التقنيات المساعدة على الإنجاب

المراجعة الطبية - OB/GYN
الكاتب - أخر تحديث 17 أكتوبر 2022

يستمر العلم في التطور بحثاً عن التقنيات الجديدة التي من شأنها تحسين حياة الإنسان وتجاوز مشاكله، ومن هنا تأتي التقنيات المساعدة على الإنجاب لمساعدة الأزواج في تجاوز مشكلة العقم.

ولا بد للمتزوجين الذين يعانون من مشاكل الإنجاب أن يعرفوا أهم هذه التقنيات الحالية المتوافرة وطرق تطبيقها وكيفية اختيار الطريقة المناسبة لكل حالة من الحالات.

لمحة عامة حول العقم

يمكن تعريف حالة العقم بشكل عام بعدم حصول الحمل لدى الأنثى بعد مرور سنة أو أكثر على ممارسة الجماع وبشكل منتظم بين الزوجين وذلك من دون استعمال أية وسائل منع للحمل من قبل الزوجين.

هنالك حالات عقم ناتجة عن أسباب متعلقة بالذكر أو الأنثى، وهنالك حالات تتعلق بكليهما.

ولا يعاني الشخص المصاب بالعقم من أية أعراض غالباً، إلا أنه وفي بعض الحالات قد يبدي أعراض المرض أو السبب المؤدي للعقم.

وللعقم أسباب كثيرة منها ما هو معروف ومنها ما زال جاري البحث عنه، فقد تكون الأسباب هرمونيةً أو بنيويةً، أو ناتجةً عن عمل جراحي سابق، أو حتى عن أسباب إنتانية.

وتعتبر معرفة السبب هي بداية العلاج، ولوضع التشخيص وتحديد السبب، يجري الطبيب مقابلة للزوجين سويةً وأخذ القصة الكاملة منهما، والسؤال عن وجود سوابق عائلية أو وجود علاجات سابقة أو تعرضهما لأي جراحة في السابق.

ومن ثم يطلب إجراء مجموعة من الفحوصات قد تكون متعلقةً بالاثنين أو بأحدهما.

وقد يجري الرجل تحليل السائل المنوي بدايةً في أغلب حالات العقم لكشف أي اضطراب في النطاف الذكرية.

ومن ثم يمكن إجراء باقي الفحوصات الدموية والهرمونية والشعاعية للجنسين حسب الضرورة.

أهم التقنيات المساعدة على الإنجاب

يمكن توصيف هذا المفهوم أنه جميع الإجراءات الجراحية والعلاجات الدوائية التي من شأنها تجاوز حالة العقم الموجودة لدى أحد الزوجين أو كلاهما.

ويتم اختيار التقنية الأفضل لكل حالة على حدى، كما يمكن محاولة تطبيق أكثر من طريقة للوصول للهدف المطلوب، وهو الحمل.

إلا أن هذه الإجراءات ذات كلفة مادية عالية نسبياً بأغلبها، مما قد يعيق تطبيقها لدى البعض.

ويمكننا أن نذكر أهمها:

1- التلقيح ضمن المختبر "IVF"

تعتبر من أنجح التقنيات المساعدة على الإنجاب الحالية وأكثرها شيوعاً، وفيها يتم أخذ البويضات الأنثوية والنطاف الذكرية ووضعها في مكان واحد ليحدث الإلقاح من قبل النطاف بشكل تلقائي.

ليتم بعد ذلك أخذ البيوض الملقحة بعد اختيار أفضلها بين اليومين الثاني حتى الخامس من الإلقاح، ثم يتم وضعها ضمن رحم المرأة لتتابع نضجها وتصبح جنيناً ناضجاً.

وتصل نسبة نجاح هذه التقنية بشكل عام حوالي 32% من مجمل الحالات المطبقة على النساء اللاتي تقل أعمارهن عن 35 سنة، وتقل نسب النجاح مع تقدم المرأة في العمر. (1)

ويمكن تطبيق هذه التقنية لدى النساء اللاتي يعانين مما يلي:

  • تخرُّب في "أنبوب فالوب"، أحد أجزاء السبيل التناسلي الأنثوي
  • حالة بطانة الرحم المهاجرة "إندوميتريوز"
  • مشاكل في عملية الإباضة الأنثوية
  • قد تكون هذه التقنية ناجحةً لدى بعض حالات العقم مجهولة السبب
أنماط للتلقيح ضمن المختبر

هناك ثلاثة أنماط للتلقيح ضمن المختبر وهي:

  • التلقيح الطبيعي ضمن المختبر: وفيه تحدث العملية من دون إعطاء المرأة أية أدوية محرضة للإباضة.
    • يتم بهذا التليقح أخذ البيوض الناضجة مباشرة ضمن فترة الإباضة الشهرية ليحدث التلقيح ضمن المختبر.
  • التلقيح المُحرَّض بشكل خفيف ضمن المختبر: وفيه يتم إعطاء أدوية محرضة للإباضة بسبب وجود مشاكل في عملية الإباضة لدى الأنثى، وبالتالي لا داعي لانتظار فترة الإباضة الشهرية الطبيعية.
  • التلقيح مع إنضاج البويضات ضمن المختبر: تعتبر هذه التقنية حديثة التطبيق وما زالت قليلة التجارب نسبياً. (2)
    • ويتم فيها أخذ البويضات الأنثوية من المبيض قبل أن تنضج ثم تتابع عملية نضجها ضمن المختبر، وعندما تصل إلى مرحلة مناسبة يتم مزجها مع النطاف الذكرية لتتابع العملية كما باقي التقنيات.
    • ومن ميزات هذه التقنية الحديثة عدم حاجة الأنثى لأخذ الأدوية والهرمونات المحرضة للإباضة.

2- حقن النطاف ضمن المادة الخلوية للبويضات الأنثوية "ICSI"

تعتبر هذه التقنية شبيهة بسابقتها إلا أنه يتم فيها حقن النطفة مباشرةً ضمن البويضة الأنثوية بدلاً من وضعها بجانب بعضها، وبالتالي فإن فرص حدوث الإلقاح سترتفع.

ويمكن تطبيق هذه التقنية في الحالات التالية:

  • انخفاض أعداد النطاف في السائل المنوي
  • ضعف حركة النطاف الذاتية
  • وجود نسبة عالية من النطاف المشوهة الشكل
  • الحالات التي ينعدم فيها وجود النطاف في السائل المنوي على الرغم من تواجدها بشكل طبيعي ضمن الخصيتين.
  • حالات العقم الناتجة عن تشكيل أجسام مضادة للنطاف تمنعها من أداء عملها بالشكل الأمثل.
  • حالة "القذف الراجع"، والتي لا تخرج فيها النطاف من القضيب، إنما تعود إلى داخل المثانة.

مع الإشارة إلى أن نسبة نجاح حدوث الإلقاح باستخدام هذه التقنية أقل من سابقتها. (3)

3- حقن النطاف ضمن الرحم "IUI"

وهي من التقنيات المساعدة على الإنجاب المعروفة، ويتم خلالها أخذ النطاف واختيار أفضلها ليتم بعدها حقنها ضمن الرحم في فترة حدوث الإباضة الطبيعية للمرأة.

كما قد تصل نسب نجاح هذه التقنية إلى 20% من مجمل المحاولات للمرأة تحت سن 35، ويمكن تطبيقها في الحالات التالية:

  • لدى النساء اللاتي يعاني من تقرحات أو اضطرابات في عنق الرحم
  • الرجال الذين يعانون من قلة عدد النطاف
  • الرجال الذين يعانون من ضعف في حركة النطاف
  • وجود مشاكل في عملية القذف لدى الرجل
  • في حالة كان الزوجان يعانيان من صعوبة في الجماع أو عدم وجود رغبة ذاتية في ذلك
  • حالة القذف الراجع لدى الذكر
  • استخدام نطاف من متبرِّع

4- نقل النطاف الذكرية إلى داخل قناة فالوب الأنثوية "GIFT"

تعد هذه الطريقة شبيهة بتقنية الإخصاب خارج المختبر من ناحية جمع النطاف الذكرية بالويضات الأنثوية.

إلا أنها لا تتم ضمن المختبر وإنما يتم حقن النطاف بتقنيات خاصة متطورة جداً ضمن قناة "فالوب".

وتتوضع هنالك البويضات بشكل طبيعي بعد الإباضة، ليحصل الإلقاح ضمن قناة "فالوب".

كما يمكن اتباع هذه الطريقة في حالة عدم رغبة الزوجين إجراء الإلقاح ضمن المختبر، وتتميز هذه التقنية بنسبة نجاح تصل حتى 25% للنساء فوق سن ال39، وما زال العمل مستمر لتحسين نسب نجاحها.

5- نقل البويضات الملقحة إلى داخل أنبوب فالوب "ZIFT"

تختلف هذه التقنية عن سابقتها بإجراء الإلقاح خارج الرحم ضمن المختبر ومن ثم إعادة البيضة الملقحة مباشرةً إلى قناة "فالوب". (4)

وهذا أيضاً الفرق بينها وبين تقنية الإلقاح ضمن المختبر "IVF"، التي يتم فيها الانتظار حوالي يومين حتى 5 أيام بانتظار أن تتطور البيضة الملقحة قليلاً، كما يبلغ معدل نجاح هذه التقنية حوالي 28%.

6- التفقيس بواسطة الليزر "LAH"

تستخدم هذه الآلية كآلية مساعدة للتقنيات الأخرى المساعدة على الإخصاب، كما في حال استخدام الإلقاح ضمن المختبر.

ويمكن اللجوء لها في حال تصلب "المنطقة الشفافة" المحيطة بالبويضة الأنثوية.

وحدوث تصلب في هذه المنطقة يجعل من عبور النطفة الذكرية إلى داخل البويضة أمراً غير ممكن.

لذلك يحدث جهاز الليزر فتحةً في هذا الغشاء يسمح بعبور النطفة إلى الداخل، ويدعى ذلك بـ "التفقيس".

7- التبرع بالنطاف

يتم اللجوء إلى هذا الإجراء في حال قلة عدد النطاف بشدة لدى الزوج أو انعدامها، أو في حال وجود أمراض جينية لدى الرجل والخوف من انتقالها إلى الأبناء.

ويمكن أخذ نطاف من مراكز مخصصة لذلك، وتكون هذه النطاف قد جرى فحصها وتحليلها وانتقاء الأفضل منها.

8- التبرع بالبويضات

يطبق هذا الإجراء في حال كانت البويضات التي تنتجها الأنثى غير سليمة أو تحمل أمراضاً وراثيةً خطيرةً.

حيث يتم أخذ البويضات من مراكز التبرع بالبويضات، ومن ثم تجرى عملية التلقيح باستخدام نطاف الزوج ضمن المختبر باستخدام تقنيات الإخصاب.

ومن الحالات التي تتطبق فيها هذه الآلية:

  • إصابة المرأة بحالة القصور المبيضي المبكر، أي توقف إنتاج البويضات من المبيض في سن أقل من 40 سنة.
  • معالجة المرأة بالأشعة أو بالعلاج الكيميائي، وبالتالي وجود اضطراب في عملية الإباضة لدى المرأة.
  • استئصال المبيضين الجراحي لدى المرأة
  • انعدام وجود المبيضين الخلقي
  • وجود أمراض وراثية معروفة لدى عائلة المرأة
  • نقص جودة البويضات المتشكلة في المبيضين
  • دخول المرأة في سن اليأس

9- اللجوء للحامل البديلة

في حال عدم قدرة الزوجة على الحمل يمكن اللجوء في بعض الحالات بعد موافقة الزوجين إلى أم أخرى بديلة.

ويكون ذلك بطريقتين اختياريّتين إما تلقيح نطاف الذكر مع بويضات أنثى أخرى ضمن المختبر ووضع البيضة الملقحة بعد ذلك ضمن رحم الأنثى البديلة المتبرعة لتتطور حتى الولادة، فيكون في هذه الحالة الجنين تابعاً بيولوجياً للزوج والأم البديلة.

أو أنه في حال وجود مشكلة في رحم الزوجة فقط، مع سلامة إنتاجها للبيوض فيمكن عندها أخذ النطاف من الزوج والبويضات من الزوجة.

وبعد تلقيحها سويةً يتم أخذ البيضة الملقحة وغرسها ضمن رحم أنثى متبرعة أخرى حتى مرحلة الولادة.

فيكون عندها الجنين تابعاً جينياً للزوجين بشكل كامل.

10- نقل المضغة المجمدة "FET"

يطلق اسم "المضغة" على البيضة الملقحة بعد حصول عدة انقسامات تطورية فيها، حيث توجد في بعض البلدان مراكز خاصة لتجميدها.

ويمكن للزوجين اللجوء لهذا الحل في حال فشل باقي الخيارات والتقنيات العلاجية السابقة مع سلامة الرحم.

وفي هذه الحالة قد تكون النطاف الذكرية والبويضات الأنثوية غير مناسبةً للحمل لوجود أمراض وراثية خطيرة أو لانعدام وجودها أساساً أو لأسباب أخرى.

وتؤخذ هذه المضغة من المراكز المسؤولة عن تجميدها ويتم غرسها في رحم الزوجة لتتابع تطورها.

ويمكن لهذه المضغة أن تكون من إنتاج الزوجين، ولكنه تم تجميدها سابقاً ووضعها في مركز التبرع لوقت لاحق بسبب إمكانية تعرض الزوجين لمرض أو عمل جراحي قد يمنع إنتاج النطاف أو البويضات لاحقاً.

ومثال على ذلك عملية الدوالي أو استئصال الخصيتين أو المبيضين لأسباب سرطانية، أي أنه ليس بالضرورة أن تكون المضغة من متبرعين.

وقد تكون هذه التقنية محدودة الاستعمال أو غير مطروقة في بعض المجتمعات لأسباب دينية أو فكرية، لكن لابد من الإشارة لها لدورها في تجاوز حالة العقم.

نسب نجاح التقنيات المساعدة على الإنجاب

تزداد نسب نجاح الحمل باستخدام التقنيات المساعدة على الإنجاب السابقة شيئاً فشيئاً، وذلك من خلال تطوير التقنيات الموجودة حالياً أو بتطوير آليات جديدة.

وبشكل عام تكون نسب النجاح هذه متعلقةً بشكل أساسي بعمر الزوجة (5) كما يلي:

  • تبلغ النسبة لدى النساء تحت سن 35 حوالي 29%
  • لدى النساء التي تتراوح أعمارهن بين 35 وحتى 37 سنة حوالي 24%
  • بين عمر 38 وحتى 40 سنة حوالي 18%
  • بينما قد تصل نسبة النجاح إلى أقل من 7% لدى اللاتي تزداد أعمارهن عن 42 سنة

الاختلاطات المتعلقة بالتقنيات المساعدة على الإنجاب

قد تؤدي التقنيات المساعدة على الإخصاب لحصول حمل توأمي، أي حصول حمل بأكثر من جنين سويةً.

لكن الاختلاطات الأخرى ذات صلة بالهرمونات والعلاجات التي تأخذها الزوجة تحضيراً لإجراء التقنية المراد تطبيقها.

ومن هذه الاختلاطات:

  • الإجهاض
  • السكري الحملي
  • حالة "ما قبل الإرجاج"
  • الحاجة لإجراء القيصرية الولادية
  • انخفاض وزن الجنين المولود أو ولادة جنين قبل الأوان
  • حالات وفاة الجنين ما حول الولادة
  • متلازمة فرط تحريض المبيض وهي حالة تصيب المبيض نتيجة الأدوية المحرضة للإباضة فيزدادد نشاطه بشكل كبير.
  • إلحاق أضرار بنيوية في المثانة أو الأمعاء أو الشرايين أثناء إجراء سحب للبويضات من المبيض.
  • القلق والتوتر والاكتئاب الناتج عن خوف الزوجين من الفشل أو من الضغوط المادية والنفقات التي يتحملانها لإجراء محاولة الحمل.
  • حصول "الحمل الهاجر" أو الحمل خارج الرحم، وهو حصول الحمل في مكان ما غير الرحم، على سبيل المثال في قناة "فالوب" أو في البطن حتى وذلك في حالات نادرة، وتزداد هذه الحالة بشكل ملحوظ باتباع التقنيات السابقة.

في الختام لا بد من توضيح الأهمية الكبيرة للتقنيات المساعدة على الإنجاب وأثرها الكبير على المجتمع، فقد ساهمت هذا التقنيات بتحسين حياة البعض وبمساعدتهم على تجاوز المشاكل المتعلقة بالعقم.