القولون العصبي: ضيف مزعج يسبب آلاماً مزمنة... إليك طرق التعامل معه

الكاتب - 19 مارس 2024

يمثل القولون العصبي ضيفاً مزعجاً ينغص حياة الكثيرين ويسبب تقلّباتٍ في حركة الأمعاء وآلاماً متكرّرةً واضطراباتٍ في الجهاز الهضمي.

في هذا المقال سنتعرف على متلازمة القولون العصبي، ونسلط الضوء على طرق التعامل معها لتحسين نوعية الحياة.

ما هو القولون العصبي؟

يعد القولون العصبي "Irritable bowel syndrome" الذي يرمز له اختصاراً "IBS" حالة شائعة وطويلة الأمد تؤثر في الجهاز الهضمي وتتميز بأعراض معوية مزمنة غالباً ما تستمر مدى الحياة لكن أعراضها تتغير بمرور الوقت.

ولا تشكل هذه المتلازمة خطراً مباشراً على الصحة كما أنها لا تسهم في زيادة فرص الإصابة بأمراض خطيرة مثل السرطان أو أمراض الأمعاء الأخرى.

إحصائيات حول القولون العصبي

تشير التقديرات الإحصائية وفقاً للمؤسسة الدولية لاضطرابات الجهاز الهضمي إلى أن 5 إلى 10% في العالم يعانون القولون العصبي. (1)

بينما تصيب هذه الحالة 25 إلى 45 مليون مواطن في الولايات المتحدة وحدها حيث تسجل ما بين 2.4 إلى 3.5 مليون زيارة سنوية للأطباء بسبب القولون العصبي. وتصيب هذه الحالة الإناث بنسبة 67% بينما تصيب الذكور بنسبة 33%.

وعلى الرغم من كثرة الإصابة بهذه المتلازمة إلا أنه لم يحدد سبب علمي دقيق حتى الآن لها.

الأعراض

يشكل القولون العصبي عبئاً على صحة المريض بسبب تنوع أعراضه، وتشمل هذه الأعراض تأثيرات على الجهاز الهضمي وتأثيرات أخرى على الجسم مثل ما يلي:

أولاً: أعراض الجهاز الهضمي

1- ألم البطن

يعدّ ألم البطن وعدم الراحة هو العرض الرئيسي لهذه المتلازمة، ويختلف وصف هذا العرض من شخص لآخر ويكون إما ألماً حاداً أو تشنجات أو انتفاخات في البطن أو الشعور بالامتلاء أو حرقان في المعدة.

وتحفز هذه الأنواع السابقة من الألم بعض العوامل مثل:

  • تناول أطعمة معينة مثل الأطعمة عالية الدهون أو الحامضية
  • تناول وجبة دسمة
  • الضغط النفسي

2- تغيرات في حركة الأمعاء

يعاني مرضى القولون العصبي تغيرات في حركة الأمعاء مثل ما يلي:

  • الإمساك
  • الإسهال
  • تناوب الإمساك والإسهال معاً
  • الشعور بالحاجة الملحة للتغوط
  • عدم الشعور بالراحة بعد عملية الإخراج

وقد يصاحب هذه التغيرات في بعض الحالات وجود مخاط في البراز.

ثانياً: أعراض غير مرتبطة بالجهاز الهضمي

يؤثر القولون العصبي في صحة المريض ويسبب له أعراضاً غير مرتبطة بالجهاز الهضمي مثل ما يلى:

  • اضطرابات النوم
  • القلق أو الاكتئاب
  • الألم العضلي الليفي أو الفيبروميالجيا "Fibromyalgia" حيث تظهر هذه الآلام في مناطق متفرقة من الجسم بالإضافة إلى الشعور بالتعب والإرهاق (2)
  • آلام الحوض المزمنة "Chronic Pelvic Pain" وهي آلام ثابتة ودائمة تقع في أسفل البطن في المنطقة التي توجد فيها أعضاء الحوض

ومن خلال سرد هذه الأعراض السابقة يتبين لنا تأثيرها في حياة المصابين حيث يعاني البعض منهم صعوبة في ممارسة أداء روتينه اليومي ومهام عمله بينما يتمكن آخرون من التعامل مع الأعراض بشكلٍ أفضل. لكن ما تجدر الإشارة إليه أن هذه الأعراض تتزايد مع فترات التوتر.

الأسباب النفسية لمتلازمة القولون العصبي

بينما لا يزال السبب الدقيق لمرض القولون العصبي غامضاً إلا أنه رُبط تفاقم الإصابة به بعدد من العوامل النفسية التي تلعب دوراً هاماً في ظهور أعراضه وشدتها. حيث أثبتت الدراسات الطبية أنّ الضغوطات النفسية مثل القلق والاكتئاب تزيد من حدة أعراض هذه الحالة.

بالإضافة إلى ذلك يسهم الخوف من حدوث نوبات القولون العصبي في زيادة وتيرة القلق والتوتر بما يخلق حلقة مفرغة بين استجابة المريض للاضطرابات النفسية وتزايد أعراض هذه المتلازمة.

وتجدر الإشارة إلى أن أعراض القولون العصبي لا تتزامن دائماً مع اضطرابات نفسية لكن يلاحظ أن المرضى الذين يعانون أعراضاً حادة للقولون العصبي أكثر عرضةً للاختلالات النفسية مثل القلق أو الاكتئاب.

من ناحية أخرى يترابط الجهاز العصبي المركزي والجهاز الهضمي بشبكة اتصال ثنائية الاتجاه تُعرف باسم محور الدماغ والأمعاء. ويلعب هذا المحور دوراً هاماً في نشأة مرض القولون العصبي. (3)

حيث يعاني معظم الأشخاص عند التعرض للضغوطات النفسية من تغيرات مؤقتة في حركة الأمعاء وعادات التغوط بما يسبب آلاماً في البطن. لكن تكون هذه الاستجابة أكثر حدة وتكراراً لدى مرضى القولون العصبي.

ويمكن أن تؤدي التغيرات في محور الدماغ والأمعاء إلى تقلصات معوية أقوى وأطول مدة بما يسبب أعراضاً أخرى مثل الانتفاخ والغازات والإسهال.

في المقابل تؤدي الانقباضات الضعيفة إلى إبطاء حركة الطعام في الأمعاء بما يسبب تصلّب البراز وجفافه وحدوث الإمساك.

في هذا السياق تكشف الدراسات الطبية عن علاقة وثيقة بين متلازمة القولون العصبي والاضطرابات النفسية مثل اضطرابات القلق والهلع والاكتئاب الشديد واضطراب ثنائي القطب والفصام. وتؤثر هذه الاضطرابات في تعامل المريض مع أعراض هذه المتلازمة.

وعلى الرغم من عدم وجود دليل قاطع على أن الاضطرابات النفسية تسبق أو تنتج عن هذه المتلازمة إلا أن انتشار الاختلالات النفسية بين مرضى القولون العصبي أعلى بكثير من المعدل الطبيعي بين عامة السكان.

نصائح

لا يقتصر علاج الأسباب النفسية لمتلازمة القولون العصبي على مجرد تخفيف الأعراض بل يتطلب نهجاً علاجياً شاملاً. لذلك ينبغي طلب المساعدة من اختصاصي الصحة النفسية وأمراض الجهاز الهضمي لتلقي التشخيص والعلاج المناسب لضمان التحسن على المدى الطويل.

كما توجد بعض الخطوات التي تسهم في التحكم في هذه المتلازمة مثل ما يلي:

1- الحد من التوتر

تسهم تقنيات إدارة التوتر مثل ممارسة تمارين التنفس العميق في تقليل ردة فعل الجسم تجاه المواقف النفسية والذهنية المرهقة بما يقلل من حدة أعراض الإصابة.

2- تعزيز اليقظة الذهنية

تساعد ممارسات اليقظة الذهنية مثل التأمل واليوغا على تنظيم محور الأمعاء والدماغ بما يسهم في تحسين صحة الجهاز الهضمي. كما تساعد هذه الممارسات على إدراك الأفكار السلبية والتحكم بها.

3- النشاط البدني المنتظم

تخفف ممارسة التمارين الرياضة بانتظام من أعراض الإصابة كما تقلّل من مستويات التوتر بما يعزّز صحة الأمعاء.

4- التغذية الصحية

يساعد اتباع نظام غذائي غني بالألياف على دعم صحة الأمعاء. كما ينبغي تجنب المهيّجات من الأطعمة والمشروبات التي تسبب عسر الهضم.

5- اتباع العلاج السلوكي المعرفي

يعيد العلاج السلوكي المعرفي "CBT" صياغة أنماط التفكير السلبية التي تفاقم أعراض القولون العصبي، كما يركز على كيفية التأثير الإيجابي لأفكارك ومعتقداتك ووجهات نظرك على مشاعرك وسلوكياتك.