل هرمون الإستروجين وهرمون البروجسترون يساعد على التطور الجنسي ويقلل من خطر الإصابة بهشاشة العظام. ويمكن أن تظهر اختبارات الدم مقدار الهرمون الذي ينتجه جسم المريضة بشكل طبيعي. ويبدأ العلاج ببدائل الإستروجين في بداية سن البلوغ، أي في عمر 14 عاماً تقريباً، ويُعطى البروجسترون لاحقاً لتحفيز الدورة الشهرية.

يستمر العلاج بالهرمونات الجنسية لبقية حياة المريضة، ويمكن إعطاؤه على شكل أقراص أو حقن أو لصاقات. ويحتاج حوالي 90% من الفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر إلى علاج هرموني لتحفيز البلوغ وتعزيز النمو.

وفي حال الرغبة بالحمل يمكن أن يكون الإخصاب في المختبر (IVF) ضرورياً، ويحتاج الحمل إلى مراقبة دقيقة، بسبب الضغط الإضافي على القلب والأوعية الدموية.

٢- المشاكل النفسية والتعلمية

يمكن أن تساعد الاستشارة النفسية المريضات اللواتي تعانين من مشاكل نفسية. كما يمكن تقديم المساعدة في مجال التعلم لأولئك اللواتي لديهن مشاكل في الحساب والمفاهيم المكانية ومهارات الذاكرة وحركات الأصابع الدقيقة.