الإصابة بالغرغرينا: خطر يهدد حياتك.. كيف تنقذ نفسك؟

الكاتب - 28 مارس 2024

تعدّ الإصابة الغرغرينا من الحالات الطبية الطارئة التي تتطلب تدخلاً سريعاً وفورياً. وتعرف هذه الحالة بأنها موت لأنسجة الجسم خاصة في الأطراف مثل القدمين أو اليدين.

ما هي الغرغرينا؟

تعد الغرغرينا "Gangrene" حالة خطيرة يبدأ فيها جزء من الجسم بالتحلل وغالباً ما يكون اليدين أو القدمين. وتحدث هذه الحالة بسبب نقص الدم الغني بالأكسجين في الأنسجة.

أنواع الغرغرينا

تتضمن الغرغرينا شكلين رئيسين هما الغرغرينا الجافة والغرغرينا الرطبة بينما الأنواع الأخرى أقل شيوعاً مثل غرغرينا فورنييه والغرغرينا الداخلية.

1- الغرغرينا الجافة

تبدأ الغرغرينا الجافة بشكلٍ أبطأ من الغرغرينا الرطبة وترتبط في الغالب بالأمراض المزمنة مثل مرض السكري.

ويصبح الجلد في هذه الحالة جافاً ومنكمشاً وعادةً ما يصبح لونه داكناً وتتراوح درجته ما بين البني إلى الأزرق الأرجواني، ويكون ملمسه بارداً.

2- الغرغرينا الرطبة

يتميز هذا النوع من الغرغرينا بتورم جلدي وتكوّن بثور قابلة للتمزق مع إفراز للقيح. وترتبط هذه الحالة عادةً بإصابة الأنسجة المتضررة.

ويمكن أن تتطور هذه الحالة بعد الإصابة بحروق من الدرجة الثالثة أو التثليج الذي يعرف باسم قضمة الصقيع وتحدث هذه الحالة نتيجة تجميد الأنسجة وتلفها بسبب البرد القارس.

وقد تصيب الغرغرينا الرطبة مرضى السكري الذين يعانون اعتلالاً عصبياً يمنعهم من الشعور بإصاباتهم. وتتطلب الغرغرينا الرطبة علاجاً فورياً لمنع انتشارها حيث قد تشكل خطراً على الحياة.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك نوع خبيث من الغرغرينا يُعرف باسم النخر العضلي المطثي (الغرغرينا الغازية) تصيب الجروح سيئة التنظيف أو الناتجة عن عمليات جراحية تضررت فيها إمدادات الدم.

أعراض الإصابة بالغرغرينا

تكون العلامات المرئية للغرغرينا أكثر وضوحاً من أعراض الألم.

وتتميز الغرغرينا غالباً بعدم ظهور الأعراض مبكراً لأنها يمكن أن تسبب فقداناً للشعور بالألم في الطرف المصاب. حيث تحدث في منطقةٍ من الجسم تعاني ضعفاً في الوظيفة الحسية.

لذلك إذا أصيب أحد الأشخاص بالغرغرينا فقد يلاحظ الشخص الذي يعيش معه علاماتٍ مرئيةً قبل أن يشعر المريض بأية أعراض.

ويمكن أن تستمر العلامات أو الأعراض الدقيقة لعدة أيام لكن في بعض الأحيان يمكن أن تتطور الغرغرينا بسرعةٍ خلال ساعاتٍ قليلة.

وتنتشر الغرغرينا غالباً في الأطراف حيث تبدأ عند طرف إصبع القدم وتنتشر في جميع أنحاء الإصبع ثم تنتقل إلى باقي القدم.

وتتضمن الأعراض الأكثر شيوعاً للغرغرينا ما يلي:

  • جفاف الجلد بشدة وربما تقشره
  • تغير لون الجلد إلى الأزرق أو الأحمر الداكن أو الأسود ذي الصبغة الخضراء
  • مناطق من النزيف تحت الجلد
  • وخز في المنطقة المصابة وحولها
  • تورم أو انتفاخ في المنطقة المصابة
  • ألم في المنطقة المصابة أو بالقرب منها
  • دفء المنطقة المصابة
  • ظهور جرح مفتوح وغير قابل للشفاء
  • آفة مليئة بالقيح
  • جرح ذو رائحة كريهة
  • الحمى
  • برودة المنطقة المصابة عند اللمس
  • شعور المريض بالمنطقة المصابة بالبرد كما لو كانت "عارية" حتى عندما تكون مغطاة

وتجدر الإشارة إلى أنه في بعض الحالات يمكن أن تصيب الغرغرينا الأعضاء الداخلية أيضاً مثل الأمعاء والمرارة.

لكن قد يكون من الصعب التعرف على أعراض الغرغرينا الداخلية لأنها تشبه أعراض اضطرابات الجهاز الهضمي بما في ذلك الغثيان والقيء وفقدان الشهية والآلام الشديدة في المعدة والحمى.

أسباب الإصابة بالغرغرينا

تحدث جميع أشكال الغرغرينا بسبب انخفاض تدفق الدم إلى منطقةٍ معينة بما يمنع وصول الأكسجين إلى الأنسجة. وتختلف أسباب الإصابة بالغرغرينا حسب نوعها مثل ما يلى:

أولاً: الغرغرينا الجافة

يمكن أن تنتج الأشكال الجافة للغرغرينا مما يلي:

1- مشكلات في الأوعية الدموية

يرجع السبب الأكثر شيوعاً للغرغرينا إلى سوء صحة الشرايين والأوردة في الساقين وأصابع القدمين. ويتطور ذلك عادةً مع مرور الوقت بسبب حالاتٍ مثل مرض السكري وأمراض الشرايين الطرفية وارتفاع ضغط الدم.

2- الحروق الشديدة والبرد

يمكن أن تؤدي الحرارة والعوامل الكيميائية والبرد الشديد مثل قضمة الصقيع إلى الغرغرينا الجافة وقد تتطور الغرغرينا الرطبة لاحقاً.

3- متلازمة رينود

تعد متلازمة رينود (Raynaud's syndrome) أو مرض رينود ضعفاً يصيب الأوعية الدموية في أطراف أصابع اليدين والقدمين خاصةً في الطقس البارد.

4- مرض السكري

يمكن أن تؤدي اضطرابات مستويات السكر في الدم إلى تلف الأوعية الدموية والأعصاب بما يقلل من وصول الأكسجين إلى الأطراف.

ثانياً: الغرغرينا الرطبة

يمكن أن تتطور الأشكال الرطبة من الغرغرينا بسبب ما يلي:

1- الإصابة

تسهم الجروح العميقة  أو النافذة في الإصابة بالعدوى الجرثومية ومن الأمثلة على ذلك مناطق الحرب والسكك الحديدية والآلات وحوادث الشوارع.

2- الغرغرينا الجافة

تؤدي الإصابة بالغرغرينا الجافة إلى تطورها للغرغرينا الرطبة إذا كانت المنطقة مصابة بالجراثيم.

3- انسداد الشريان

يمكن أن يؤدي الانسداد المفاجئ للشريان إلى الغرغرينا الجافة لكنه يزيد أيضاً من خطر حدوث العدوى وبالتالي حدوث الغرغرينا الرطبة.

4- نقص المناعة

تتطور العدوى البسيطة سريعاً إذا كان الجهاز المناعي ضعيفاً بما يسهم في الإصابة بالغرغرينا.

ويحدث ذلك على سبيل المثال بسبب فيروس نقص المناعة البشرية أو مرض السكري أو تعاطي الكحول أو المخدرات لفترة طويلة أو تلقي العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي الحديث.

عوامل الخطورة

تتضمن عوامل خطر الإصابة بالغرغرينا على ما يلي:

  • التدخين
  • الأمراض التي تصيب الأوعية الدموية مثل السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم
  • الإفراط في شرب الكحول الذي يمكن أن يؤدي إلى تلف الأعصاب
  • ضعف وظائف المناعة
  • تعاطي المخدرات عن طريق الوريد
  • تناول دواء الوارفارين "warfarin" المضاد للتجلط في بعض الحالات النادرة

مضاعفات الإصابة بالغرغرينا

تصبح كمية الأنسجة التالفة كبيرةً في أجزاء مختلفة من الجسم نتيجة الإصابة بالغرغرينا.

ويؤدي علاج هذه المناطق المصابة إلى:

  • ظهور مساحاتٍ كبيرةٍ من الندبات
  • الحاجة إلى الجراحة الترميمية
  • البتر

كما أن الحالات الشديدة من الغرغرينا قد تؤدي إلى فشل الأعضاء أو الوفاة.

التشخيص

يعتمد التشخيص الطبي للإصابة بالغرغرينا على ما يلي:

1- التاريخ المرضي

يطرح الطبيب على المريض بعض الأسئلة حول الأعراض التي يعانيها مثل التنميل والجفاف والألم كما يمكن أن يسأل الطبيب عن توقيت بدء الأعراض وحدتها والأمراض الأخرى التي يعانيها المريض والأدوية التي يتناولها.

2- الفحص السريري

يجري الطبيب فحصاً جسدياً شاملاً للمنطقة المصابة ويبحث عن علامات وأعراض تلف الأنسجة والإصابة بالعدوى مثل:

  • تغير لون الجلد
  • التورم
  • البثور
  • خروج إفرازات ذات رائحة كريهة
  • الحمى والشعور بالإعياء حسب نوع الغرغرينا

ويمكن أن يحيل الطبيب المريض إلى المستشفى في أسرع وقت ممكن عند الشك في الإصابة بالغرغرينا لإجراء مزيد من الاختبارات والعلاج.

3- الفحوصات الإضافية

قد يطلب الطبيب مزيداً من الاختبارات التشخيصية لتحديد نوع الإصابة، فضلاً عن اكتشاف أو استبعاد احتمالية الإصابة بالغرغرينا الغازية. وتتضمن الفحوصات ما يلي:

  • الأشعة السينية "X-ray" للكشف عن فقاعات الغاز في الأنسجة العضلية
  • التصوير بالرنين المغناطيسي "MRI" لتحديد مدى تضرر أنسجة العضلات
  • التصوير الطبقي المحوري "CT scan" لفحص الأعضاء الداخلية
  • اختبارات الدم والأنسجة لتحديد وجود العدوى الجرثومية ونوعها

العلاج

يعتمد العلاج على نوع الأنسجة المتضررة وموقعها وحجمها.

ويحتاج أي شخص يُشتبه في إصابته بالغرغرينا إلى رعايةٍ طبيةٍ فورية لتقليل خطر حدوث المضاعفات الخطيرة أو الوفاة. وقد يتضمن العلاج التدابير الإسعافية التالية:

  • منح المضادات الحيوية عن طريق الوريد
  • الاستئصال الجراحي للأنسجة الميتة مثل بتر أحد الأطراف لوقف الانتشار الأوسع للغرغرينا

من ناحية أخرى أظهر العلاج بالأوكسجين عالي الضغط (HBOT) بعض الأمل في دعم العلاج إلى جانب الجراحة والمضادات الحيوية.

حيث تعمل غرفة الأوكسجين عالي الضغط على تحسين وصول إمدادات الأوكسجين إلى الجروح عن طريق تحفيز تكوين أوعيةٍ دمويةٍ جديدة من خلال ذوبان الأوكسجين في البلازما بشكل أكبر.

ويحدث العلاج في غرفة الضغط ويتضمن استنشاق الأوكسجين النقي بمعدل 2.5 ضعف ضغط الهواء الطبيعي لمدة تتراوح ما بين 30 إلى 120 دقيقة. وقد تكون هناك حاجة إلى إجراء 20 جلسة أو أكثر.

ويمكن أن تتضمن الآثار الجانبية من هذا الإجراء تضرراً مرتبطاً بالضغط على الأذنين أو الأنف وقصر النظر المؤقت.

الوقاية

تتضمن التدابير التي تساعد الأشخاص المعرضين للإصابة بالغرغرينا على تقليل المخاطر مثل ما يلي:

  • البحث يومياً عن العلامات التي تدل على احتمالية الإصابة مثل الجروح أو الاحمرار أو التورم أو تشققات الجلد أو الإفرازات في القدمين
  • إجراء فحص طبي للقدم مرة واحدة في العام
  • تجنب المستحضرات الكيميائية المستخدمة في المنزل لعلاج مسامير القدم والأظافر التي تنمو داخل الإصبع
  • الوقاية من العدوى عن طريق غسل الجروح بالصابون والماء الدافئ
  • الحرص على تنظيف ما بين أصابع القدم وإبقائها نظيفة وجافة
  • الانتباه لعلامات قضمة الصقيع عند التعرض للبرد لفترة طويلة
  • تجنب المشي بالخارج حافي القدمين أو ارتداء الأحذية بدون جوارب
  • التأكد من أن الأحذية مناسبة للقدمين
  • طلب العناية الطبية العاجلة إذا أصبح الجلد شاحباً أو صلباً أو بارداً أو في حالة حدوث أي تغيراتٍ في لونه
  • التحقق من وجود إصاباتٍ إذا كانت هناك مضاعفات بسبب تلف الأعصاب لدى مرضى السكري وخاصةً في القدمين