أم الدم الأبهرية: الأسباب وطرق التشخيص

الكاتب - 15 أغسطس 2023

يعتبر الشريان الأبهر الشريان الرئيسي الذي يخرج من القلب والمسؤول عن إيصال الدم الشرياني لكل أنحاء الجسم. حيث تتفرع كل الشرايين المغذية لأعضاء الجسم من هذا الشريان، بالتالي فإن حدوث أي إصابة أو خلل على مستوى الشريان الأبهر قد ينعكس سلباً على جريان الدم ضمنه وعلى تروية أعضاء الجسم بالدم. وتعد أم الدم الأبهرية هي من الاضطرابات التي قد تصيب جدران الشريان الأبهر وتؤثر على عمله.

سنتعرف في هذا المقال عالى أنواع أم دم الشريان الأبهري وأسباب حصولها، بالإضافة إلى ذلك سنناقش الأعراض ووسائل العلاج المقترحة.

ما هي أم الدم الأبهرية؟

تعرف حالة أم الدم الأبهرية "Aortic Aneurysm" بأنها حدوث لانتفاخ أو توسع في جدار الشريان الأبهر في أي موقع من مواقع انتشار وامتداد هذا الشريان. وذلك نتيجة وجود خلل أو ضرر يؤدي لضعف في بنية جدار الشريان الأبهر بالتالي توسعه في نقطة الضعف وتشكل أم دم أبهرية على شكل توسع يشبه البالون.

ينشأ الشريان الأبهر من البطين الأيسر للقلب وهو الشريان الرئيسي للجسم المسؤول عن نقل الدم المحمل بالأوكسجين إلى أعضاء الجسم، يسير هذا الشريان في الصدر ومن ثم يتابع نزولاً ضمن البطن حتى يتفرع ليعطي شرايين الطرفين السفليين. ويتكون جدار الشريان الأبهر من ثلاث طبقات هي:

  • الطبقة الداخلية "Intima": وهي الطبقة الموجودة ضمن لمعة الشريان وعلى تماس مباشر مع الدم. وتتكون من طبقة رقيقة من الخلايا التي تعرف بالخلايا الظهارية "Endothelium".
  • الطبقة المتوسطة "Media": وهي الطبقة الأكثر ثخانة في جدار الأبهر. وتتكون من ألياف مرنة ومن خلايا عضلية تعطي للشريان الأبهر المتانة والمرونة والقدرة على تحمل الضغط الدموي.
  • الطبقة الخارجية "Adventitia": طبقة رقيقة تغلف الطبقة العضلية من الخارج. وتتكون من نسيج وخلايا ليفية بشكل رئيسي وأوعية دموية دقيقة تغذي الطبقة المتوسطة للشريان الأبهر.

تحدث أم الدم عادةً عند حصول توسع في قطر الشريان الأبهر بمقدار 50% زيادة عن قطره الأصلي. وهذا التوسع غالباً ما يكون ناجم عن ضعف في طبقات جدار الشريان الأبهر وخصوصاً الطبقة المتوسطة، ويصيب هذا التوسع الطبقات الثلاث للأبهر.

أنواع أم الدم الأبهرية

يمكن لأم الدم الأبهرية أن تحدث في أي جزء من أجزاء الشريان الأبهر على طول مساره، ولكن لسهولة تصنيف ودراسة أم دم الشريان الأبهر فقد تم تقسيمها لنوعين أساسيين وذلك بناء على الموقع الذي حدثت فيه أم الدم الأبهرية وهذان النوعان هما:

أ- أم دم الأبهر الصدري "Thoracic Aortic Aneurysm"

تحدث أم دم الأبهر الصدري في الجزء من الشريان الأبهر الواقع ضمن الصدر، حيث يحدث التوسع في جدار الشريان في أحد الأجزاء المتواجدة داخل القفص الصدري والتي تضم:

  • الأبهر الصاعد "Ascending Aorta"
  • قوس الأبهر "Aortic Arch"
  • الأبهر الصدري النازل "Thoracic Descending Aorta"
ب- أم دم الأبهر البطني "Abdominal Aortic Aneurysm"

يحدث التوسع وظهور أم الدم في القسم من الشريان الأبهر الذي يسير ضمن البطن.

أسباب وعوامل الخطر لحدوث أم الدم الأبهرية

السبب الرئيسي لحدوث أم الدم الأبهرية غير معروف بدقة، ولكن يعتقد أن هناك تداخل بين عدة أسباب وعوامل خطورة تؤدي لحدوث الضعف والخلل على مستوى جدار الشريان الأبهر وتسبب توسعه وتطور أم الدم فيه. وتتضمن أبرز الأسباب وعوامل الخطر ما يلي:

١- العمر

يزداد احتمال ظهور أم الدم الأبهرية مع التقدم في العمر، وبشكل عام تكون أم دم الأبهر البطني أكثر شيوعاً عند البالغين فوق عمر 65 سنة.

٢- العوامل الوراثية والتاريخ العائلي

يرتبط حدوث وتطور أم الدم الأبهرية بوجود سوابق عائلية للإصابة بأم الدم الأبهرية عند أحد أفراد العائلة (أب، أم، أخ). وذلك بسبب اكتشاف مجموعة من المورثات الطافرة التي تسبب حدوث أمراض واضطرابات على مستوى جدار الشريان الأبهر وحدوث ضعف فيه عند تواجدها في المادة الوراثية للشخص.

تنتقل هذه المورثات بين أفراد العائلة الواحدة وترفع نسبة الإصابة بأمهات الدم الأبهرية. وذلك من خلال آلية تأثيرها بشكل رئيسي على بنية النسيج الضام والنسيج الليفي والخلايا العضلية لطبقات الشريان الأبهر وإضعافها. ووفقاً للإحصائيات فإن حوالي 20% من حالات أم الدم الأبهرية يكون للعوامل الوراثية دور فيها.

وتضم أبرز الأمراض والحالات الوراثية المرتبطة بحدوث أم الدم الأبهرية:

أ- تناذر مارفان "Marfan Syndrome"

اضطراب ناجم عن وجود خلل أو طفرة في المورثات تؤدي لخلل في تشكيل وصنع بروتين ضروري لإنتاج الألياف المرنة التي تدخل في تركيب وبنية النسيج الضام المنتشر في كل أعضاء الجسم (عضلات، مفاصل، عظام).

بالتالي تؤدي الإصابة بتناذر مارفان لحدوث ضعف في بنية جدار الشريان الأبهر ورفع نسبة تطور أم الدم الأبهرية.

ب- متلازمة إهلر-دانلوس "Ehlers-Danlos syndrome"

مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي تؤدي لحدوث اضطراب على مستوى خلايا النسيج الضام من حيث البنية والإنتاج وتحديداً انتاج الياف الكولاجين (Collagen)، مما يؤدي لحدوث اضطراب في كل الأنسجة والأعضاء التي يدخل الكولاجين في تركيبها.

تحدث مشاكل على مستوى المفاصل، والأربطة، وخلل في بنية جدار الشريان الأبهر وزيادة خطر حدوث أم الدم.

ج- الصمام الأبهري ثنائي الوريقات "Bicuspid aortic valve"

يتكون الصمام الأبهري الطبيعي من ثلاث وريقات لكن في بعض الحالات يولد الشخص بصمام أبهري ثنائي الوريقات وذلك نتيجة لعوامل وراثية، يترافق هذا الصمام الأبهري ثنائي الوريقات مع احتمال أعلى لتطور أمهات الدم وخصوصاً في منطقة الأبهر الصاعد.

٣- الإصابة ببعض الأمراض والحالات الصحية

يترافق وجود بعض الأمراض والحالات الصحية عند الشخص بارتفاع خطر تطور أم الدم الأبهرية لديه، وتشمل أبرز هذه الحالات:

  • ارتفاع التوتر الشرياني
  • الداء الرئوي الساد المزمن (Chronic Obstructive Pulmonary Disease)
  • الأمراض القلبية (تصلب الشرايين، أمراض الشرايين الاكليلية)
  • أمراض الكلية (الفشل أو القصور الكلوي)
  • البدانة
  • الجنس: حيث لوحظ أن الرجال أكثر عرضة للإصابة بأم الدم الأبهرية من النساء
  • التدخين حيث أن التدخين المزمن من عوامل الخطر المهمة لحدوث أم الدم الأبهرية وتحديداً أم دم الأبهر البطني. حيث وجد أن 75% من المصابين بأم دم الشريان الأبهر البطني كان لديهم تاريخ طويل ومزمن في التدخين وذلك وفقاً لإحصائيات مركز التحكم بالأمراض في الولايات المتحدة (CDC).

الأعراض

تكون أم الدم الأبهرية بشكل عام لا عرضية في مراحلها الأولى، ولكن مع زيادة حجم أم الدم مع الوقت تبدأ الأعراض بالظهور والتي تختلف بحسب موقع أم الدم.

تتضمن أبرز الأعراض المرافقة لأم دم الأبهر الصدري:

  • إحساس بألم في الصدر أو الظهر
  • حدوث صعوبة في التنفس
  • صعوبة في البلع
  • ظهور لبحة في الصوت أو سعال مجهول السبب

وتتضمن أعراض وعلامات أم الدم الأبهر البطني:

  • الشعور بألم في البطن
  • الشعور بالانتفاخ بشكل دائم
  • الإحساس بوجود نبض في منطقة البطن

طرق تشخيص حالة أم الدم الأبهرية

يتم تشخيص وجود أم الدم الأبهرية بناء على عدة خطوات وفحوصات تتضمن:

١- القصة المرضية والفحص السريري

تتضمن هذه الخطوة مجموعة من الأسئلة والاستفسارات حول الأعراض التي يعاني منها المريض كضيق التنفس مثلاً، بالإضافة إلى وجود أمراض قلبية كارتفاع الضغط، ووجود سوابق لأمراض وراثية في العائلة وغيرها من الأسئلة التي يكون الهدف منها التوجه لوجود أم دم أبهرية.

وبعد الاستجواب يتم اجراء فحص عام لأجهزة الجسم وقياس للعلامات الحيوية.

٢- صورة الصدر الشعاعية البسيطة "Chest X-ray"

تفيد صورة الصدر الشعاعية في التوجه لوجود أم دم أبهر في الصدر بشكل رئيسي، حيث يمكن من خلالها تقدير حجم القلب والشريان الأبهر وملاحظة وجود توسع فيه.

٣- تصوير القلب بالأمواج فوق الصوتية "Echocardiogram"

يفيد تصوير القلب بالأمواج فوق الصوتية في تشخيص حالة أم دم الأبهر الصدري بشكل عام، وأم دم الأبهر الصاعد بشكل خاص. حيث يمكن من خلال التصوير قياس قطر الشريان الأبهر وتقدير مقدار توسعه، إضافة لمعرفة تأثير أم الدم على الصمام الأبهري للقلب. حيث يمكن في بعض الحالات أن يسبب توسع الأبهر الصاعد توسع مرافق وتباعد في وريقات الصمام الأبهري.

٤- التصوير الطبقي المحوري المحوسب "CT-scan"

يتم تصوير الشرايين باستخدام جهاز الطبقي المحوري متعدد الشرائح من خلال حقن مادة ظليلة شعاعياً ضمن الأوعية الدموية. ومن ثم مراقبة انتشار هذه المادة ضمن القلب والشريان الأبهر من خلال التصوير الشعاعي المستمر عبر جهاز الطبقي المحوري. حيث يتبين من خلال التصوير وجود توسع في قطر الشريان الأبهر في مكان ام الدم.

٥- الرنين المغناطيسي "MRI"

يعطي جهاز الرنين المغناطيسي صور دقيقة ومفصلة لأنسجة الجسم المختلفة من خلال إطلاق أمواج مغناطيسية عالية الطاقة والتقاط ارتدادها عن انسجة الجسم، وبذلك يفيد في وضع تشخيص أم الدم الأبهرية.

٦- تصوير الشرايين الظليل "Arteriogram"

يعتمد مبدأ تصوير الشرايين الظليل على ادخال أنبوب صغير القطر ضمن جوف الشريان ومن ثم حقن مادة ظليلة في الشريان بشكل مباشر ومراقبة انتشارها وجريانها ضمنه عبر الأشعة السينية.

يستخدم هذا الاجراء لتشخيص وجود المشاكل في الشرايين صغيرة القطر كما هو الحال في قسطرة القلب، أو في الشرايين الكبيرة كالشريان الأبهر، حيث يمكن من خلاله تقدير وجود توسع في لمعة الشريان أو وجود تضيق فيه.

علاج أم الدم الأبهرية

يعتمد الخيار العلاجي المناسب لأم الدم على عدة عوامل تتضمن بشكل رئيسي حجم أم الدم، موقعها، وهل هناك عوامل خطر إضافية مرافقة لأم الدم.

يقتصر العلاج في حالات أمهات الدم الأبهرية صغيرة الى متوسطة الحجم على المراقبة المستمرة لأم الدم، إضافة لضبط عوامل الخطر التي قد تؤدي لزيادة حجمها كضبط الضغط الشرياني مثلاُ.

في حين تتضمن الخيارات العلاجية لأم الدم الأبهرية الكبيرة والتي تسبب أعراض وتكون عرضة لحدوث المضاعفات مثل النزف وتمزق ام الدم، ما يلي:

١- العلاج الجراحي المفتوح لإصلاح أم الدم

يتم فيه اجراء شق جراحي في منطقة تواجد أم الدم حيث يتم فتح الصدر في أمهات الدم الصدرية، أو فتح البطن في حالات ام دم الأبهر البطني.

يتم الوصول لمنطقة أم الدم ومن ثم استئصالها وزرع طعم وعائي صنعي ذو قطر مناسب مكان المنطقة المستأصلة التي كانت تضم أم الدم.

٢- وضع دعامة (شبكة) ضمن بطانة الشريان الأبهر

يستخدم هذا الخيار في حال عدم إمكانية اجراء الإصلاح الجراحي لأم الدم الأبهرية، ويتم فيه وضع أنبوب مرن مدعم ضمن لمعة وجوف الشريان الأبهر في منطقة أم الدم وذلك بمساعدة الأشعة السينية.

يتم الدخول والوصول للشريان الأبهر عبر الشريان الفخذي عادة، حيث يتم ادخال أنبوب صغير القطر (قسطرة) ضمن لمعة الشريان ومن ثم السير ضمنه حتى منطقة أم الدم. بعدها يتم ادخال الدعامة الوعائية عبر هذا القسطرة ومن ثم نفخها في منطقة أم الدم بحيث تحافظ على جريان طبيعي ضمن الشريان الأبهر وتدعم جدرانه وتمنع تطور أم الدم ومضاعفاتها.

الملخص

تعتبر حالات أم الدم الأبهرية بشكل عام حالات قابلة للتدبير والمعالجة عند تشخيصها بشكل مبكر ومراقبتها منع تطورها، لكنها تصبح حالات معقدة في حال اهمالها دون رقابة، لذلك يجب الحرص على اجراء الفحص الروتيني الطبي للجسم عموماً والقلب والأوعية خصوصاً لأن هذا الأمر يعتبر مفتاح العلاج الناجح.