سرطان البنكرياس: الأنواع وعوامل الخطورة

الكاتب - أخر تحديث 9 أغسطس 2023

سرطان البنكرياس هو واحد من أكثر أنواع السرطانات الخبيثة انتشاراً وأكثرها صعوبة في التشخيص والعلاج. وذلك لأن الكشف المبكر عن هذا المرض يعد صعباً لعدم وجود أعراض واضحة في المراحل المبكرة، مما يتسبب في تأخر التشخيص وانتشار المرض.

سنتعرف في هذا المقال على أنواع سرطان البنكرياس والأسباب وعوامل الخطورة التي قد تزيد من احتمال الإصابة.

أنواع سرطان البنكرياس

البنكرياس "Pancreas" هو عبارة عن غدة صغيرة تقع خلف المعدة، وهو يساهم في أداء وظائف مختلفة كالمساعدة في هضم الطعام. بالإضافة إلى ذلك فإن البنكرياس يفرز هرمونات مثل الأنسولين والغلوكاغون. وهما هرمونين مهمين للسيطرة على مستويات السكر في الدم.

لكن يمكن في بعض الأحيان أن تطرأ بعض التغيرات على خلايا البنكرياس، وتؤدي إلى خروجها عن السيطرة وتكاثرها بسرعة وعشوائية، مما ينتج كتلة من الأنسجة. في بعض الأحيان تكون هذه الكتلة حميدة (ليست سرطانية)، ولكن في أحيان أخرى تكون الكتلة خبيثة وتشكل ما يسمى بسرطان البنكرياس.

هناك نوعان من الأورام التي تنمو في البنكرياس: أورام غدية خارجية الإفراز "Exocrine"، وأورام صماوية عصبية "Neuroendocrine".

وحوالي 93% من جميع أورام البنكرياس هي أورام غدية خارجية الإفراز، وتعد السرطانة الغدية "Adenocarcinoma" أكثر أنواع سرطان البنكرياس شيوعاً.

وعادةً ما تكون السرطانة الغدية في البنكرياس هي ما يعنيه الناس عندما يقولون أنهم مصابون بسرطان البنكرياس، ويبدأ النوع الأكثر انتشاراً منه في أقنية البنكرياس ويسمى السرطانة الغدية القنوية "Ductal adenocarcinoma".

أما ما تبقى من أورام البنكرياس وهي تشكل حوالي 7% فهي أورام صماوية عصبية، وبعضها ينتج هرمونات بشكل مفرط.

أعراض سرطان البنكرياس

في أغلب الأحيان لا تظهر أعراض سرطان البنكرياس حتى المراحل اللاحقة أو حتى المتأخرة من المرض، ويمكن أن تشبه أعراض حالات أخرى، مما يزيد من صعوبة عملية التشخيص.

وتتضمن بعض الأعراض الشائعة ما يلي:

  • آلام البطن أو الظهر
  • اليرقان حيث يعاني منه حوالي 70% من المرضى
  • طفح جلدي بسبب اليرقان
  • انخفاض الشهية وفقدان الوزن
  • تورم المرارة أو الكبد
  • تشكل خثرات (جلطات) دموية أو الإصابة بالخثار الوريدي العميق أو الانصمام الرئوي
  • الإصابة بمرض السكري
  • يصبح البراز رمادياً شاحباً أو دهنياً
  • الغثيان والإقياء
  • الحمى والقشعريرة في بعض الحالات
  • التعب
  • الإسهال أو الإمساك
  • عسر الهضم

وفي حالة انتشار السرطان يمكن أن تظهر أعراض جديدةٌ في مكانٍ آخر من الجسم.

الأسباب وعوامل الخطورة

ما زال السبب الدقيق لسرطان البنكرياس غير مفهوم تماماً، ولكن هناك بعض العوامل التي يمكن أن تزيد من احتمال الإصابة به، بما في ذلك ما يلي:

١- العمر

يمكن أن يحدث هذا النوع من السرطان في أي عمر، إلا أنه يصيب بشكل أساسي الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و80 عاماً. وحوالي 50% من الأشخاص الذين أصيبوا بسرطان البنكرياس يبلغون من العمر 75 عاماً أو أكثر.

٢- التدخين

وجدت الأبحاث أن حوالي حالةً واحدةً من كل ثلاث حالات من سرطان البنكرياس مرتبطةٌ بالتدخين. إذ أن دخان التبغ يحتوي على مواد كيميائية ضارة يمكن أن تسبب التهاباً في الأعضاء والأنسجة المختلفة في الجسم.

٣- السكري

في حال الإصابة بمرض السكري حيث يزداد خطر الإصابة بسرطان البنكرياس أيضا. ولكن من المهم معرفة أن السكري مرض شائع جداً، ومعظم المصابين به لا يصابون بهذا السرطان.

من الجدير بالذكر أن الورم السرطاني في البنكرياس يمكن أن يكون بدوره مسؤولاً عن بعض حالات مرض السكري كذلك.

٤- التهاب البنكرياس المزمن والتهاب البنكرياس الوراثي

يرفع التهاب البنكرياس المزمن خطر الإصابة بسرطان البنكرياس، وغالباً ما يكون التهاب البنكرياس المزمن ناتجاً عن الإفراط في شرب الكحول على الأمد الطويل.

كما أن التهاب البنكرياس الوراثي يزيد كذلك من احتمال إصابة الشخص بسرطان البنكرياس بحوالي 50 مرة مقارنةً بغير المصابين.

٥- العدوى بجراثيم الملوية البوابية

يمكن أن تسبب جراثيم الملوية البوابية "Helicobacter Pylori" قرحة في المعدة، وهي عامل خطر معروف لسرطان المعدة.

كما أظهرت الأبحاث أن العدوى بجرثومة الملوية البوابية قد تزيد قليلاً من خطر الإصابة بسرطان البنكرياس؛ ولكن يبدو أن خطر الإصابة صغير، وذلك لأن معظم الأشخاص الذين يعانون من العدوى لا يصابون بسرطان البنكرياس.

٦- عوامل الخطر الأُخرى

بالإضافة إلى ما سبق هناك عدد من العوامل الأخرى التي ترتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان البنكرياس، بما في ذلك ما يلي:

  • التهاب الكبد على الأمد الطويل
  • أمراض الأسنان أو اللثة
  • الإفراط في شرب الكحول
  • وجود إصابةٍ سابقةٍ لأنواع معينةٍ من السرطان
  • الخضوع للعلاج الإشعاعي سابقاً
  • النظام الغذائي والوزن ومستوى النشاط البدني

المضاعفات المحتملة لسرطان البنكرياس

يمكن أن يؤدي سرطان البنكرياس إلى حدوث مضاعفات لعدة أسباب، بما في ذلك الضغط على البنى المجاورة، ونقص المواد التي تنتجها خلايا البنكرياس الطبيعية أو انتشار السرطان من مكان الورم الأساسي إلى أجزاء أخرى من الجسم.

إذ تتضمن بعض المشكلات المحتملة ما يلي:

١- قصور البنكرياس

يمكن أن يؤدي الورم إلى نقص الإنزيمات التي ينتجها البنكرياس بالتالي يحدث سوء امتصاص، وتشنج في البطن وسوء التغذية، وذلك حتى مع اتباع نظام غذائي طبيعي.

ويحدث قصور البنكرياس في حوالي 80% إلى 90% من الأشخاص المصابين بسرطان البنكرياس، ويمكن معالجته دوائياً بتعويض الإنزيمات.

٢- انسداد القناة الصفراء

يعد انسداد القناة الصفراوية المشتركة شائعاً جداً في سرطان البنكرياس، وقد لا تكون الجراحة ممكنةً لحل المشكلة، وعندها يمكن وضع الدعامات عن طريق التنظير.

٣- انسداد المعدة أو الأمعاء الدقيقة

قد يحدث الانسداد بسبب حجم الورم المتزايد، وذلك إما في المنطقة التي تمر فيها محتويات المعدة إلى الأمعاء الدقيقة أو في الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة وهي منطقة الاثني عشر.

وعند حدوث ذلك يمكن وضع دعامات لإبقاء هذه المناطق مفتوحة، كما يمكن إجراء الجراحة لتجاوز الانسداد أيضا.

٤- الدنف

عند الإصابة بسرطان البنكرياس يحدث ما يسمى بالدنف والذي يتضمن فقدان الوزن، وخسارة الكتلة العضلية، وفقدان الشهية.

قد يكون الدنف السبب المباشر للوفاة في 20% من الحالات؛ هذا بالإضافة إلى أن الافتقار إلى إنزيمات البنكرياس يمكن أيضا أن يزيد من سوء التغذية وفقدان الوزن، مما يجعل هذه المشكلة هامةً جداً عند معالجة أي شخص مصاب بسرطان البنكرياس.

٥- الخثرات الدموية

تُعتبر الخثرات الدموية والانصمام الرئوي مضاعفات شائعة للغاية في أي مرحلة من المرض.

كما أن المصابين بسرطان البنكرياس يكونون أكثر عرضةً للنزيف عندما يأخذون مميعات الدم مقارنةً بالأشخاص الذين يعانون من أنواع أخرى من السرطان، ولذلك تجب المراقبة أثناء العلاج بعناية.

٦- الألم

قد يكون الألم المرافق لسرطان البنكرياس شديداً، ولكن هناك عدد من الخيارات المختلفة للسيطرة على هذه الآلام.

يتضمن ذلك عادةً الجمع بين أكثر من طريقة، بما في ذلك مسكنات الألم، والعلاج الإشعاعي للبطن، وإحصار الأعصاب البطنية، وهو إجراء يمنع الأعصاب في البطن من نقل إشارات الألم إلى الدماغ.

انتشار السرطان

من المهم أن نفهم أن انتشار سرطان البنكرياس يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك مرحلة المرض ونوع الخلايا السرطانية والحالة الصحية العامة للفرد. يجب أن يتم تقييم كل حالة بشكل فردي واعتبار عوامل الانتشار المحتملة لاتخاذ خطة علاج مناسبة ومناقشة التوقعات مع الفرد المصاب بالمرض.

  • يكون الانتشار إلى الغدد اللمفاوية المحيطة بالبنكرياس أمرًا شائعًا في مراحل متأخرة من المرض. حيث تلتهم الخلايا السرطانية اللمفاوية المحيطة وتتجمع فيها، مما يمكن أن يؤدي إلى تضخم الغدد اللمفاوية وانتقال المرض إلى أماكن أخرى في الجسم.
  • ينتقل سرطان البنكرياس عادةً إلى الكبد في مراحل متأخرة، حيث ينتشر عبر الدم أو الجهاز اللمفاوي. يعتبر الكبد هدفاً رئيسياً لانتشار سرطان البنكرياس البعيد عن موقعه الأصلي.
  • يُمكن أن ينتشر سرطان البنكرياس إلى الأمعاء الدقيقة والمعدة والمريء عبر الانتشار المباشر أو عبر الدم.
  • في حالات نادرة، يُمكن أن ينتشر سرطان البنكرياس إلى الدماغ أو النخاع الشوكي عبر الانتشار عبر الدم.
  • كما يمكن أن ينتشر السرطان إلى الرئتين في بعض الحالات

الوسائل التشخيصية

يسأل الطبيب عن الأعراض التي يشعر بها المريض، ويأخذ القصة المرضية والتاريخ الطبي للأسرة، كما يجري فحصاً بدنياً، ويمكن أن يوصي أيضا بإجراء بعض الاختبارات التي تشمل:

  • اختبارات الدم، بما في ذلك اختبار وظيفة الكبد
  • اختبارات البول والبراز
  • الاختبارات التصويرية، مثل الأشعة السينية "x-ray"، والتصوير بالموجات فوق الصوتية أو الإيكو "ْUltrasound"، والتصوير بالرنين المغناطيسي "MRI"
  • أخذ خزعة لتأكيد التشخيص، وهي عبارة عن أخذ عينة صغيرة من نسيج الورم وفحصها في المختبر

العلاج

من الممكن الشفاء من سرطان البنكرياس على الرغم من أنه يتميز بمعدل منخفض للبقاء على قيد الحياة، ولكن يمكن علاجه إذا تم اكتشافه ومعالجته مبكراً.

في الواقع يعتمد علاج سرطان البنكرياس على مكان وجود الورم، والمرحلة التي بلغها، وصحة المريض، وما إذا كان السرطان قد انتشر في أنحاء أخرى من الجسم أم لا؛ وتتضمن خيارات العلاج ما يلي:

  • الاستئصال الجراحي: والتي تتم بإزالة الجزء السرطاني من البنكرياس، ويمكن أيضاً إزالة العقد اللمفاوية القريبة.
    • إذا كان الورم موجوداً في رأس البنكرياس فقد يوصي الطبيب بإجراء عملية ويبل "Whipple procedure"؛ والتي تتم باستئصال رأس البنكرياس، والجزء الأول من الأمعاء الدقيقة، والمرارة، وجزء من القناة الصفراوية، والعقد اللمفاوية القريبة.
  • العلاج الإشعاعي: وهو استخدام طاقة عالية السرعة لقتل الخلايا السرطانية.
  • العلاج الكيميائي: عبارة عن أدوية تقتل الخلايا السرطانية.
  • العلاج المناعي: يساعد العلاج المناعي الجسم على محاربة السرطان؛ وغالباً ما يكون هذا العلاج غير فعال ضد سرطان البنكرياس، ولكن هناك فئة من المرضى قد يستفيدون منه.
  • العلاج الهدفي: وهو علاج يستهدف بعض المورثات أو البروتينات التي تساعد السرطان على النمو.
  • التجارب السريرية: يمكن التحدث إلى الطبيب حول المشاركة في تجربة سريرية تهدف لتجربة أدوية جديدة لعلاج الحالة.

الوقاية

باعتبار أن سبب سرطان البنكرياس ما يزال غير واضح ر تماماً فمن الصعب معرفة كيفية منعه. لكن يمكن تغيير بعض السلوكيات اليومية لتصبح الحياة صحيةً أكثر، ويمكن تحقيق ذلك باتباع بعض النصائح التي قد تقلل من خطر الإصابة، بما في ذلك:

  • الإقلاع عن التدخين
  • الوصول إلى وزنٍ طبيعيٍّ والحفاظ عليه من خلال تناول الطعام الصحي وممارسة التمارين الرياضية
  • تجنب شرب الكحول
  • الوقاية من مرض السكري، وفي حال الإصابة به من المهم السيطرة على مستويات السكر في الدم
  • استخدم معدات السلامة إذا كان عمل الشخص يعرضه لبعض السموم