يسبب مرض باركنسون حركاتٍ لا إرادية يصعب السيطرة عليها. وكشفت دراسة طبية مؤخراً أن ممارسة التمارين الرياضية المكثفة يمكنها أن تبطئ من تطور المرض، وتمهد الطريق لاتخاذ تدابير وقائية غير دوائية.
مرض باركنسون
يعد مرض باركنسون "Parkinson's disease" اضطراباً عصبياً متقدماً يتطور مع مرور الوقت، ويؤثر في كل من الحركة والمزاج. ويحدث عندما تفقد الخلايا العصبية في الدماغ قدرتها على إنتاج كمية كافية من مادة تسمى الدوبامين "dopamine".
لأن سلامتك تهمنا
تحدث مع طبيبويُصنع الدوبامين في الدماغ، وهو مادة كيميائية طبيعية ضرورية للتحكم السلس في العضلات والحركة.
ويُشخص معظم المصابين بمرض باركنسون في سن 65 عاماً تقريباً، لكن هذا لا يعني أنه لا يصيب الأشخاص الأصغر سناً. إذ يصاب واحد من كل عشرة أفراد بمرض باركنسون يكون عمرهم أقل من 45 عاماً. (1)
أعراض مرض باركنسون
تتنوع أعراض مرض باركنسون من شخص لآخر في الشدة والتطور، فكل مصاب يعاني من الأعراض بشكلٍ مختلف. ولا يمكن الجزم بظهور جميعها على كل المرضى.
ومن أكثر الأعراض شيوعًا، ما يلي:
- الرعاش أثناء الراحة: وهو الاهتزاز في جزءٍ من الجسم عندما يكون في حالة استرخاء
- تصلب العضلات
- بطء الحركة
- صعوبة في تعدد المهام
- صغر خط الكتابة
- اللامبالاة
- التعب
- اضطراب النوم
- فقدان حاسة الشم
- الاكتئاب
- اختلال ضغط الدم
- الإمساك
- الهلوسة
- اضطراب البارانويا "جنون الارتياب": هو شعور المصاب بأنّه مُهدّد أو مُطارَد من قبل شخص أو مجموعة، دون وجود أدلة واقعية تدعم هذا الشعور
- الأوهام: الاقتناع بأمرٍ خاطئٍ أو شعورٍ غير صحيح
كيف تساعد التمارين الرياضية في إبطاء تطور مرض باركنسون؟
نشرت مجلة Science Advances بحثاً طبياً أشار إلى أن التمارين الرياضية المكثفة قد تؤدي إلى إبطاء تطور مرض باركنسون.
وقاد البحث علماء الأعصاب من كلية الطب بالجامعة الكاثوليكية the Catholic University في حرم روما الجامعي، ومؤسسة A. Gemelli IRCCS Polyclinic.
وأجريت الأبحاث على حيوانات المختبر، إذ تمكن العلماء من تحديد آليةٍ جديدةٍ حول الفائدة الإيجابية للتمارين الرياضية على مرونة الدماغ.
وأفاد العلماء بأن الأنشطة الرياضية في المراحل المبكرة من المرض يمكن أن تعود بتأثيراتٍ مفيدةٍ على التحكم في الحركة، حتى بعد التوقف عن ممارستها.
في هذا السياق يقول الدكتور أليساندرو ديروكو "Dr. Alessandro DiRocco" طبيب الأعصاب في مستشفى نورثويل لينوكس هيل "Northwell Lenox Hill Hospital" في نيويورك، الذي لم يشارك في البحث، لمنصة Medical News Today: «على الرغم من أن فوائد التمارين الرياضية في علاج مرض باركنسون راسخة إلا أن هذه الدراسة المهمة تشير إلى أن التمارين الرياضية قد تكون فعالةً في تأخير تطور المرض، مما يقلل من تجمعات البروتين غير الطبيعي ألفا سينوكلين في الدماغ».
تحدث مع طبيب الآن
ويضيف: «بينما يوجد حالياً عدد من الأدوية التي يمكن أن تخفف من أعراض المرض إلا أنه لا يوجد علاج معروف لتأخير التطور الحتمي للمرض. بالتالي يمكن أن يكون للتمارين الرياضية دورٌ مهمٌ في العلاج الشامل لمرض باركنسون».
وخلص الباحثون في الدراسة إلى أن التمارين الرياضية تعمل على تحسين وظيفة المتقدرات في الخلايا وتعزيز تكوينها الحيوي وهي عبارة عن بنى ضرورية لإنتاج الطاقة وصحة الخلايا العصبية.
طرق أخرى لعلاج التمارين الرياضية مرضى باركنسون
قدّم دانييل ترونج " Dr. Daniel Truong"، طبيب الأعصاب والمدير الطبي لمعهد باركنسون واضطرابات الحركة في مركز MemorialCare Orange Coast الطبي في كاليفورنيا طرق أخرى تساعد بها التمارين الرياضية في علاج مرض باركنسون، منها ما يلي:
1- تقليل تجمعات ألفا سينوكلين
تقلل التمارين الرياضية المكثفة من انتشار تجمعات ألفا سينوكلين المرضية "alpha-synuclein" في الدماغ. وتعد هذه التجمعات هي السمة المميزة لمرض باركنسون، وتؤدي إلى خللٍ في الخلايا العصبية وموتها.
2- الحفاظ على التحكم الحركي والتعلم البصري المكاني
تشير الدراسة الطبية إلى أن التمارين الرياضية يمكن أن تساعد في الحفاظ على التحكم الحركي والتعلم البصري المكاني، اللذين يتراجعان عند الإصابة بمرض باركنسون نتيجة خلل في مناطق معينة في الدماغ.
3- تفاعل BDNF وNMDA
اكتشفت الدراسة أن عامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ "BDNF" الذي تزداد مستوياته بالتزامن مع ممارسة التمارين الرياضية يتفاعل مع مستقبل NMDA للغلوتامات، وهو ناقل عصبي يشارك في التعلم والذاكرة.
ويسمح هذا التفاعل للخلايا العصبية الموجودة في الجسم بالاستجابة بشكلٍ أكثر كفاءة للمنبهات، مما يعود بفوائد تدوم إلى ما بعد ممارسة التمارين المكثفة.
4- تأثيرات مضادة للالتهابات
أظهرت الدراسة الطبية أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لها تأثيرات مضادة للالتهابات، مما يكون له فوائد محتملة لمرضى باركنسون.
نصائح
تعتمد العلاجات المتاحة لمرض باركنسون على تخفيف أعراضه، حيث لا توجد أدوية حالياً تثبت فاعليتها في وقف أعراض المرض تماماً.
وتشمل أساليب العلاج، ما يلي:
- الأدوية: وهي موجهةٌ لعلاج الأعراض مثل الرعاش والبطء في الحركة.
- أساليب غير دوائية: مثل التمارين الرياضية والعلاج الطبيعي والتغذية.
لذلك تعدّ ممارسة التمارين الرياضية في جميع مراحل المرض، مع تناول الأدوية وسيلةً فعالةً للسيطرة على مرض باركنسون، وعدم تطوره.
كما ينبغي تشجيع أخصائيي الرعاية الصحية، لمرضاهم على بدء أو مواصلة نمط حياة نشط، إلى جانب التركيز على ممارسة التمارين الهوائية والمائية والمشي السريع والسباحة.