ما هو التوازن الهرموني وكيف يمكن الحفاظ عليه؟

الكاتب - 27 سبتمبر 2023

إذا كنت تتساءل عن سبب قيام الجسم بمهامه بكفاءة أو كيف ينظم العديد من الأنظمة والوظائف المختلفة في الجسم، فإن الجواب يكمن في التوازن الهرموني. حيث تلعب الهرمونات دوراً حيوياً في تنظيم العديد من العمليات الحيوية مثل النمو، والتطور، والأيض، والتكاثر، وغيرها.

في هذه المقالة، سنشرح المفهوم الأساسي للتوازن الهرموني وكيف يمكن أن يؤدي انقلاب هذا التوازن إلى مشاكل صحية متنوعة.

الهرمونات وأهميتها

الهرمونات "Hormones" هي عبارة عن موادٍ كيميائية يتم فرزها من الغدد الصماء في الدم مباشرةً، وبدوره فهو يحملهم إلى الأعضاء والأنسجة المختلفة في الجسم لتمارس وظائفها المتنوعة.

وهناك العديد من أنواع الهرمونات التي تؤدي وظائف مختلفة بما في ذلك ما يلي:

  • التطور والنمو
  • استقلاب المواد الغذائية
  • الوظيفة الجنسية والصحة التناسلية
  • الوظيفة المعرفية والمزاج
  • الحفاظ على درجة حرارة الجسم والعطش

تُفرز الهرمونات من الغدد الصماء في الجسم، نذكر منها على سبيل المثال الغدة النخامية والغدة الدرقية والخصيتين والمبيضين وغيرها. تفرز هذه الأعضاء الهرمونات بكمياتٍ مجهرية، وفي الواقع يمكن لكمياتٍ صغيرةٍ جداً من الهرمون، زيادةً أو نقصاناً أن تحدث تغيراتٍ كبيرةً في الجسم.

أي أن التوازن الهرموني "Hormonal balance" يعتمد على وجود المستويات الصحية من الهرمونات في الدم، وأي خلل في هذه المستويات يسبب حالة من عدم التوازن الهرموني.

ويمكن أن يعاني الشخص من العديد من أنواع الاختلالات الهرمونية؛ وتختلف المخاطر والأعراض والمشاكل التي تحدث عند الشخص باختلاف نوع الهرمونات غير المتوازنة.

أعراض عدم التوازن الهرموني

تختلف أعراض عدم التوازن الهرموني باختلاف الغدة المتأثرة وجنس المريض أيضا، حيث تشمل الأعراض الشائعة:

  • تقلبات المزاج مثل العصبية والاكتئاب
  • اضطرابات في الجهاز الهضمي مثل الإمساك أو الإسهال
  • عدم انتظام الدورة الشهرية عند الإناث
  • اضطرابات جنسية
  • العقم
  • تغيرات في الشعر كتساقط الشعر أو نموه في أماكن غير مألوفة مثل الظهر
  • تغيرات في الصوت
  • الأرق
  • الطفح الجلدي
أ- حب الشباب

يمكن أن يحدث حب الشباب بسبب الإفراط في إنتاج الزهم (الزيت) من قبل الغدد الدهنية للجلد، مما يمكن أن يسد المسام ويجذب الجراثيم التي تسبب التهاباً في الجلد.

ومن بعض الطرق التي يمكن أن تؤثر فيها الهرمونات على حب الشباب ما يلي:

  • يساعد هرمون تستوستيرون في تنظيم إنتاج الزهم، ويمكن أن تتسبب الكميات الزائدة منه في سد المسام، مما يؤدي إلى ظهور حب الشباب.
  • من المحتمل أن تلعب زيادة مستويات البروجسترون دوراً في حب الشباب المرتبط بالحمل، على الرغم من أن الأطباء ليسوا متأكدين من كيفية حدوث ذلك.
  • يمكن ظهور حب الشباب عند المرأة بعد انقطاع الطمث، وقد يكون ذلك بسبب التغيرات في مستويات هرموني الاستروجين والبروجسترون.
  • كما يمكن أن تعاني الإناث المصابات بمتلازمة المبيض متعدد الكيسات (PCOS) من حالةٍ شديدةٍ ومستمرةٍ من حب الشباب.
ب- زيادة الوزن

قد يؤثر اختلال التوازن الهرموني على عمليات الجسم المختلفة، مما يؤدي إلى زيادة الوزن، وتتضمن بعض الأمثلة على ذلك ما يلي:

  • تعمل هرمونات الغدة الدرقية على تنظيم الاستقلاب في الجسم، وإن نقص هرمونات الغدة الدرقية يمكن أن يبطئ الاستقلاب، مما يسبب زيادة الوزن.
  • يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات هرمون الاستروجين إلى زيادة الوزن في مرحلة انقطاع الطمث.
  • يمكن أن تؤدي الاختلالات الهرمونية الناجمة عن متلازمة المبيض متعدد الكيسات إلى زيادة الوزن أيضا.
  • يعاني أكثر من 80% من الأشخاص المصابين بداء كوشينغ من زيادةٍ في الوزن؛ يحدث هذا المرض بسبب إنتاج كميات زائدة من هرمون الكورتيزول.
ج- الحمل

يؤدي الحمل إلى تغير مستويات الهرمونات لتغذية الجنين المتنامي؛ وعلى الرغم من اختلاف مستويات الهرمون أثناء الحمل إلا أنها لا تكون بالضرورة غير متوازنة أثناء الحمل.

د- تساقط الشعر

يرتبط تساقط الشعر الذكوري بانخفاض الهرمونات الذكورية مثل هرمون تستوستيرون. ومع ذلك لا يصاب جميع الذكور بهذه الحالة على الرغم من أن مستويات الهرمونات لديهم تتغير مع تقدمهم في العمر. ويفسر الأطباء ذلك بأن بعض الرجال مؤهلون وراثياً لحدوث ذلك.

تشخيص اختلال التوازن الهرموني

قد يلاحظ المريض وجود علامات تدل على خلل الهرمونات لديه، إلا أنه من الضروري أن يتوجه إلى الطبيب للوصول إلى التشخيص الدقيق للحالة وترتيب خطة العلاج المناسبة.

من المحتمل أن يطرح الطبيب بعض الأسئلة حول الأعراض والتاريخ الطبي قبل إجراء الفحص الجسدي، وربما يطلب إجراء اختبارات لتأكيد الاختلالات، مثل:

  • اختبار الدم: يمكن للأطباء اختبار بعض الهرمونات، مثل هرمون الاستروجين أو هرمون تستوستيرون أو هرمون الغدة الدرقية.
  • الاختبارات التصويرية: مثل التصوير بالموجات فوق الصوتية أو الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) للكشف عن الخراجات أو الأورام التي يمكن أن تتسبب في إنتاج كميات زائدة من الهرمونات.
  • اختبارالبول: لقياس مستويات الهرمونات المتعلقة بالتحديد بالدورة الشهرية، مثل الهرمون المنمي للجريب (FSH).

العلاج

تختلف خطة العلاج التي يوصي بها الطبيب وفقاً للسبب الأساسي لعدم التوازن الهرموني. وتتضمن بعض الأمثلة على خيارات العلاج ما يلي:

  • العلاج بالبدائل الهرمونية
  • أدوية لحالاتٍ خاصة، مثل تلك المستخدمة في علاج فرط نشاط أو قصور الغدة الدرقية
  • الجراحة أو العلاج الإشعاعي للسيطرة على نمو الورم في حال وجوده

نصائح للحفاظ على التوازن الهرموني

هناك بعض الاستراتيجيات الي يمكن أن تساعد على الحفاظ على توازن الهرمونات في الجسم، ومنها ما يلي:

١- النوم

الحصول على قسط كاف من النوم يعتبر من أهم العوامل لتحقيق التوازن الهرموني. وفقاً لإحدى الدراسات قد تساهم الآثار الضارة التي يسببها اضطراب النوم على الهرمونات في حدوث: (1)

  • البدانة
  • السكري
  • مشاكل الشهية
٢- تجنب التعرض للكثير من الضوء في الليل

يمكن أن يؤدي التعرض للهواتف المحمولة أو شاشات الكمبيوتر في الليل إلى تعطيل دورة النوم.

وقد بينت إحدى الدراسات أن التعرض لأي إضاءة اصطناعية ساطعة في الليل قد تسبب تثبيط هرمون الميلاتونين، مما يمكن أن يؤثر سلباً على العديد من الوظائف. (2)

٣- التحكم في التوتر والإجهاد

تشير إحدى الدراسات إلى وجود صلةٍ بين الإجهاد وعمل الغدد الصماء ومستويات الهرمونات. حيث أن الإجهاد يؤدي إلى زيادة في مستويات الأدرينالين والكورتيزول. (3)

إذا ارتفعت مستويات الهرمونات للغاية فقد تسبب تعطيل التوازن الكلي وتساهم في عوامل مثل السمنة، والتغيرات في الحالة المزاجية، وحتى مشاكل القلب والأوعية الدموية. لهذا السبب من المهم إيجاد طرق للحد من التوتر والإجهاد والحصول على الراحة.

٤- التمارين البدنية

تذكر إحدى الدراسات أنه حتى جلسات التمرين القصيرة يمكن أن تساعد في تنظيم الهرمونات التي تتحكم في الشهية. حيث أشارت إلى أن النشاط البدني المنتظم يقلل من خطر مقاومة الأنسولين، والمتلازمة الاستقلابية، ومرض السكري من النمط الثاني. (4)

٥- تجنب السكريات

يلعب السكر دوراً في مشاكل مختلفة مثل الداء الاستقلابي ومقاومة الأنسولين بالتالي فأن تخفيف السكر قد يساعد في الحفاظ على التوازن الهرموني في الجسم. (5)

٦- تناول الدهون الصحية

قد تساعد الدهون الصحية في الحفاظ على توازن الهرمونات المتعلقة بالشهية والاستقلاب والشعور بالشبع.

حيث تشير دراسة إلى أن الأحماض الدهنية متوسطة السلسلة، قد تعمل على تنظيم الخلايا المسؤولة عن استجابة الجسم للأنسولين، مثل تلك الموجودة في زيت جوز الهند أو زيت النخيل الأحمر. (6)

٧- تناول الكثير من الألياف

تلعب الألياف دوراً مهماً في صحة الأمعاء، وتساعد أيضا في تنظيم الهرمونات مثل الأنسولين.

فقد أشهرت الدراسات أن بعض أنواع الألياف تعمل على موازنة مستويات الهرمونات الأخرى، بالتالي قد يساعد الشخص على الحفاظ على وزن صحي. (7)

٨- تناول الكثير من الأسماك الدهنية

يمكن أن تساهم المستويات العالية من الدهون في بعض الأسماك في صحة القلب والجهاز الهضمي، كما تفيد الدماغ والجهاز العصبي المركزي.

وتشير دراسة إلى أن تناول نظام غذائي غني بالأسماك الدهنية قد يساعد في الوقاية من اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب والقلق.وفي بعض الحالات  قد تساهم إضافة الأسماك الدهنية إلى النظام الغذائي في علاج هذه الاضطرابات. (8)

٩- عدم الإفراط في تناول الطعام

قد يؤدي الإفراط في تناول الطعام إلى مشكلاتٍ استقلابية على الأمد الطويل، كما أن إحدى الدراسات وجدت أن التغيرات الكبيرة في تناول الطعام على الأمد القصير يمكن أن يغير مستويات دوران الدهون وتزيد من الإجهاد التأكسدي. (9)

١٠- شرب الشاي الأخضر

الشاي الأخضر مشروب صحي يحتوي على مضادات الأكسدة والمركبات التي تعزز الاستقلاب. ومضادات الأكسدة هذه تساعد أيضا في السيطرة على الإجهاد التأكسدي أي عدم التوازن في نظام العوامل المؤكسدة والعوامل المضادة للتأكسد.

١١- الإقلاع عن التدخين

يمكن أن يؤدي دخان التبغ إلى حدوث خلل في التوازن الهرموني.

على سبيل المثال ووفقاً لإحدى الدراسات قد يغير الدخان مستويات هرمون الغدة الدرقية، ويحفز هرمونات الغدة النخامية، ويرفع مستويات الهرمونات الستيروئيدية، والتي ترتبط بالإجهاد. (10)