نواجه باستمرارٍ تحدياتٍ في حياتنا يمكن أن تكون مرهقة ومتعبة، وتسبب مشاعر سلبية لدينا، لذلك من المهم إيجاد سلوكيات واستراتيجيات للتعامل مع الضغط النفسي، فما هي؟
الضغط النفسي
يعرّف الضغط النفسي "stress" وفقاً لجمعية علم النفس الأمريكية (APA) بأنه استجابةٌ عاطفيةٌ لمحفزٍ خارجي. ويمكن أن يكون التوتر الناتج عنه قصير أو طويل الأمد، اعتماداً على ما إذا كان السبب مؤقتاً أو مستمراً.
لأن سلامتك تهمنا
تحدث مع طبيبورغم أن الضغط النفسي ظاهرة طبيعية ناتجة عن ضغوط الحياة اليومية لكن استمراره يهدد صحة الفرد على المستوى النفسي والجسدي، كما يؤثر في سلوكه وعلاقاته مع الآخرين.
وتجدر الإشارة إلى أن التوتر الناتج عن الضغط النفسي يطلق هرمونات مثل النورادرينالين "noradrenaline" والكورتيزول "cortisol"، تسبب تغيرات فسيولوجية في الجسم؛ تؤثر سلبًا على الصحة العقلية والجسدية.
وينبغي الإدراك أنه لا يمكننا منع الشعور بالتوتر مطلقاً، لكن نستطيع تعلم كيفية تغيير نظرتنا له وتطوير استراتيجيات فعالة للتكيف معه.
وتختلف ردود أفعال الأشخاص تجاه التوتر بشكلٍ ملحوظ، إذ ما يعدّه شخصٌ ما موقفاً مرهقاً، يراه شخصٌ آخر محفزًا له؛ لذلك يعدّ الضغط النفسي أزمة مرضية فقط عندما يهدد صحة الشخص، أو يؤثّر سلباً على حياته.
أعراض الضغط النفسي
يؤثر الضغط النفسي على عواطف الشخص، وصحته البدنية، وقدراته المعرفية، وعلاقاته مع الآخرين.
لكن تختلف أعراض الضغط النفسي من شخصٍ لآخر، لذلك من المهم التعرف على بعض العلامات الشائعة للضغط النفسي، للتوصل إلى معرفة كيفية السيطرة عليه.
وتتضمن الأعراض الشائعة ما يلي:
1- الأعراض الجسدية
- التعب
- انخفاض مستويات الطاقة
- مشكلات في النوم، أو البقاء نائماً لفترة طويلة
- الصداع
- مشكلات في الجهاز الهضمي
- الشد العضلي
2- الأعراض العاطفية
- القلق
- الاكتئاب
- الشعور بالإرهاق
- التهيج
- تقلب المزاج
- العصبية
3- الأعراض المعرفية
- صعوبة في التركيز
- مشكلات في الذاكرة
- الأفكار التدخّلية: وهي أفكار غير مرغوبةٍ بها تسيطر على ذهن الإنسان وفكره بشكل غير قابل للتحكم، وتصبح أكثر ثباتاً ورسوخاً، مما يؤدي إلى الانزعاج والضيق منها. (1)
- تسارع الأفكار
4- الأعراض السلوكية
- تغيرات في الشهية
- الأكل العاطفي: وهو الإفراط في تناول الطعام لقمع أو تهدئة المشاعر السلبية.
- تعاطي المواد الممنوعة والكحوليات
- التسويف
- الانسحاب الاجتماعي
أسباب الضغط النفسي
تتعدد الأسباب التي تؤدّي إلى الشعور بالتوتر والضغط النفسي، بدءاً من الأحداث والمواقف الصعبة في الحياة، وصولًا إلى تراكم المواقف البسيطة دون حلها، مما يؤثّر على الصحة النفسية والجسدية للإنسان.
ويصعّب ذلك على الفرد تحديد ما يسبب له التوتر والضغط النفسي، ناهيك عن شرحه للآخرين.
ويشعر الشخص بالتوتر الذي قد يتسبب في حدوث ضغط نفسي، في الحالات التالية:
- التعامل مع تغييرات كبيرة في الحياة: مثل الانتقال، أو الزواج، أو الطلاق، أو إنجاب طفل
- تحديات الأبوة والأمومة وعدم وجود رعاية كافية للأطفال
- عدم الحصول على الرعاية الصحية
- القلق من حدوث شيءٍ معين
- المرور بفتراتٍ من عدم اليقين
- عدم قدرة الشخص على تحمل المسؤوليات الصعبة
- عدم وجود ما يكفي من العمل أو الأنشطة أو التغيير في روتين الحياة اليومي
- التعرض للتمييز أو الكراهية أو سوء المعاملة
- الظروف المعيشية: مثل العيش في المناطق التي يواجه فيها الشخص نقصاً في الموارد
- ضغوط العمل، بما في ذلك المخاوف بشأن الأداء والأمان الوظيفي والإرهاق وساعات العمل الطويلة وظروف العمل السيئة
- العادات الصحية السيئة
- مشكلات في الصحة العقلية
- الحالات الصحية المزمنة
التشخيص
لا يعد الضغط النفسي مرضاً، ولكن الإجهاد المزمن يمكن أن يجعل الشخص أكثر عرضةً للإصابة بأمراضٍ خطيرة؛ لذلك يجب أن يتعلم الناس كيفية التعرف على الأعراض المبكرة للتوتر وعلاجها.
وربما يجد بعض الأشخاص صعوبةً في تحديد سبب التوتر لديهم؛ ويمكن أن تساعد كتابة مذكراتٍ حول التوتر على تحديد عوامل الضغط وتطوير آليات التكيف المناسبة.
إذ يُنصح بتسجيل نوبات التوتر التي تحدث على مدار أسبوعين إلى 4 أسابيع في مذكرات يومية، مع ملاحظة التفاصيل التالية:
- تاريخ ووقت حدوث نوبة التوتر
- المكان الذي حدث فيه التوتر
- الأشخاص الموجودون خلال حدوث التوتر
- العواطف التي شعر بها الشخص والأفكار الأخرى
- الأحاسيس الجسدية التي شعر بها
- أي سلوكيات أجراها الشخص
- تصنيف شدة التوتر من 0 إلى 10، حيث يمثل 10 المستوى الأكثر شدةً
العلاج
تتطلب معالجة التوتر والضغط النفسي نهجاً شاملاً يبدأ بتحديد مصدره، وتطوير آليات تكيف فعالة تجاهه، وإجراء تعديلات جوهرية في نمط الحياة.
كما توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) بمجموعة من التعديلات على نمط الحياة للمساعدة في التحكم بالتوتر، منها ما يلي: (2)
تحدث مع طبيب الآن
1- تناول الطعام الصحي
يفرز الجهاز العصبي المركزي هرمونات الأدرينالين "adrenaline" والكورتيزول "cortisol" عند التعرض للتوتر.
وتسبب هذه الهرمونات تغيرات فسيولوجية مثل زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم وتوتر العضلات، تهدف منها إلى مساعدة الجسم على التعامل مع التهديدات أو المواقف الصعبة.
وتجدر الإشارة إلى أن الإجهاد المزمن يؤدي إلى زيادة الرغبة في تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات. ويُعزى ذلك إلى تأثير هرمونات التوتر على إفراز هرمونات أخرى تُنظم الشهية.
بالتالي يمكن للنظام الغذائي أن يلعب دوراً هاماً في تعزيز مستويات الطاقة وتحسين القدرة على التعامل مع الضغوطات.
ويُنصح بالتركيز على اتباع نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة بالإضافة إلى التخفيف من تناول الدهون غير الصحية والملح والسكريات المضافة.
لذلك يساعد اتباع نظام غذائي صحي على تحسين الحالة المزاجية والشعور بالراحة النفسية ويزود الجسم بالطاقة اللازمة لمواجهة التحديات، ويعزز قدرة الجهاز المناعي على مقاومة الأمراض.
2- الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم
يمكن أن يؤثر التوتر أثناء النهار سلباً على النوم أثناء الليل، مما يسبب تقلباتٍ مزاجيةً ومشكلات في الإدراك.
ويحتاج معظم البالغين إلى 7 ساعات على الأقل من النوم كل ليلة، ويُنصح بالذهاب إلى السرير والاستيقاظ في نفس الوقت كل يومٍ، حيث يمكن أن يساعد ذلك في تحسين نوعية النوم وجودته.
3- ممارسة الرياضة بانتظام
تسهم ممارسة الرياضة في تخفيف التوتر وإزالة بعض آثاره السلبية، كما أنه من المهم ممارسة حوالي 2.5 ساعة من التمارين أسبوعياً.
4- الحد من استهلاك الكحول
يلجأ بعض الأشخاص إلى شرب الكحول للتخفيف من التوتر، لكنه لا يعالج أسبابه، ويمكن أن يؤثر بشكلٍ خطيرٍ على المدى الطويل على الصحة العامة.
لذلك من المهم تخفيف شرب الكحول قدر المستطاع أو تجنب الشرب تماماً.
5- الإقلاع عن التدخين
يُعتقد أن التدخين قد يُساعد على تخفيف التوتر، لكن من المهم ملاحظة أن التأثيرات طويلة المدى للنيكوتين تسبب الإدمان، مما يفاقم أعراض التوتر.
6- ممارسة تقنيات الاسترخاء
يسهم الإجهاد في حدوث شد بالعضلات، ويسبب أعراضاً جسدية مختلفة، بما في ذلك الصداع وآلام الظهر والتعب.
ويمكن أن تساعد تقنيات الاسترخاء التالية في تخفيف التوتر، مثل:
- ممارسة التمارين الخفيفة أو تمارين التمدد
- تمارين التنفس العميق
- التأمل
- الحصول على حمامٍ دافئ
- ممارسة الأنشطة التي تجلب الشعور بالهدوء أو الفرح
- التنزه في الطبيعة
7- التواصل مع الآخرين
يعد بناء علاقات قوية وإيجابية، والتواصل مع الأصدقاء وأفراد العائلة الداعمين عند المرور بأوقاتٍ عصيبة، من أهم الخطوات للتخلص من الضغط النفسي والتوتر
8- الحصول على العلاج السلوكي
يُعد العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أحد الطرق الفعّالة للتغلب على التوتر. ويعتمد هذا على فهم كيفية تأثير الأفكار على مشاعرنا، وكيفية إسهامها في تغيير سلوكياتنا.
ومن خلال إعادة صياغة الأفكار السلبية حول العوامل المُسببة للضغط النفسي، يستطيع الفرد السيطرة على مشاعره وتقليل شعوره بالتوتر.