داء منيير: الأعراض والعلاج

الكاتب - 16 فبراير 2023

داء منيير "Ménière’s Disease" من الاضطرابات التي تؤثر على الأذن، ويتميز بتأثيره على وظيفة التوازن بالإضافة للتسبب بنقص السمع.

فما هي أسباب هدا المرض؟ وهل يمكن علاجه؟

تعريف داء منيير

يصيب داء منيير "Ménière’s Disease" الجزء الداخلي من الأذن الذي يدعى الأذن الداخلية، حيث تتكون الأذن الداخلية (وهو الجزء الذي يتوضع ضمن عظام الجمجمة) من القوقعة، الجزء المسؤول عن السمع، والدهليز (القسم المسؤول عن التوازن).

يعتبر داء منيير من الأسباب الشائعة للدوار المتعلق باضطرابات الأذن، وتصيب هذه الحالة أذناً واحدةً غالباً، وفي بعض الحالات قد تصيب الأذنين معاً.

كما ويصيب المرض الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40 وحتى 60 سنةً عادةً. ويتميز بحدوث هجمات من الدوار، والتي قد تبدأ بشكل مفاجئ أو بعد فترة قصيرة من الطنين ونقص السمع.

يمكن أن يتعرض بعض الأشخاص لهجمات من الدوار فقط، بينها فترات طويلة من غياب الأعراض، في حين تكون الهجمات متكررة ومتقاربة خلال عدة أيام لدى البعض الآخر.

وقد يسبب داء منيير دواراً شديداً لدرجة أن يفقد المريض قدرته على التوازن، فيحدث السقوط والإصابات الناتجة عنه، وهذا ما يدعى "هجمات السقوط".

مقطع تشريحي لأجزاء الأذن
مقطع تشريحي لأجزاء الأذن

أعراض الإصابة بداء منيير

إن أعراض داء منيير تأتي على شكل هجمات، إلا أن حوالي 45% من المرضى يشيرون إلى حدوث ما يسمى بـ"النسمة Aura" قبل عدة دقائق من بدء الأعراض.

ويمكن وصف النسمة بأنها مجموعة العلامات والأعراض التي تنذر باحتمال بدء هجمة منيير. وتتضمن النسمة حدوث الطنين وفقدان مؤقت للسمع، بالإضافة إلى الإحساس بالثقل داخل الأذن، ومن ثم تبدأ نوبة المرض.

وخلال النوبة يعاني المريض بدايةً من دوار يستمر حوالي 20 دقيقة على الأقل، ويصفه المريض بإحساسه بدوران جسمه ودوران الأشياء من حوله أيضاً، يؤدي ذلك إلى الغثيان والإقياء.

تستمر النوبة من ساعتين وحتى 8 ساعات في بعض الأحيان، كما قد يزداد الدوار سوءاً مع أي حركة يقوم بها المريض.

وفي حال وجود أو الشعور بالنسمة قبل النوبة فإن الدوار يصاحبه ضعف في السمع مع الطنين الذي يكون منخفض النبرة ومستمر ثم يتراجع ببطء وينحسر مع نهايتها.

يرافق النوبة التعرق بالإضافة لظاهرة "الرأرأة"، وتُصف حالة تحرك العينين بشكل عفوي لا إرادي للأعلى والأسفل أو للجانبين.

وبحسب الدراسات تقسم الأعراض البدئية للنوبة وفقاً لاحتمال العرض الأول كما يلي:

  • طنين في الأذن: 3% من الحالات
  • ضعف السمع: 42% من الحالات
  • الدوار: 11% من الحالات
  • الدوار وفقد السمع في آن واحد: 44% من الحالات

أعراض إضافية

ومن الأعراض الأخرى هنالك ما يعرف بـ"نوبة السقوط" وتعتبر خطرة حيث ينتج عنها شعوراً بفقدان التوازن والسقوط، ويحاول الشخص حينها الفصل بين الشعور الداخلي بالسقوط، وبين الواقع الخارجي المختلف ولكن غالباً يفشل في ذلك ويرتطم بالأرض وينتج عن الارتطام إصابات خطيرةً عادةً.

تشير الدراسات الحالية إلى وجود ارتباط بين داء منيير والصداع النصفي (الشقيقة)، وأن داء منيير يعتبر من أحد أشكال صداع الشقيقة، ويدعى "دُوار الصداع النصفي". (1)

ويعاني بعض المرضى من سلسلة متتالية من الهجمات دون توقف، في حين قد تختفي الهجمات لدى البعض الآخر لعدة سنوات، قبل أن تبدأ الهجمة التالية.

وغالباً إن كانت الحالة في أذن واحدة فمع مضي الزمن ستبصح الأعراض في الأذنتين.

أسباب داء منيير

تتكون الأذن الداخلية من جهاز مترابط يدعى "التيه Labyrinth"، يحتوي على الأعضاء والأجزاء المسؤولة عن السمع والتوازن. وهي:

  • التيه العظمي
  • التيه الغشائي

كما ويتوضع التيه الغشائي ضمن التيه العظمي، ويحتوي على سائل يدعى "اللمف الداخلي Endolymph" ويتضمن هذا السائل حبيبات صغيرةً حرة الحركة تدعى "الرمال الأذنية".

بالإضافة إلى ذلك هنالك نوع من الخلايا العصبية شديدة الحساسية ذات امتدادات تخرج منها تشبه الأشعار، بالتالي عندما يتحرك الرأس، يتحرك معه سائل اللمف الداخلي، بالإضافة إلى الحبيبات التي يحتويها، مما ينبه امتدادات الخلايا العصبية التي ترسل هذه الإشارات إلى الدماغ، ليتم تفسير وضعية الجسم والرأس بناءً على ذلك.

أما يحصل في داء منيير هو زيادة في إنتاج سائل "اللمف الداخلي"، مما يؤثر على هذه الآلية الطبييعة في التوازن، والدوار واضطراب السمع الحاصل في هذا المرض.

قد تنتج هذه الزيادة في الإنتاج عن العديد من الأسباب. ونذكر منها:

  • الحساسية
  • اضطراب استجابة الجهاز المناعي
  • أذيات الرأس
  • العوامل الجينية
  • الصداع النصفي "الشقيقة"
  • الإنتانات الفيروسية

مع العلم أن المرض ينتج عن تشارك عدة عوامل مما سبق في آن واحد عادةً.

مضاعفات الإصابة

هنالك مجموعة من المضاعفات التي قد تنتج عن داء منيير مثل:

  • الإصابات والأذيات الناتجة عن السقوط
  • القلق والتوتر الناتج عن المعاناة المتكررة من الأعراض السابقة
  • الحوادث والتصادمات الناتجة عن نوبات الدُوار المرافقة
  • اضطراب التوازن والصَمَم المترقي والمتزايد مع استمرار المرض
  • الطنين صعب العلاج المستمر والمزعج

التشخيص

يتم تشخيص داء منيير من قبل أخصائي في أمراض الأذن والأنف والحنجرة "ENT"، ولا يوجد عادةً اختبار حاسم واحد أو عرض واحد يمكن تأكيد التشخيص بناءً عليه.

لكن يُبنى التشخيص غالباً على التاريخ الطبي السابق للمريض، وعلى الأعراض والعلامات الحالية. والتي تتضمن:

  • إصابة المريض بهجمتين على الأقل من الدُوار تسستمر الواحدة منها فترةً لا تقل عن 20 دقيقةً
  • الطنين
  • نقص السمع المؤقت خلال نوبة المرض
  • الشعور بإحساس كالثِقَل في الأذن

قد يلجأ بعض الأطباء لبعض الاختبارات الهادفة لتقييم شدة نقص السمع الحاصل لدى المريض والناتج عن المرض.

كما يمكن تطبيق بعض الإجراءات التصويرية لنفي الأسباب الأخرى للأعراض السابقة، ومنها:

  • التصوير الدماغي بالرنين المغناطيسي MRI scan
  • التصوير الدماغي الطبقي المُحَوْسَب CT scan

علاج داء منيير

١- العلاج الدوائي

لا يوجد حالياً أي علاج شافٍ لداء منيير، وجميع العلاجات المتوافرة تعمل على السيطرة والتخفيف من الأعراض، مثل الدوار والغثيان والإقياء.

ومن أكثر الأدوية تأثيراً واستخداماً:

  • دواء البروكلوربيرازين "Prochlorperazine": يخفف من الهجمات الشديدة من الغثيان والإقياء
  • الأدوية المضادة للهيستامين "Antihistamine": تخفف من النوبات متوسطة الشدة من الغثيان والإقياء والدُوار

ويكون الهدف من العلاج هو أخذ الدواء في أقرب وقت ممكن عند ملاحظة أول عرض مُنذر ببدء نوبة (هجمة) المرض.

٢- العلاج الوقائي

يسبب داء منيير فقدان التوازن لدى المريض؛ لذلك يجب عليه عند ملاحظة أول عرض لبدء الهجمة أن يقوم بالتالي:

  • أخذ الأدوية المضادة للدوار مباشرةً
  • الجلوس أو الاستلقاء
  • إغماض العينين أو محاولة تثبيتهما بالنظر إلى شيء ثابت موجود من حولك
  • عدم تحريك الرأس بسرعة بأي اتجاه
  • وعند الحاجة للانتقال والتحرك، فيجب أن يتم ذلك ببطء وحذر

وبمجرد انتهاء الهجمة، على المريض البدء بالحركة، لمساعدة المجال البصري والحواس الأخرى على مواجهة وتخطي المشاكل بالاضطرابات الحاصلة في الأذن الداخلية.

٣- علاج النوبات الشديدة

قد يلجأ الطبيب إلى حقن دواء "Prochlorperazine" بدلاً من إعطائه عن طريق الأقراص عبر الفم، وذلك من أجل الحصول على تأثير سريع لمواجهة الأعراض الشديدة.

قد يحتاج بعض المرضى في حالات خاصة للنقل الإسعافي إلى المشفى، لتقديم الرعاية الطبية المكثفة، مثل نقل السوائل عبر الوريد، وذلك للمحافظة على الحجم الطبيعي للسوائل داخل الجهاز الدوراني.

٤- العلاج الجراحي

يمكن اللجوء للعلاج الجراحي في حال فشل العلاجات السابقة وخاصة الدوائية في مجال 3 إلى 6 شهور، وكذلك في الحالات الشديدة التي يصعب فيها السيطرة على الدُوار.

تحسن جراحة

نصائح لتخفيف الأعراض

هنالك مجموعة من الطرق الوقائية التي يمكن أن تساعد بتخفيف الأعراض ونذكر منها:

  • تناول كميات متوازنة من الملح: إن التغيرات في الكمية اليومية لملح الطعام المتناول، تؤدي إلى تغيرات متكررة في الضغط ضمن الأذن صعوداً وهبوطاً. قد يؤدي ذلك إلى تحريض بدء نوبة داء منيير. (2)
  • الإقلال من الكافيئين: قد تزيد المشروبات الحاوية على الكافيئين من شدة الطنين، لذلك يجب التقليل منها وتجنبها.
  • التقليل من شرب الكحول: نظراً للتأثير السلبي للكحول على جهاز التوازن داخل الجسم، مما يسبب الدوار.
  • تجنب الأطعمة التي قد تطلق نوبة المرض: تختلف هذه الأطعمة من شخص إلى أخر، مثل تلك الحاوية على الغلوتين "Gluten".
  • إجراء فحص سنوي للجسم بالإضافة لفحوصات الدم السنوية: حيث نجد زيادةً في انتشار قصور الدرق وظاهرة انقطاع التنفس أثناء النوم لدى مرضى داء منيير، بالتالي يخفف اكتشاف مثل هذه الحالات وعلاجها. (3) (4)
  • الإقلاع عن التدخين: يساهم الإقلاع عن التدخين من شدة الأعراض، ونجد ذلك بشكل خاص لدى الأشخاص الذين يدخنون بكثرة واستمرار
  • تمارين السيطرة على الشدة النفسية: يعتبر كل من القلق والتوتر عرضاً من أعراض المرض وسبباً له في نفس الوقت. لذلك فإن التمارين التي تساعد على الاسترخاء واستعادة السكون الداخلي، تساهم بشكل فعال في السيطرة على الأعراض والتخفيف منها.