خل التفاح وسر فقدان الوزن، حقيقة أم خرافة؟

الكاتب - أخر تحديث 8 يناير 2024

من الشائع استخدام الخل في إعداد مختلف الأطباق والمأكولات، حتى أن بعض الحميات والأنظمة الغذائية تشجع على إدخال خل التفاح فيها ليساعد على حرق الدهون وفقدان الوزن بسرعة. ولكن هل هذه الاعتقادات صحيحة أم هي مجرد إدعاءات لا يدعمها العلم، هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.

طريقة صنع خل التفاح

يتم تصنيع خل التفاح من سحق وتقطير التفاح ثم تخميره. ويمكن للمرء استهلاكه بكمياتٍ صغيرة أو كمكمل غذائي حيث من الممكن أن تكون المستويات العالية من حمض الأسيتيك في خل التفاح مسؤولةً عن الفوائد الصحية له. وعلى الرغم من اختلاف التوصيات في الجرعات إلا أن معظمها يتراوح بين ملعقة وملعقتين صغيرتين قبل الوجبات أو معها.

في الماضي كان أبقراط، الذي يُعتبر أبا الطب الحديث حوالي 420 قبل الميلاد، يعتقد أن حمض الأسيتيك الموجود في الخل له خصائص مطهرة ومضادة للالتهابات. وقد استخدمه لعلاج الجروح والحروق والأمراض الجلدية الأخرى. أما في الوقت الحاضر فقد أظهرت الأبحاث أن الخل يمكن أن يكون له العديد من الفوائد الصحية مثل السيطرة على مستويات السكر في الدم، وربما تخفيف كمية الدهون في الجسم.

في السنوات القليلة الماضية كان خل التفاح أحد أكثر المصادر الغذائية التي يتجه إليها الكثيرون كعاملٍ يعزز الصحة العامة، سواء أكان يؤخذ على شكل كبسولات أو كسائلٍ في حالته الطبيعية. ولا يزال الناس يتجهون إليه للمساعدة في مجموعةٍ متنوعةٍ من الأمور المتعلقة بالصحة، بما في ذلك فقدان الوزن.

ويرى الكثيرون أن شرب خل التفاح يمكن أن يساهم في علاج الكثير من المشاكل ومنها على سبيل المثال فقدان الوزن، ومعالجة حب الشباب وقشرة الرأس وحروق الشمس وحتى يستخدم في تنظيف القمصان أو الأواني.

الخل وحرق الدهون

في عام 2009 أجريت إحدى الدراسات على مجموعة أشخاص يعانون من السمنة المفرطة على مدار فترة 12 أسبوعاً. وقد فحص الباحثون تأثير الخل على الدهون في الجسم. حيث تم فصل المشاركين في الدراسة إلى ثلاث مجموعاتٍ بناءً على الوزن، ومؤشر كتلة الجسم، وقياس محيط الخصر. وقد تم اختيار استخدام خل التفاح لأنه يعتبر شكلاً مقبولاً من الخل. (1)

خلال تجربة الاختبار شرب المتطوعون مشروباً 500 مل يحتوي على 15 مل من الخل، أو 30 مل، أو 0 مل. وتمت مراقبة تناول الطعام وممارسة الرياضة للمشاركين بشكلٍ صارمٍ وتسجيله بدقة خلال الدراسة.

أظهر المشاركون الذين شربوا جرعات منخفضة وعالية من الخل نتائج إيجابية. وبحلول الأسبوع الرابع أظهر المشاركون انخفاضاً في الوزن وفي نسبة الدهون في الجسم ومؤشر كتلة الجسم أيضا، وذلك بالمقارنة مع المجموعة التي أعطيت مشروبات خاليةً من الخل. كما انخفض كل من محيط الخصر، وكمية الدهون الثلاثية في الدم ابتداءً من الأسبوع الثامن.

وقد أظهر المشاركون الذين كانوا يستهلكون أعلى جرعةٍ من خل التفاح التحسن الأكبر؛ ويبدو أن النتائج تشير إلى أن قيم حمض الأسيتيك الأعلى كانت الأفضل لحرق الدهون بشكلٍ أكثر فعالية وقمع مخازن الدهون.

أشارت الدراسة أيضا إلى أن الخل يحفز أكسدة الأحماض الدهنية، والتي تحدث كاستجابةٍ لتحسين الجراثيم في الأمعاء. وهي تؤثر على كيفية حرق الجسم للدهون وتخزينها.

وفقاً لهذه الدراسة فإن حمض الأسيتيك ينظم استقلاب الدهون عن طريق زيادة المعدل الذي يحرق به الجسم الدهون مع تقليل تخزين الدهون أيضا.

التأثير في تقليل الدهون الحشوية

الدهون الحشوية هي الدهون المخزنة بعمق داخل البطن. وتكون ملفوفةً حول الأعضاء، بما في ذلك الكبد والأمعاء؛ ولها وظائف في عمليات الاستقلاب (التمثيل الغذائي) ووظيفة الهرمونات.

وقد أشار الباحثون في الدراسة السابقة نفسها إلى العديد من الفوائد الصحية الأخرى للخل. على سبيل المثال تبين حدوث انخفاضٍ في الدهون الحشوية عند المشاركين الذين يشربون الخل.

كما أظهرت الأبحاث أن انخفاض الدهون الحشوية له تأثير إيجابي على عوامل الخطر الاستقلابية مثل ارتفاع ضغط الدم وضعف تحمل الغلوكوز.

التأثير على استجابة الغلوكوز

بحثت دراسة صغيرة في عام 2015 كيف يؤثر الخل على مستويات الغلوكوز في الدم ضمن وجبةٍ لدى البالغين المصابين بمرض السكري من النمط الثاني. حيث أعطي المرضى إما 30 مل من الخل المخلوط بالماء أو مشروباً وهمياً. وذلك بترتيب عشوائي ليومين منفصلين من الأسبوع. (2)

بعد خمس دقائق من شرب المشروب تناولوا وجبةً مؤلفةً من الجبن واللحم والديك الرومي وعصير البرتقال والزبدة ولوح حبوب الإفطار وذلك خلال خمسة عشر دقيقة.

وقد تبين أن الخل ساهم في إنقاص ارتفاع نسبة السكر في الدم بعد الأكل، وكذلك ارتفاع الشحوم الثلاثية في الدم، وارتفاع مستويات هرمون الأنسولين المسؤول عن تنظيم مستويات السكر في الدم.

كيف يساعد خل التفاح في إنقاص الوزن؟

بعد الدراسات والبحوث العديدة تبين أن خل التفاح يساعد في إنقاص الوزن من خلال:

١- يساعد على تحسين الهضم

يحتوي خل التفاح غير المرشَّح على خيوط من البروتين والإنزيمات والجراثيم الصحية. وتبدو هذه المكونات وكأنها مادةٌ ضبابية في أسفل الزجاجة، وهي تحتوي على الجراثيم الجيدة والتي يمكن أن تدعم صحة الأمعاء.

تدعم هذه الجراثيم مستعمرة جراثيم الأمعاء المفيدة (الميكروبيوم) وهي تساعد على هضم المواد الغذائية واستخراجها من الطعام الذي نأكله.

كما أن خل التفاح يعد مفيداً لتعزيز الهضم الطبيعي لدى كبار السن أو أولئك الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية أو فقر الدم.

٢- يعمل كملين طبيعي

يسبب الإمساك شعوراً بالانتفاخ والثقل. ويشعر الكثير من الناس أن تناول جرعة يومية من خل التفاح في الصباح يساعد على تطهير الجهاز الهضمي، والاستعداد لليوم الجديد، على الرغم من أن ذلك لم يثبت هذا في الدراسات العلمية.

ويمكن أن يعود سبب مساعدة خل التفاح للجهاز الهضمي لاحتوائه على البكتين "pectin" وهو نوع من الألياف القابلة للذوبان، ويوجد في التفاح. ويعمل البكتين كملينٍ، ويمكن أن يساعد في تحفيز حركات الأمعاء.

٣- يساعد في الحفاظ على نسبة السكر في الدم

يمكن أن يؤدي تناول الأطعمة عالية السكر أو الكربوهيدرات المكررة إلى حدوثٍ ارتفاعٍ مفاجئٍ في سكر الدم بعد فترةٍ وجيزةٍ من تناول الطعام. ويؤدي ذلك إلى إنتاج الكثير من الأنسولين في الجسم، وذلك للسماح لخلايا الجسم باستخدام السكر كمصدرٍ للطاقة. بمرور الوقت يصبح هذا عامل خطرٍ لتطوير مرض السكري من النمط الثاني.

كما أن انخفاض السكر في الدم بعد ارتفاعه يؤدي إلى زيادة الشعور بالجوع والرغبة الشديدة في تناول الطعام؛ مما يسبب بدوره زيادة الوزن مع الوقت.

وقد ثبت علمياً أن خل التفاح يمكن أن يساعد في منع الزيادة السريعة في السكر في الدم، مما قد يساعد في الحفاظ على استقرار الوزن.

٤- الشعور بالامتلاء لفترةٍ أطول

أظهرت الدراسات أن مكملات الخل تزيد من الشبع بعد تناول وجبةٍ عالية الكربوهيدرات تحتوي على الخبز.

يعتقد أن خل التفاح يبطئ إفراغ المعدة، ولهذا السبب يشعر الشخص بالشبع بشكلٍ أكبر لفترةٍ أطول بعد تناول الطعام. ونتيجةً لذلك يقل تناول الوجبات الخفيفة، مما يؤدي إلى استهلاك عدد أقل من السعرات الحرارية.