الجنف في العمود الفقري: الأعراض والعلاج

الكاتب - 26 سبتمبر 2023

تعد مشاكل العمود الفقري الأكثر انتشاراً في العالم، وتعد حالة الجنف إحدى هذه المشاكل المنتشرة، وفيها يحدث ميلان جانبي في العمود الفقري مما يؤدي إلى تشوهات هيكلية ومشاكل وظيفية. وفي هذا المقال سنتعرف على هذه الحالة بشكل مفصل بالإضافة إلى الأساليب العلاجية المتاحة.

تعريف الجنف

الجنف هو التواء وانحناء غير طبيعي في العمود الفقري، وفيه يأخذ العمود الفقري انحناءً إلى أحد الجانبين على شكل C أو S، كما يمكن أن يحدث في أي جزء من العمود الفقري. وليتم تشخيص الحالة على أنها جنف يجب أن يكون قياس زاوية كوب "Cobb angle" وهو مقياس الانحناء 10 درجات على الأقل.

في الواقع يمكن أن تحدث هذه الحالة في أي عمر، لكن غالباً ما تظهر عند الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و12 عاماً أو أثناء سن المراهقة. كما تعتبر نادرة الظهور عند الرضع، مع العلم أن هنالك أنواع يمكن أن يتم تشخيصها قبل سن 3 سنوات.

يصنف الأطباء منحنيات العمود الفقري إلى انحناء بنيوي ويعد دائم، وقد يكون بسبب حالة طبية أو إصابة. وانحناء غير بنيوي يعتبر مؤقت، مما يعني أن العمود الفقري يكون طبيعياً من الناحية الهيكلية. وفي كلتا الحالتين يحاول الطبيب العثور على السبب وتصحيحه أو علاجه.

أعراض الجنف

يعاني كل شخصٍ من أعراض مختلفة لحالة الجنف، وتشمل الأعراض الأكثر شيوعاً:

  • الاختلاف في ارتفاع الكتفين
  • الاختلاف في ارتفاع شوكي الكتف
  • الرأس غير مرتكز مع بقية الجسم
  • الاختلاف في ارتفاع الوركين
  • اختلاف الوضعية
  • عند الوقوف بشكل مستقيم يكون هناك اختلاف في الطريقة التي تتدلى بها الذراعين على جانب الجسم
  • تبدو جوانب الظهر مختلفةً في الارتفاع عند الانحناء للأمام 
  • عدم تناسق في الأضلاع عند رؤيتها من الأمام أو الخلف

كما أن هناك بعض الأعراض المرتبطة بالجنف ولكن مجهولة السبب، مثل:

  • آلام الظهر
  • آلام الساق
  • التغيرات في عادات التغوط والتبول

وإذا كان الشخص يعاني من هذه الأعراض فإنه يحتاج إلى تلقي المزيد من التقييم الطبي الفوري لتحديد السبب.

أسباب الجنف

من الأسباب المحتملة لحالة الجنف ما يلي:

  • الحالات العصبية العضلية: والتي تصيب الأعصاب والعضلات، مثل الشلل الدماغي، وشلل الأطفال، والحثل العضلي.
  • الجنف الخلقي: يكون موجوداً عند الولادة، وهو نادر الحدوث، حيث تتطور العظام في العمود الفقري بشكلٍ غير طبيعي عندما ينمو الجنين.
  • بعض المورثات: يعتقد الباحثون أن هناك مورثةً واحدةً على الأقل تلعب دوراً في تطور هذه الحالة.
  • طول الساق: إذا كانت هناك ساق واحدة أطول من الأخرى فقد يُصاب الشخص بالجنف.
  • الجنف المتلازمي: وهو يمكن أن يحدث كجزءٍ من حالة طبية، بما في ذلك الورم الليفي العصبي أو متلازمة مارفان.
  • هشاشة العظام: يمكن أن يسبب مرض هشاشة العظام جنفاً ثانوياً نتيجة تنكس العظام.
  • أسباب أخرى: مثل الوضعية السيئة، وحمل حقائب الظهر، واضطرابات الأنسجة الضامة، وبعض الإصابات يمكن أن تسبب انحناء العمود الفقري.

عوامل الخطر

تتضمن عوامل الخطر لحدوث الجنف ما يلي:

  • العمر: غالباً ما تبدأ العلامات والأعراض أثناء قفزة النمو قبل البلوغ مباشرة.
  • الجنس: يكون لدى الإناث خطر أعلى لحدوث الجنف مقارنةً بالذكور.
  • الوراثة: غالباً ما يكون للأشخاص الذين يعانون من الجنف شخصٌ قريبٌ يعاني أيضاً من هذه الحالة.

المضاعفات

إن المضاعفات الجسدية للجنف نادرة، ولكن يمكن أن تتطور بعض المشاكل إذا تُركت الحالة دون علاج.

١- المشاكل العاطفية

قد يسبب الجنف الواضح أو ارتداء الدعامة مشاكل حول صورة الجسم واحترام الذات ونوعية الحياة، ولا سيما عند الأطفال والمراهقين.

٢- مشاكل الرئة والقلب

في حالات الجنف الشديدة يمكن أن يُدفَع القفص الصدري باتجاه القلب والرئتين، مما يسبب مشاكل في التنفس ويجعل من الصعب على القلب ضخ الدم حول الجسم. يمكن أن يزيد ذلك أيضا من فرص حدوث ذات الرئة، وقد يؤدي إلى حدوث مشاكل مثل قصور القلب.

٣- انضغاط الأعصاب

في بعض الحالات تضغط عظام العمود الفقري على الأعصاب القريبة، وفي الحالات الشديدة يمكن أن يسبب ذلك مشاكل مثل:

  • آلام الظهر والساق
  • خدر أو ضعف الساقين
  • فقدان السيطرة على المثانة (سلس البول)
  • فقدان السيطرة على الأمعاء (سلس الأمعاء)
  • في الرجال يمكن أن يحدث عدم القدرة على الانتصاب أو الحفاظ عليه

الوسائل التشخيصية

يعتبر التشخيص المبكر وزيارة الطبيب من الأمور الأساسية لتحديد العلاج والحد من آثار حالة الجنف، وتشمل الوسائل التشخيصية ما يلي:

١- القصة المرضية

يسأل الطبيب عن شكوى المريض والأعراض الحاصلة كالاختلاف في الوضعية وعدم تناسق وضعية الجسم أو الألم، حيث يمكن أن يسأل عن:

  • زمن بدء الأعراض
  • شدة الأعراض
٢- الفحص السريري

يمكن تشخيص الجنف عادة بعد الفحص البدني للعمود الفقري والأضلاع والوركين والكتفين. كما قد يطلب الطبيب من المريض الانحناء إلى الأمام لمعرفة ما إذا كانت هناك أية مناطق بارزة بشكل خاص.

على سبيل المثال قد يكون أحد الكتفين أعلى من الآخر أو قد يكون هناك انتفاخ واضح في الظهر.

٣- الفحوص الإضافية

عادةً ما يتم إجراء الفحوصات الأولية بواسطة الطبيب العام، وإذا تم الاشتباه في الجنف فيجب إحالة المريض إلى أخصائي تقويم العظام لإجراء مزيد من الاختبارات ومناقشة العلاج.

يجري أخصائي تقويم العظام تصويراً بالأشعة السينية لتأكيد تشخيص الجنف. كما تساعد هذه الصور أيضا في تحديد الشكل والاتجاه والموقع وزاوية الانحناء، والتي تُعرف باسم زاوية كوب "Cobb angle".

في بعض الحالات قد يوصي الطبيب أيضا بإجراء التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو التصوير المقطعي المحوسب (CT).

العلاج

تعتبر آلام الظهر واحدةً من المشكلات الرئيسية الناجمة عن الجنف لدى البالغين، لذلك يهدف العلاج بشكل أساسي إلى تخفيف الألم. وفي بعض الحالات قد يتم إجراء الجراحة لتحسين شكل العمود الفقري.

١- العلاج الدوائي

عادةً ما يصف الطبيب دواءً لتسكين الألم، كما قد يصف أيضا حقن الستيروئيدات القشرية أو التخدير الموضعي في الظهر، وذلك لتخفيف الألم الناجم عن العظام في ضغط العمود الفقري أو تهيج الأعصاب القريبة.

ومع ذلك فإن الحقن تعمل فقط على المدى القصير، وهي غالباً تساعد في تحديد مكان الألم.

أما في حال الشك بأن حالة هشاشة العظام في العمود الفقري تساهم في حدوث الأعراض فقد يتم إعطاء الأدوية والمكملات الغذائية لتقوية العظام.

٢- النشاط البدني

يمكن أن تساعد تمارين التقوية والتمدد في الوضعية العامة ومرونة الجسم، وقد تساعد في السيطرة على آلام الظهر. كما تساهم التمارين في الحفاظ على وزن صحي، مما يقلل من الضغط على الظهر.

أيضا يستفيد بعض الناس من العلاج الفيزيائي، حيث يتم تعليمهم من خلال أخصائي مجموعة تمارين محددة ليتم ممارستها بشكل يومي أو أسبوعي.

٣- الدعامات

لا تُستخدم الدعامات في كثير من الأحيان لعلاج الجنف لدى البالغين، ولكنها يمكن أن تخفف الآلام الناجمة عنه في بعض الحالات.

كما يمكن اعتبار الدعامة بديلاً للجراحة إذا لم يكن المريض في صحةٍ جيدةٍ تسمح له بالخضوع للجراحة.

٤- الجراحة

عادةً ما ينصح الطبيب بإجراء الجراحة للبالغين المصابين بالجنف فقط إذا كان الانحناء في العمود الفقري شديداً، أو كانت الحالة تزداد سوءاً بشكلٍ ملحوظ أو بسبب آلام الظهر المرتبطة بالوقوف في وضعيةٍ غير طبيعية أو إذا عند انضغاط الأعصاب في العمود الفقري.

وهناك نوعان من الجراحة:

  • جراحة لإزالة الضغط: حيث إذا كان القرص الفقري أو العظم يضغط لأسفل على العصب فيمكن إزالته لتقليل الضغط على العصب
  • جراحة دمج الفقرات: حيث يتم تحسين وضعية العمود الفقري باستخدام قضبان معدنية وألواح ومسامير

تعتبر هذه العمليات كبرى، ويمكن أن تستغرق ما يصل إلى عام أو أكثر للتعافي منها بالكامل؛ كما أنها تحمل خطراً لحدوث بعض المضاعفات الخطيرة، بما في ذلك ما يلي:

  • الفشل في تقليل الألم
  • خروج الغرسات من أماكنها أو انكسارها
  • العدوى
  • جلطات الدم
  • نادراً ما تحدث أضرار بالأعصاب في العمود الفقري، ولكن في الحالات الشديدة قد يؤدي ذلك إلى خدر دائم في الساق وفقدان السيطرة على التبول أو التغوط