السمنة: كيف يتم تصنيفها وما هي مخاطرها؟

الكاتب - أخر تحديث 12 نوفمبر 2023

تعتبر حالة السمنة والبدانة من المشاكل الصحية الشائعة والتي لا تقتصر آثارها على زيادة الوزن أو شكل الجسم الخارجي غير متناسق، بل تتعدى ذلك حيث تصحبها مضاعفات وأمراض واضطرابات صحية متنوعة بعضها يكون خطير وقد يهدد حياة الشخص.

فما هي حالة السمنة، وما أسبابها، وكيف يمكن التعامل معها؟

تعريف السمنة والبدانة وتصنيفها

تعرف حالة السمنة "Obesity" بأنها حالة يحدث فيها زيادة في عدد وحجم الخلايا الشحمية والنسيج الشحمي في الجسم، بالتالي تتراكم هذه الزيادة في الشحوم تحت الجلد وفي منطقة البطن والأرداف بشكل خاص وتبدأ علامات البدانة بالظهور.

يستخدم لتحديد وجود البدانة وزيادة الوزن من عدمه مقياس خاص يعرف باسم مشعر أو مؤشر كتلة الجسم "Body Mass Index". يقيس هذا المشعر كتلة الجسم ونسبة الشحوم في الجسم من خلال حساب نسبة ومعدل طول الجسم على وزنه. حيث يتم حساب مشعر كتلة الجسم (BMI) بتقسيم وزن الشخص مقدراً بالكيلوغرام على مربع طول هذا الشخص مقدراً بالمتر، وتصنف النتائج بشكل تقريبي وفق ما يلي:

  • مشعر كتلة الجسم بين 18.5 حتى 25 فالوزن يكون طبيعي.
  • مشعر كتلة الجسم بين 25 حتى 30 تعرف بأنها حالة زيادة في الوزن.
  • مشعر كتلة الجسم فوق 30 فهي حالة سمنة وبدانة، والتي بدورها تقسم إلى:
    • سمنة درجة أولى إذا كان المشعر يصل حتى 35
    • سمنة درجة ثانية إذا كان المشعر بين 35 و40
    • السمنة الشديدة إذا كانت قيمة المشعر فوق 40

ووفقاً لإحصائيات مركز التحكم ومنع الأمراض في الولايات المتحدة (CDC) في عام 2020 فإن نسبة انتشار البدانة وزيادة الوزن وصلت لحوالي 41% بين السكان. (1)

وقد سجلت احصائيات منظمة الصحة العالمية (WHO) ارتفاع في نسبة انتشار البدانة بين الأطفال والشباب عالمياً بين عامي 1975 و2016 بحوالي أربعة أضعاف. (2)

الأسباب والعوامل التي تؤدي لحدوث السمنة

تتطور حالة زيادة الوزن والبدانة بشكل تدريجي مع الوقت. وتكون الآلية الرئيسية لحدوث السمنة في أغلب الحالات هي اختلال التوازن بين كمية الطاقة التي يتم الحصول عليها عن طريق الطعام وكمية الطاقة التي يتم حرقها واستهلاكها من قبل الجسم. حيث تكون كمية الطاقة والطعام الداخل للجسم أعلى من الطاقة التي يستهلكها.

يتحول الطعام بعد دخوله للجسم لطاقة وسعرات حرارية "Calories" يستخدم الجسم ما يحتاجه من هذه السعرات للقيام بالعمليات الحيوية المختلفة. وبعد انتهاء الجسم من استهلاك السعرات اللازمة يقوم بتخزين السعرات الحرارية. وهذه الطاقة الفائضة عن حاجة الجسم يتم تحويلها لنسيج شحمي وشحوم تخزن في الجسم.

ويعد استمرار هذا الأمر وحصول الجسم بشكل متكرر على سعرات حرارية عالية دون صرفها يزيد من حجم النسيج الشحمي بالتالي يصل الجسم لمرحلة البدانة.

تسهم العديد من العوامل في حدوث اختلال التوازن في استهلاك الطاقة في الجسم وتطور السمنة، وتشمل أبرز هذه العوامل ما يلي:

١- قلة النشاط البدني

تؤدي قلة الحركة وممارسة الأنشطة الجسدية من رياضة وغيرها في تطور البدانة. حيث يعتبر النشاط الفيزيائي وتحريك العضلات وتقويتها من العوامل المهمة التي تساعد على استهلاك كميات طاقة أعلى والتخفيف من النسيج الشحمي المخزن في الجسم بالإضافة إلى فوائدها الصحية الأخرى العديدة.

٢- اتباع سلوك طعامي غير صحي

تؤثر نوعية الطعام التي يتناولها الشخص وطريقة الحمية الغذائية على حدوث السمنة وزيادة الوزن من خلال:

  • تناول كميات كبيرة من الطعام مما يؤدي للحصول على سعرات حرارية تفوق حاجة الجسم.
  • تناول أطعمة تحوي كميات عالية من الدهون المشبعة "Saturated fats" حيث لهذه الدهون دور في زيادة الوزن.
  • تناول أغذية تحوي كميات عالية من السكر المضاف كالمشروبات المحلاة والمخبوزات الجاهزة. حيث أن هذه الكميات الإضافية من السكر ستتحول لسعرات حرارية إضافية للجسم وسيتم تخزينها كنسيج شحمي.

٣- اضطراب وقلة النوم

إن الحصول على فترات نوم غير كافية أو متقطعة يساهم في تطور السمنة. وذلك لأن قلة النوم تسبب اضطرابات هرمونية على مستوى الجسم ومن ضمنها الهرمونات التي تسبب الشعور بالجوع. وهذا بالتالي يؤدي لتناول كميات أكبر من الطعام وازدياد احتمال حدوث السمنة.

٤- القلق والتوتر النفسي

يؤثر القلق والضغط النفسي المستمر على التوازن الهرموني في الجسم وإنتاج الهرمونات. ويكون جزء من هذه الهرمونات مسؤولاً عن عملية الاستقلاب وإنتاج واستهلاك الطاقة مثل هرمون الكورتيزول "Cortisol" وغيره. بالتالي فإن حدوث هذا الخلل الهرموني بفعل التوتر يحرض على تطور السمنة.

٥- بعض الحالات الصحية والأمراض

تسبب بعض الأمراض والحالات الصحية سواء كانت غير مشخصة أو معالجة بشكل صحيح في المساعدة على حدوث السمنة. وذلك لأن هذه الحالات تؤثر على قدرة الجسم على التحكم بكمية السعرات الحرارية واستهلاكها وتخزينها، وتشمل أبرز هذه الحالات والأمراض:

٦- العوامل الوراثية

وجد ارتباط للمورثات والعوامل الوراثية بحدوث البدانة عند بعض الأشخاص. حيث حددت حوالي 15 مورثة على الأقل تؤثر وترتبط بحدوث السمنة بعدة آليات مثل التأثير على عملية تحويل الحريرات والطاقة الزائدة لنسيج شحمي وتسريعها أو زيادة الشهية للطعام وغيرها من التأثيرات.

٧- بعض أنواع الأدوية

ان تناول بعض أنواع الأدوية لعلاج الحالات المختلفة يمكن أن يؤثر على وزن الجسم وحصول السمنة، وأبرز هذه الأدوية ما يلي:

الأعراض والمضاعفات المرتبطة بالبدانة

تسبب الإصابة بالسمنة حدوث العديد من التأثيرات والمشاكل الجسدية سواء على المدى القريب أو البعيد. وتتضمن أبرز الأعراض الجسدية المباشرة التي تظهر بفعل البدانة ما يلي:

  • ظهور الزلة التنفسية وتسرع النفس عند ممارسة الجهد.
  • التعرق الزائد والمفرط.
  • تطور للشخير وأصوات التنفس أثناء النوم.
  • صعوبة في ممارسة وتأدية الأنشطة البدنية.
  • الشعور بآلام في الظهر والمفاصل.
  • الشعور بالتعب بسرعة.

كما ترتبط السمنة المزمنة وغير المعالجة بزيادة خطر حدوث العديد من الأمراض والاضطرابات الصحية التي تكون خطيرة في بعض الأحيان. ومنها:

العلاج والوقاية

تعتبر عملية التخلص من السمنة والبدانة واستعادة الوزن الطبيعي عملية صعبة وتحتاج لاتباع عدة آليات وطرق بشكل متوازي إضافة لالتزام الشخص بهذه الطرق والتعليمات، وتشمل أبرز الخيارات العلاجية والوقائية للسمنة ما يلي:

١- الحمية الصحية المتوازنة

يعد النظام الغذائي المتوازن والصحي حجر الأساس في أي عملية لضبط الوزن وخسارته ومنع تطور السمنة. وتعتمد فكرة الحمية الصحية على تناول المقدار المناسب للجسم من السعرات الحرارية بدون زيادة والابتعاد عن الأطعمة الضارة وعالية الطاقة.

يتم وضع النظام الغذائي واستراتيجيات لتناول الطعام وفقاً لكل حالة من حالات البدانة بعد معاينتها من طبيب متخصص في التغذية. وتشمل أبرز استراتيجيات الحمية الصحية ما يلي:

  • الحصول على حاجة الجسم الدنيا من السعرات الحرارية.
  • تقليل استهلاك اللحوم الحمراء والدهون.
  • زيادة استهلاك الفواكه والخضراوات.
  • التقليل أو الابتعاد نهائيا عن الوجبات السريعة والأطعمة الجاهزة.
  • زيادة استهلاك المياه والابتعاد عن المشروبات السكرية والصودا والعصائر الصناعية ومشروبات الطاقة.

٢- ممارسة التمارين الرياضية

إن رفع النشاط البدني وممارسة الرياضة بأشكالها المختلفة يساهم بشكل محوري في عملية خسارة الوزن ومكافحة تطور السمنة. حيث تؤدي ممارسة التمارين الرياضية لزيادة استهلاك السعرات الحرارية من أجل تأمين الطاقة اللازمة لتحريك وتقوية العضلات. وهذه الزيادة في استهلاك السعرات الحرارية تمنع تخزين الشحوم في الجسم من جهة وتساعد على حرق واستقلاب النسيج الشحمي الزائد والمتراكم المسبب للسمنة.

تقدر الحاجة الوسطية للتمارين الرياضية من 150 إلى 300 دقيقة أسبوعياً.

٣- الحصول على نوم كاف

يساهم النوم الكاف والحصول على راحة جيدة في عملية ضبط الوزن والشهية وتقليل خطر تطور السمنة، وذلك لأن نقص النوم والتعب يترافق مع اضطرابات هرمونية تؤثر على الشهية واستقلاب الطعام.

ينصح بالحصول عل 7-8 ساعات من النوم والراحة المتواصلة يومياً عند البالغين.

٤- الأدوية

قد يتم اللجوء لبعض الأدوية ووصفها لمرضى السمنة، وخصوصاً في الحالات التي قد لا تؤدي الإجراءات التقليدية فيها لخسارة وزن كافية أو جيدة.

تُسهم هذه الأدوية بعملية خسارة الوزن بعدة طرق مثل تخفيف الشهية للأكل أو منع امتصاص الأطعمة من الأمعاء أو زيادة حرق واستهلاك السعرات الحرارية وغيرها من الآليات المساعدة على خسارة الوزن.

٥- الجراحة وزرع الأجهزة الطبية

يمكن تحقيق خسارة الوزن وعلاج السمنة من خلال اللجوء للتداخل الطبي والجراحي. ويتم ذلك عن طريق إما زرع أجهزة مؤقتة قابلة للإزالة تنقص كمية الطعام المتناولة أو اجراء جراحة بشكل مباشر على المعدة لتصغيرها وتقليل قدرتها على جمع وهضم الطعام.

ولكن لا يتم اللجوء إلى هذه التدابير إلا في حالات معينة وبموافقة طبيب التغذية والطبيب العام المسؤول عن متابعة الحالة.

وتتضمن أبرز العلاجات التداخلية والجراحية:

أ- البالون ضمن المعدة "Gastric Balloon"

يتضمن هذا الاجراء ادخال بالون قابل للنفخ إلى معدة المريض عن طريق التنظير الهضمي ومن ثم نفخه ضمن المعدة.

يسبب نفخ هذا البالون نقص في سعة المعدة وفي الحجم المخصص لاستقبال الطعام، وهذا يعني كمية طعام أقل والاحساس بالشبع أسرع. وهذا يساهم في خسارة الوزن وعلاج السمنة، وهو يوضع عادة من 6-9 أشهر ومن ثم يمكن ازالته بسهولة عن طريق التنظير.

ب- عملية قص المعدة "Gastrectomy"

عملية قص المعدة هو اجراء جراحي يتم تحت التخدير العام. يتم فيه الوصول للمعدة التي تكون كبيرة عادةً واستئصال جزء كبير منها، ومن ثم خياطتها وجعلها أصغر حجماً لتقليل كمية الطعام التي يمكن أن تستقبله، بالتالي لتقليل كمية السعرات الحرارية وتخفيض الوزن.

ج- عملية ربط المعدة "Gastric band"

في هذه العملية لا يتم قص المعدة بل يتم وضع رباط مخصص مهمته تقليل حجم المعدة، حيث يقوم هذا الرباط بالضغط على جزء من المعدة واغلاقه وعزله وبالتالي لا يشارك بعملية الهضم وتخزين الطعام وهذا يقلل من كمية الطعام التي يتناولها المريض.