نصائح للحفاظ على صحة قلبك إذا كان لديك تاريخ عائلي للأمراض القلبية

الكاتب - أخر تحديث 21 أغسطس 2023

تعتبر صحة القلب أمراً بالغ الأهمية، وقد زاد الوعي خلال السنوات الماضية بأهمية العناية بصحة هذا العضو الحيوي. إن وجود تاريخ عائلي للأمراض القلبية يعد عاملاً يثير القلق حيث تزداد معه احتمالية ظهور مشكلات قلبية عند البعض.

لذلك، في هذا المقال، سنسلط الضوء على دور الوارثة في حدوث الأمراض القلبية والنصائح الوقائية التي يمكن اتباعها للحفاظ على صحة قلوبنا، خاصةً عندما يكون لدينا تاريخ عائلي للأمراض القلبية.

تعريف الأمراض القلبية

الأمراض القلبية "Heart Diseases" أو الأمراض القلبية الوعائية "Cardiovascular disease" هو مصطلح عام وشامل لمختلف الأمراض والاصابات والاضطرابات التي تصيب القلب وأجزاءه المختلفة، والتي تشمل بشكل عام الحالات التالية:

  • أمراض الشرايين الاكليلية المغذية للقلب
  • الجلطة القلبية
  • قصور القلب
  • اعتلال العضلة القلبية
  • أمراض الصمامات القلبية
  • اضطرابات النظم وعدم انتظام ضربات القلب
  • تشوهات القلب الولادية

تعد الأمراض القلبية من أكثر الامراض انتشاراً وأكثرها احداثاً للوفيات على مستوى العالم، حيث وفقاً للإحصائيات في استراليا في عام 2017 على سبيل المثال كانت الأمراض القلبية سبباً لوفاة شخص واحد كل 28 دقيقة. (1)

أسباب وعوامل الخطر للإصابة بأمراض القلب

ان العوامل المساهمة في تطور ورفع نسبة الإصابة بأمراض القلب عديدة ومتنوعة ويمكن تقسيمها بشكل عام إلى نوعين:

  • النوع الأول العوامل غير قابلة للعكس والتحكم من قبل الشخص كالعوامل الوراثية، والعوامل المرتبطة بالجنس ذكر أو أنثى، والتقدم بالعمر.
  • النوع الثاني عوامل قابلة للضبط والتحكم مثل الحمية الغذائية أو ارتفاع ضغط الدم، وقلة النشاط البدني وغيرها.

ويمكن تلخيص أبرز العوامل التي تسبب رفع نسبة خطر الإصابة بالأمراض القلبية بما يلي:

١- العوامل الوراثية

تعتبر المورثات المنتقلة من الأب والأم عامل خطورة مستقل وهام لتطور وحدوث أمراض القلب. حيث يؤدي وجود سوابق في العائلة وأقارب الدرجة الأولى وانتشار الأمراض القلبية إلى رفع نسبة خطر إصابة الأبناء والأحفاد بأمراض القلب مستقبلاً، والسبب في ذلك هو انتقال المورثات المسؤولة عن الإصابة بالمرض القلبي من جيل إلى الجيل الذي يليه.

بالتالي تكون احتمالية تطور أمراض القلب عند أصحاب السوابق العائلية والوراثية أعلى من الأشخاص الغير معروفين بتاريخ وسوابق في أمراض القلب، وتشمل أشهر الاضطرابات القلبية المرتبطة بالعوامل الوراثية ما يلي:

ووفقاً للإحصائيات وتحديداً في دراسة أجريت عام 2019 قدرت أن حوالي 30% من الأمراض القلبية تكون عائدة لسبب وراثي وخلل في المورثات.

٢- ارتفاع التوتر الشرياني

تعرف حالة ارتفاع التوتر الشرياني بأنها زيادة في قيمة الضغط الشرياني فوق المستوى الطبيعي الذي هو 120/80 ميليمتر زئبقي.

يؤدي الارتفاع المستمر وغير المضبوط للضغط إلى زيادة خطر الإصابة بالأمراض القلبية بسبب الجهد الإضافي الذي تبذله عضلة القلب للتغلب على ارتفاع الضغط في الأوعية الدموية، وهذا يؤدي لزيادة نسبة حدوث الاضطرابات القلبية ولا سيما الجلطة القلبية.

٣- ارتفاع الكوليسترول في الدم

يعتبر الكوليسترول مادة شحمية موجودة في الجسم وتدخل في تركيب جدران الخلايا في الجسم وصنع بعض الهرمونات وغيرها من العمليات الحيوية الأخرى، وبالتالي يحتاج الجسم هذه المادة بكميات محددة.

يوجد في الجسم نوعين أساسيين من الكوليسترول وهما:

  • الدهون عالية الاشباع أو الكوليسترول الجيد "HDL"
  • الدهون منخفضة الاشباع أو الكوليسترول السيء "LDL"

 يؤدي ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم ولا سيما الكوليسترول السيئ "LDL" بسبب اتباع نظام غذائي غير صحي إلى زيادة نسبة حدوث الأمراض القلبية وتحديداً أمراض الشرايين الاكليلية المغذية للقلب. حيث يترسب الكوليسترول في جدران الشرايين مشكلاً لويحات "Plaques" ضمن هذه الجدران، بالتالي يحدث ما يعرف بتصلب الشرايين وتصاب لمعة وقطر الشريان بالتضيق وبالتالي ينقص مرور الدم فيه ويحدث نقص التروية والانسداد.

٤- الإصابة بمرض السكري

يسبب مرض السكري حدوث ضرر وأذية على خلايا الجسم وأعضاءه المختلفة ولا سيما في حال عدم ضبط مستويات السكر في الدم وارتفاعها المستمر، وتكون جدران الأوعية الدموية والخلايا المكونة لها من أهم العناصر المتضررة بسبب ارتفاع مستويات السكر في الدم.

يؤدي تضرر الاوعية الدموية وأذيتها على مستوى الجسم عموماً والقلب بشكل خاص إلى زيادة نسبة الإصابة بالأمراض والاضطرابات القلبية.

٥- البدانة

البدانة هي زيادة في مؤشر كتلة الجسم عن 30 كيلوغرام/ المتر المربع، ويحسب مؤشر كتلة الجسم من خلال تقسيم الوزن بالكيلو غرام على مربع الطول مقاساً بالمتر، وتكون القيمة الطبيعية (18-24) كيلو غرام / المتر المربع.

تزيد البدانة من خطر الإصابة بارتفاع التوتر الشرياني، وحدوث السكري، وارتفاع الشحوم في الجسم أيضا وكلها عوامل تساهم في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.

٦- قلة النشاط الفيزيائي

إن عدم ممارسة التمارين بشكل منتظم وتجنب النشاط البدني يرفع نسبة الإصابة بأمراض القلب، وذلك بسبب ارتفاع احتمال الإصابة بالبدانة وارتفاع التوتر الشرياني عند الأشخاص الذين لا يمارسون أي جهد فيزيائي أو عضلي.

٧- التقدم بالعمر

يعتبر التقدم بالعمر عامل خطورة مهم للإصابة بأمراض القلب. والسبب في ذلك هو التغيرات التي تصيب عضلة القلب والشرايين المغذية له عبر الزمن حيث يمكن لجدران القلب أن تصبح سميكة مما يمنعها من العمل بشكل جيد. كما قد تفقد الشرايين مرونتها وتصبح جدرانها قاسية مما يساهم في تضيق هذه الشرايين.

كيف يتم تحديد التاريخ العائلي للأمراض القلبية؟

نقول بأن هناك تاريخ مرضي للأمراض القلبية منتشر في العائلة إذا كان واحد أو أكثر من افراد العائلة أو الاقرباء يعاني من أحد الحالات أو المشاكل القلبية. ونذكر على سبيل المثال:

  • الإصابة بمرض قلبي عند الأب أو الأم
  • إصابة أخ أو اخت بأحد المشاكل القلبية
  • وجود إصابة قلبية عند الجد أو الجدة
  • تطور مرض قلبي عند أحد الأبناء
  • سوابق إصابة عند الاقرباء مثل العم أو الخال أو غيرهم

وهناك حالات تصنف على أنها سوابق انتشار قوي ومقلق عند العائلة وذلك في حال:

  • إصابة بمرض واضطراب قلبي عند الأب أو الأخ قبل سن 55 سنة
  • وجود مرض قلبي عند الأم أو الأخت قبل 65 سنة

٩ نصائح وقائية من الأمراض القلبية

تعتمد الآلية الرئيسية في الوقاية من الإصابة بالأمراض القلبية على معرفة العوامل التي ترفع من نسبة الإصابة ومن ثم العمل على تجنب هذه العوامل والتحكم بها والسيطرة عليها في حال كانت قابل للتحكم. وبذلك يتم تخفيض نسب حدوث المشاكل القلبية مستقبلاً.

وتتضمن أبرز الخطوات الوقائية للحد من حدوث أمراض القلب بشكل عام وعند الأشخاص الذين لديهم انتشار لأمراض القلب في العائلة بشكل خاص ما يلي:

١- التاريخ المرضي للعائلة

يجب تحديد ومعرفة السوابق المرضية الكاملة في العائلة. فهو عامل هم في تحديد احتمالية الإصابة بالأمراض المرتبطة بالوراثة سواء كانت أمراض قلبية أو غير قلبية.

وقد تم تطوير العديد من التقنيات التي تتضمن اجراء مسح وتقصي للمادة الوراثية عند الأشخاص، بالتالي تحديد المورثات المرتبطة بحدوث أمراض معينة وأخذ فكرة تقديرية عن احتمال الإصابة ببعض الأمراض في المستقبل.

٢- الالتزام باجراء الفحوص الروتينية للقلب

يعد القيام بالفحص والتقييم الصحي المنتظم لصحة الجسم بشكل عام والقلب بشكل خاص مفتاح مهم في تحديد المشاكل الصحية والأمراض القلبية بشكل باكر والسيطرة عليها قبل تطور المضاعفات.

ووفقاً للتوصيات العالمية فإن عملية المراجعة والفحص الروتيني للحالة الصحية للجسم يجب أن تبدأ منذ سن 20 سنة وبشكل دوري مرة في السنة على الأقل وتكرر بحسب توجيهات الطبيب الفاحص.

٣- ضبط الضغط الشرياني

إن التحكم والسيطرة على مستويات التوتر الشرياني عند المرضى المصابين بارتفاع الضغط الشرياني من خلال الالتزام بالأدوية والمتابعة المستمرة مع الطبيب يقلل بشكل كبير من مخاطر تطور المشاكل القلبية في المستقبل.

ووفقاً لدراسة أجريت بين عامي 1966-2015 فقد وجد أن تخفيض الضغط الشرياني بمعدل 10 ميليمتر زئبقي عند مرضى الضغط يمكن أن يقلل خطر الإصابة بمرض قلبي بنسبة 20%.

٤- المحافظة على مستويات شحوم وكوليسترول طبيعية في الدم

تساهم المستويات المرتفعة من الشحوم والكوليسترول وتحديداً الكوليسترول السيئ "LDL" في حدوث وتطور الإصابة بأمراض الشرايين القلبية وانسدادها. لذلك يعتبر التحكم بمستويات هذه الدهون والشحوم في الجسم عاملاً مهماً في الوقاية من حدوث الأمراض القلبية.

يتم ضبط مستويات الشحوم من خلال اتباع مجموعة مشتركة من الخطوات التي تشكل الحمية الصحية، وممارسة التمارين الرياضية، والأدوية التي تضبط مستويات الشحوم في حال ارتفاعها.

٥- ضبط الوزن واتباع حمية صحية

يشكل ضبط الوزن من خلال اتباع نظام حياة صحي وحمية غذائية متوازنة عامل وقاية من الإصابة بالبدانة وفرط الوزن الذي يعتبر عامل خطورة لحدوث أمراض القلب، ارتفاع الضغط، والسكري.

٦- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام

تساهم التمارين الرياضي المنتظمة في الوقاية من حدوث أمراض القلب من خلال:

  • تنشيط القلب والعضلات والدورة الدموية
  • ضبط الوزن وتجنب حدوث زيادة فيه
  • المساعدة في ضبط الضغط الشرياني وتخفيضه عند مرضى الضغط
  • تسهيل التحكم بمستويات السكر في الجسم عند مرضى السكري

٧- تجنب التدخين وتناول الكحول

يعد التدخين وتناول الكحول عامل خطر يزيد من احتمال الإصابة بارتفاع الضغط الشرياني وحدوث تصلب الشرايين، وبالتالي يزداد خطر الإصابة بأمراض القلب وتحديداً أمراض الشرايين الاكليلية التي تغذي القلب. لذلك يساهم الابتعاد عنهما في تقليل خطر الإصابة بالاضطرابات القلبية.

٨- التخفيف من التوتر

يعد التوتر النفسي المستمر أمر ضار للقلب بعدة طرق، حيث يساهم التوتر في رفع الضغط الشرياني وأيضاً يسبب زيادة في عدد ضربات القلب، وإضافة لذلك يزيد من احتمال الإصابة بالجلطة القلبية، لذلك يجب محاولة تخفيف التوتر والضغط النفسي قدر الإمكان.

٩- الحصول على قدر كاف من النوم والراحة

يساعد الحصول عل ساعات نوم كافية في ضبط الضغط الشرياني، التحكم بمرض السكري، والتخلص من الضغط النفسي والتوتر. لذلك يساهم النوم الجيد في التخفيف من خطر الإصابة بالمشاكل القلبية.

الملخص

 إن العوامل الوراثية وانتشار الامراض القلبية في العائلة هي عوامل خطر للإصابة بالأمراض القلبية، وهي عوامل لا يمكن السيطرة عليها أو تجنبها. لكن على الرغم من ذلك يمكن من خلال المتابعة المستمرة والالتزام بالتعليمات الصحية والفحص المستمر للقلب تجنب الكثير من الأمراض القلبية والمضاعفات التي قد تنجم عن وجود هذه العوامل الوراثية.