أنواع الدهون وتأثيرها على صحة القلب والجسم

المراجعة الطبية - M.D
الكاتب - أخر تحديث 21 أغسطس 2023

تتعدد أنواع الدهون الموجودة في الغذاء الذي نتناوله يومياً، وتلعب دوراً حاسماً في تأثيرها على صحة القلب والجسم بشكل عام. ويعد فهم الفروق بين هذه الدهون والتأثير الذي تحدثه على صحتنا أمراً مهماً يساعد باتخاذ خيارات غذائية صحية وتقليل مخاطر الأمراض المرتبطة بالقلب والأوعية الدموية.

أهمية الدهون ودورها

تشكل الدهون "Fat" المصدر الرئيسي للحصول على الحموض الدسمة "Fatty acids" التي هي عناصر أساسية ومحورية لخلايا وأنسجة الجسم، ولكنه غير قادر على تصنيعها لذلك لابد من الحصول عليها عن طريق تناول الدهون في النظام الغذائي.

تدخل الدهون والأحماض الدسمة في العديد من العمليات والوظائف الحيوية والتي تتضمن بشكل عام ما يلي:

  • بناء الخلايا والأنسجة: تدخل الحموض الدسمة التي يتم الحصول عليها من الدهون في بناء وتركيب جدران الخلايا المختلفة في الجسم، لذلك يمكن اعتبار الأحماض الدسمة وحدات بناء أساسية للحفاظ على بنية وقوة جدران الخلايا ولبناء وصنع خلايا جديدة.
  • امتصاص الفيتامينات: تساعد الدهون على امتصاص مجموعة من الفيتامينات التي تدعى الفيتامينات المنحلة في الدسم وتتضمن هذه الفيتامينات (فيتامين A وفيتامين E وفيتامين D). حيث تلعب الحموض الدسمة دور وسيط في عملية الحصول على هذه الفيتامينات من الطعام وادخالها للجسم.
  • مصدر مهم للطاقة: تحوي الدهون عدد سعرات حرارية يفوق عدد السعرات الموجودة في الكربوهيدرات والبروتين. وهذا يجعل الدهون مصدر ممتاز للجسم للحصول على الطاقة عند الحاجة اليها.
  • الشعور بالشبع: تعتبر الدهون من المركبات المعقدة وصعبة التفكيك، حيث يستغرق الجسم والجهاز الهضمي فترة زمنية طويلة لهضم الدهون. لذلك هي تحافظ على الشبع والشعور بالامتلاء لفترة أطول.

الأنواع الرئيسية

تتواجد الدهون في المواد الغذائية بأنواع وأشكال مختلفة، ويكون الاختلاف الرئيسي فيما بينها هو شكل وطبيعة الروابط الكيميائية بين العناصر المكونة لجزيئة الدسم، وطريقة تعامل الجسم وتفكيكه لهذه الجزيئات المختلفة من الدهون.

وبشكل عام توجد أربع أنواع رئيسية من الدهون هي:

  • الدهون الأحادية غير المشبعة (Monounsaturated fats)
  • الدهون المتعددة غير المشبعة (Polyunsaturated fats)
  • الدهون المشبعة (Saturated fats)
  • الدهون المتحولة (Trans fats)

تأثير أنواع الدهون المختلفة على صحة القلب والجسم

بشكل عام تصنف الدهون غير المشبعة الأحادية والمتعددة على أنها من الدهون الصحية والمفيدة، في حين تصنف الدهون المشبعة والمتحولة كدهون ضارة على صحة الجسم.

١- تأثير الدهون الأحادية غير المشبعة

الدهون الأحادية غير المشبعة "Monounsaturated fats" هي نوع من الدهون الصحية التي توجد في بعض الأطعمة النباتية والحيوانية. تمتاز هذه الدهون بأنها تكون سائلة عند درجة حرارة الغرفة وتتجمد عند درجات حرارة منخفضة. وتعتبر الدهون الأحادية غير المشبعة ضمن فئة الدهون غير المشبعة إلى جانب الدهون المتعددة غير المشبعة.

تعتبر زيوت النبات مثل زيت الزيتون وزيت الكانولا وزيت الفول السوداني من المصادر الغنية بالدهون الأحادية غير المشبعة. كما تتواجد أيضا في الأطعمة الحيوانية مثل اللحوم والأسماك والأفوكادو والمكسرات، خاصةً المكسرات المحمصة وزبدة المكسرات.

هنالك العديد من الفوائد للدهون الأحادية غير المشبعة، وهي تتضمن:

  • خفض نسب الشحوم والكوليسترول السيئ والضار في الجسم والذي يعرف باسم البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL)
  • رفع نسب الكوليسترول الجيد والمفيد والذي يعرف بالبروتين الدهني عالي الكثافة (HDL). مما يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين والجلطات.
  •  تساعد الدهون الأحادية غير المشبعة في تحسين حساسية الجسم للأنسولين وضبط مستويات السكر في الدم، مما يعزز السيطرة على السكري

ينصح أن يتم تضمين الدهون الأحادية غير المشبعة بشكل معتدل في النظام الغذائي اليومي كجزء من نمط حياة صحي ومتوازن. ومع ذلك، يجب أن تتم مراقبة الكميات المستهلكة، حيث أن الدهون لا تزال تحتوي على سعرات حرارية عالية. ويُفضل استشارة أخصائي تغذية للحصول على توجيه شخصي وتحديد الكميات المناسبة الملائمة لاحتياجاتك الخاصة.

٢- تأثير الدهون المتعددة غير المشبعة

 تنقسم الدهون المتعددة غير المشبعة "Polyunsaturated fats" إلى نوعين رئيسيين وهما الأحماض الدهنية أوميغا 3 والأحماض الدهنية أوميغا 6.

الأحماض الدهنية أوميغا 3 توجد في الأسماك الدهنية مثل السلمون والتونة والسردين، وكذلك في بذور الكتان والشيا والجوز وزيت الكانولا. وتعتبر هذه الدهون مهمة لصحة القلب والأوعية الدموية، حيث تساعد في خفض مستويات الكولسترول السيء (الدهون الثلاثية) وتحسين التوازن بين الدهون في الدم. كما تلعب الأحماض الدهنية أوميغا 3 دوراً هاماً في دعم صحة الجهاز العصبي والمخ، وتعزز الوظائف المناعية وتقلل من التهابات الجسم.

أما الأحماض الدهنية أوميغا 6، فيمكن العثور عليها في زيوت النبات مثل زيت عباد الشمس وزيت الذرة وزيت الصويا. وتلعب الأحماض الدهنية أوميغا 6 دوراً في دعم صحة الجسم وتوازن الدهون، وتشارك في عمليات الالتهاب والجهاز المناعي.

ومع ذلك، يجب الحفاظ على التوازن بين الأحماض الدهنية أوميغا 6 وأوميغا 3، حيث ينصح بزيادة استهلاك الأحماض الدهنية أوميغا 3 مقارنةً بالأحماض الدهنية أوميغا 6.

تملك الدهون المتعددة غير المشبعة خصائص مفيدة تتضمن:

  • تقليل خطر حدوث الجلطات وتخثر الدم
  • تقليل نسب الشحوم الثلاثية في الجسم
  • تخفيض نسب الكوليسترول السيئ ورفع نسب الكوليسترول الجيد
  • خفض ضغط الدم

٣- تأثير الدهون المشبعة

الدهون المشبعة "Saturated fats" هي الدهون التي تتميز بكونها صلبة أو غير سائلة في درجة حرارة الغرفة وتتحول للحالة السائلة عند تعرضها للحرارة. كما وتتنوع مصادرها من الحيوانية والنباتية.

  • اللحوم مثل لحوم البقر والضأن والخنزير تحتوي على كميات معتدلة من الدهون المشبعة.
  • منتجات الألبان مثل الزبدة والقشدة والجبن تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة.
  • كما وتعتبر زيوت النخيل وجوز الهند من الزيوت النباتية الثقيلة التي تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة.

إن تأثير الدهون المشبعة على صحة الجسم والقلب مرتبط بالكمية المستهلكة من هذه الدهون، حيث يحتاجها الجسم بكميات معتدلة ولا تكون ضارة عندها. أما في حال تناولها بكثرة فلها تأثيرات صحية ضارة تتمثل في: من خلال رفع مستويات الكوليسترول السيئ منخفض الكثافة، وهذا يرفع خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين.

  • زيادة مستويات الكولسترول الضار (LDL): حيث أن تناول كميات كبيرة من الدهون المشبعة يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات الكولسترول الضار في الدم، وهذا يعتبر عامل خطر لأمراض القلب والأوعية الدموية.
  • تأثير محدود على مستويات الكولسترول الجيد (HDL): حيث لا ترفع الدهون المشبعة مستويات الكولسترول الجيد بنفس القدر الذي ترفع به مستويات الكولسترول الضار، إلا أنها لا تساهم بشكل كبير في زيادة مستويات الكولسترول الجيد.
  • زيادة خطر أمراض القلب والأوعية الدموية: ترتبط كميات كبيرة من الدهون المشبعة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
  • تأثيرات على الالتهابات: تساهم الدهون المشبعة في زيادة الالتهابات في الجسم، وهو عامل مرتبط بالعديد من الأمراض المزمنة.

٤- تأثير الدهون المتحولة

تعتبر الدهون المتحولة "Trans fats" أسوء أنواع الدهون وأكثرها ضرراً وهي لا تملك قيمة غذائية فعلية، تعرف أيضا باسم الدهون المهدرجة أو الدهون المهدرجة جزئياً. وهي نوع من الدهون التي تخضع لعملية التحويل الكيميائي، وتتحول من الدهون السائلة إلى الدهون صلبة. يتم ذلك عن طريق إضافة الهيدروجين إلى الزيوت النباتية، مما يزيد من مدة صلاحيتها وقوامها وقابليتها للاستخدام في الأغذية المصنعة.

تتواجد الدهون المتحولة بشكل طبيعي في بعض الأطعمة مثل اللحوم والألبان، ولكن الكميات الكبيرة من الدهون المتحولة توجد في الأطعمة المصنعة والمعلبة والوجبات السريعة، حيث يتم استخدام الزيوت المهدرجة في عملية التصنيع.

يعد تناول الدهون المتحولة بكميات كبيرة يعتبر غير صحي ويمكن أن يكون له تأثير سلبي على صحة الجسم، وترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، واضطرابات الأيض، و أيضا مرض السكري من النمط الثاني، والسمنة، وبعض أنواع السرطان.

الكمية اليومية

لا يمكن حذف الدهون من النظام الغذائي لأنها عنصر رئيسي للجسم ولكن يمكن التحكم في الكميات التي يمكن استهلاكها من خلال مراقبة الأطعمة والتأكد من الحصول على قدر كاف ومتوازن من الدهون بمختلف أنواعها ولكن دون افراط.

توصي جمعية القلب الأمريكية "American Heart Association" بأن يكون 25-30 % من السعرات الحرارية اليومية مصدرها الدهون، وأن يكون أقل من 10% من هذه الدهون هي دهون مشبعة والبقية أغذية تحوي دهون غير مشبعة.

أهم مصادر الدهون المفيدة

توجد العديد من الأغذية التي تحوي نسب عالية من الدهون المفيدة غير المشبعة، والتي يضمن تناولها مع النظام الغذائي الحصول على الحاجة اليومية من الدهون مع أقل ضرر ممكن على الصحة.

وتتضمن أبرز المصادر الغذائية للدهون ما يلي:

  • الأسماك: تعتبر غنية بالأوميغا 3 سواء كانت أسماك طازجة أم معلبة على مثل السلمون أو السردين أو التونا.
  • الشوكولا الداكنة (Dark chocolate): تحوي كميات معتدلة من الدهون المشبعة.
  • البيض: يحوي كميات جيدة من الدهون المشبعة وغير المشبعة.
  • الأفوكادو (Avocado): تتميز ثمرة الأفوكادو بأنها مصدر ممتاز للدهون الأحادية غير المشبعة
  • بذور الكتان (Flaxseed): مصدر جيد للأوميغا 3
  • المكسرات بأنواعها (Nuts): مثل الجوز واللوز
  • الزيتون وزيت الزيتون: من الأطعمة الغنية بالدهون الأحادية غير المشبعة.

الملخص

في الختام فإن الدهون هي عنصر غذائي رئيسي للجسم ولا يمكن الاستغناء عنه وتكون مفيدة لصحة القلب والجسم، ويجب الحصول على كميات كافية وحاجة يومية مناسبة منها في النظام الغذائي، ولكن يبقى الاعتدال والتوازن هو الأساس في عملية استهلاك هذه الدهون وتجنب الافراط بها، لأن هذه الدهون وحتى الذي يعتبر صحي منها ومفيد للجسم يملك أثار عكسية ومضرة على صحة القلب في حال الاستهلاك والتناول المفرط للأطعمة الحاوية عليها.