أعراض التهاب المفاصل التفاعلي: كيف تميز بين أنواع العدوى المختلفة؟

الكاتب - 21 فبراير 2024

التهاب المفاصل التفاعلي هو نوع من التهاب المفاصل الذي يصيب بعض الأشخاص بعد الإصابة بعدوى بكتيرية أو فيروسية. يمكن أن تسبب هذه العدوى أعراضاً مختلفة، بما في ذلك ألم المفاصل والتورم والتهابها.

في هذا المقال، سنناقش أعراض هذه الحالة، وكيفية التمييز بين أنواع العدوى المختلفة التي يمكن أن تسبب هذا النوع من التهاب المفاصل.

تعريف التهاب المفاصل التفاعلي

التهاب المفاصل التفاعلي، المعروف أيضاً بمصطلح "Reactive Arthritis"، هو نوع من أنواع التهاب المفاصل الذي ينشأ كرد فعل لعدوى جرثومية في جزء آخر من الجسم. تمثل هذه الحالة رد فعل جهاز المناعة على عدوى، كما أنه من أشهر أنواع العدوى المسببة لهذا الالتهاب هي العدوى المنقولة جنسياً والعدوى الهضمية.

عند تعرض الفرد للعدوى، يتدخل جهاز المناعة لمحاربتها، ولكن في حال التهاب المفاصل التفاعلي يظل نشاط جهاز المناعة مستمراً حتى بعد انتهاء العدوى. هذا النشاط المستمر يؤدي إلى تورم المفاصل، رغم عدم تأثير العدوى على المفاصل بشكل مباشر.

يمكن أن يظهر التهاب المفاصل التفاعلي في أي فترة من العمر، ولكنه أكثر انتشاراً لدى الرجال الذين يتراوح أعمارهم بين 20 و 50 عاماً. وعلى الرغم من أن الحالة تختفي تمامًا في الغالب لدى معظم المصابين خلال 6 إلى 12 شهراً، إلا أن بعض الأفراد قد يعانون من استمرار الأعراض لفترة أطول أو قد تعود مرة أخرى.

يجب التأكيد على أن التهاب المفاصل التفاعلي غير معدي، ولكن يمكن أن تنتقل الجراثيم المسببة للحالة إلى الآخرين عبر النشاط الجنسي وتناول الطعام الملوث.

أعراض التهاب المفاصل التفاعلي

تتمثل الأعراض الأكثر شيوعاً لالتهاب المفاصل التفاعلي في التهاب المفاصل والعينين والمثانة والإحليل (الأنبوب الذي يساعد على إخراج البول من الجسم)، وفي بعض الأحيان قد يصاب المريض بتقرحاتٍ في الفم وبطفحٍ جلدي.

١- الأعراض المفصلية

  • ألم وتورم في الركبتين والكاحلين والقدمين، وأحياناً الأصابع والمعصمين.
  • تورم الأوتار أو المناطق التي ترتبط الأوتار بالعظم (التهاب الارتكاز).
  • ألم العَقِب ومهماز العَقِب (أو ما يسمى بمسمار الكعب).
  • آلام في أسفل الظهر والأرداف.
  • التهاب في العمود الفقري أو في أسفل الظهر في مكان ارتباط العمود الفقري بالحوض (التهاب المفصل العجزي الحرقفي).

٢- الأعراض العينية

  • احمرار العينين
  • ألم وتهيج في العين
  • عدم وضوح الرؤية

يمكن أن تكون هذه الأعراض علاماتٍ على التهاب كرة العين والجفن (التهاب الملتحمة، المعروف باسم "العين الوردية") أو التهاب القزحية.

٣- أعراض المسالك البولية

  • الألم أثناء التبول.
  • الحاجة إلى التبول بشكل متكرر.

في الواقع يمكن أن تكون أعراض التهاب المفاصل التفاعلي خفيفةً للغاية وتأتي وتختفي خلال عدة أسابيع إلى أشهر، أو يمكن أن تكون أكثر حدة.

قد لا تكون الأعراض ملحوظةً في المراحل المبكرة؛ وعادةً ما تظهر الأعراض البولية أولاً ولكنها قد تغيب عند النساء، وقد يحدث هذا العرض مع التهاب الملتحمة أو يتبعه. كما أن التهاب المفاصل عادةً ما يكون آخر الأعراض التي تظهر.

عوامل الخطورة والأسباب

يعتبر التهاب المفاصل التفاعلي شائعًا بشكل خاص بين الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و30 عاماً. (1)

وفي مراجعة أجريت في عام 2020، تم التأكيد على أن الذكور أكثر تعرضاً لتسع مرات من الإناث للإصابة بهذه الحالة نتيجة للأمراض المنقولة جنسياً. ويعتبر جراثيم الكلاميديا التي تنتقل بشكل رئيسي عبر الجنس، هي السبب الأكثر شيوعاً لحدوث هذا التهاب المفاصل. (2)

تناول الأطعمة الملوثة أو التعامل الغير صحيح معها يمكن أن يتسبب في ظهور أمراض التهابية في الجهاز الهضمي، مما يؤدي إلى التهاب المفاصل التفاعلي. وتتضمن الجراثيم المسؤولة عن ذلك ما يلي:

  • السالمونيلا "Salmonella"
  • الشيغيلا "Shigella"
  • اليرسينيا "Yersinia"
  • العطيفة "Campylobacter"

بالإضافة إلى ذلك يعد التهاب المفاصل التفاعلي شائعاً لدى الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية "HIV" المسبب لمرض الإيدز. ونتيجةً لذلك قد يجري الطبيب إجراء اختبار فيروس نقص المناعة البشرية لدى الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض جديدة لالتهاب المفاصل التفاعلي. (3)

كما أن الأشخاص الذين يحملون الجين المعروف باسم HLA-B27 يتعرضون لمخاطر أعلى للإصابة بالتهاب المفاصل التفاعلي، ولديهم فرص أكبر لتجربة أعراض أكثر شدة وطولاً. ولكن وجود هذا الجين ليس ضرورة للإصابة، فكثيرون ممن ا يحملونه تعرضوا لالتهاب المفاصل التفاعلي.

التهاب المفاصل التفاعلي وكوفيد-19

في حالاتٍ معينة أظهر الأفراد الذين يتلقون علاجاً لكوفيد-19 المعروف بالكورونا أعراض التهاب المفاصل التفاعلي. (4)

كما أبلغت الدراسات عن أشخاصٍ يعانون من أعراض التهاب المفاصل التفاعلي بعد فترةٍ وجيزةٍ من الإصابة بفيروس SARS-CoV-2 المسبب للكورونا. (5)

ولكن ما يزال هنالك حاجة للمزيد من الأبحاث والدراسات لتحديد أي روابط محتملة بين كوفيد-19 وهذه الحالة.

المضاعفات

تتضمن مضاعفات التهاب المفاصل التفاعلي ما يلي:

  • التهاب المفاصل الناكس حيث يعود الاتهاب مرة أخرى بنسبة 15 إلى 50%
  • التهاب المفاصل المزمن أو التهاب المفصل العجزي الحرقفي
  • التهاب الفقار اللاصق
  • تضيق الإحليل
  • نخر جذر الأبهر
  • الساد (إعتام عدسة العين)
  • الوذمة البقعية الكيسية

التشخيص

لا توجد حالياً أي اختبارات محددةً لتشخيص التهاب المفاصل التفاعلي، ولذلك يعتمد الأطباء مجموعةً من التقنيات لتشخيص الحالة.

١- القصة المرضية

يسأل الطبيب بعض الأسئلة حول الأعراض التي يعاني منها المريض، مثل الألم والتورم في المفاصل والمشاكل العينية والبولية، كما يمكن أن يسأل عن:

  • زمن بدء الأعراض
  • شدة الأعراض
  • الأمراض التي يعاني منها المريض
  • الأدوية التي تتناولها
٢- الفحص السريري

يجري الطبيب فحصاً شاملاً للمريض، ويفحص أي مناطق ملتهبة، بالإضافة إلى منطقة الحوض والأعضاء التناسلية والعينين والجلد.

كما يفحص المفاصل بحثاً عن التورم والالتهاب وتحديد نطاق الحركة.

٣- الاختبارات الإضافية

قد يطلب الطبيب إجراء بعض الاختبارات للمساعدة في الوصول إلى تشخيص الحالة، مثل:

  • اختبارات الدم للبحث عن العامل الروماتويدي "RF"، والأجسام المضادة للنواة "ANA"، ومعدل ترسيب خلايا الدم الحمراء "ESR" أو ما يسمى بسرعة التثفل.
  • التحقق من وجود المورثة HLA-B27 حيث أظهرت الأبحاث أن 60-80٪ من الأشخاص المصابين بالتهاب المفاصل التفاعلي لديهم هذه المورثة.

بالإضافة إلى ذلك وكون هنالك العديد من حالات العدوى التي تسبب هذه الحالة فغالباً ما يطلب الأطباء إجراء اختبارات لتشخيص العوامل الأساسية أو استبعادها، وقد تتضمن هذه الاختبارات ما يلي:

  • اختبار جراثيم الكلاميديا
  • تحليل عينات الأنسجة من الحلق والإحليل وعنق الرحم بحثاً عن الجراثيم
  • فحص عينات البول والبراز
  • دراسة السائل الزليلي الموجود في المفاصل
  • التصوير بالأشعة السينية "X-ray" للعمود الفقري والحوض والمفاصل

العلاج

تعتمد خطة علاج الشخص على الأعراض الحالية التي يمكن ملاحظتها، والأسباب الكامنة وراء التهاب المفاصل التفاعلي، وما إذا كانت الحالة في مرحلةٍ حادةٍ أو مزمنة؛ عموماً تركز خطط العلاج عادةً على:

  • علاج العدوى بالمضادات الحيوية "Antibiotics"
  • السيطرة على الألم
  • علاج أي مشاكل في الأعضاء التناسلية أو العين أو الجلد

يمكن أن يتطلب العلاج التعاون بين فريقٍ من الأطباء المتخصصين، مثل أطباء المفاصل وأمراض النساء والمسالك البولية وأمراض العيون والأمراض الجلدية.

عادة ما تكون مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (NSAIDs) الخط الأول لعلاج الأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل التفاعلي الحاد، حيث أنها تساعد في السيطرة على الأعراض مثل التورم وعدم الراحة.

قد يوصي الطبيب أيضاً باستخدام الستيروئيدات القشرية "Corticosteroids"، وهي أدويةٌ قويةٌ يمكن أن تقلل من الالتهاب؛ وقد يقوم الطبيب بحقنها مباشرةً في منطقة المفصل المصابة، أو قد يأخذها المريض عن طريق الفم.

بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تتضمن العلاجات الأخرى لالتهاب المفاصل التفاعلي المزمن ما يلي:

  • الأدوية المضادة للروماتيزم المعدلة لسير المرض
  • عامل النخر الورمي "TNF" والعلاجات الأخرى بالأجسام المضادة
  • العوامل البيولوجية

العلاجات المنزلية

١- الرياضة

ينصح المرضى بممارسة الرياضة والأنشطة البدنية حيث لها فوائد عديدة لمرضى التهاب المفاصل التفاعلي. كما ينصح باستشارة الطبيب للتأكيد على أنواع التدريبات المسموحة. وتشمل فوائد التمارين الرياضية ما يلي:

  • تقليل الألم
  • تعزيز صحة المفاصل
  • تحسين النطاق الحركي
  • تقوية العضلات
٢- الكمادات

بالإضافة إلى ذلك ينصح باستخدام الكمادات الدافئة أو الباردة لتخفيف الألم والتورم. كما يجب حماية الجلد عند استخدام الكمادات. وتكون طريقة الاستخدام كالتالي:

  • الكمادات الدافئة 20 دقيقة 3-4 مرات يومياً.
  • الكمادات الباردة 20 دقيقة 3-4 مرات يومياً مع وجود فاصل زمني 20 دقيقة بين كل مرة.
٣- تخفيف الضغط على المفصل

يساعد تقليل الضغط على المفصل المصاب في تقليل الألم والانزعاج ويمكن ذلك من خلال:

  • استخدام العكازات أو المشاية
  • ارتداء دعامة أو جبيرة
  • تجنب الأنشطة التي تُسبب ألمًا أو تزيد من التورم

الوقاية

الوقاية من العدوى أمراً أساسياً لمنع تكرار نوبات التهاب المفاصل التفاعلي.

  • استخدام وسائل الحماية الجنسية مثل الواقي الذكري لتقليل خطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً.
  • تخزين الطعام وطهيه في درجات الحرارة الموصى بها لوقف انتشار الجراثيم المنقولة بالغذاء.
  • غسل اليدين بشكل متكرر بالماء والصابون.
  • تجنب الاتصال الوثيق مع الأشخاص المرضى.