يعتبر مرض الكبد الدهني أحد الأمراض الشائعة التي تؤثر على الكبد وتعرض صحة الفرد للخطر. يتميز هذا المرض بتراكم الدهون في خلايا الكبد، مما يؤثر على وظائفه الحيوية ويسبب تلفًا تدريجيًا للأنسجة الكبدية. يعد مرض الكبد الدهني تحدياً صحياً عالمياً، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
يعد الكبد عضواً أساسياً في الجسم، ويؤدي وظائف مختلفة وهامة، حيث أنه يساعد على الهضم ويصنع البروتينات ويحول العناصر الغذائية إلى طاقة ويساعد على مقاومة العدوى وغيرها. ويصاب الكبد بحالة تدعى مرض الكبد الدهني أو ما يدعى بتشحم الكبد "Fatty Liver Disease" وهي حالة شائعة تنجم عن تراكم الكثير من الدهون في الكبد.
لأن سلامتك تهمنا
تحدث مع طبيبوفي معظم الحالات لا يسبب هذا المرض أية مشاكل خطيرة ولا يمنع الكبد من العمل بشكل طبيعي. إلا أن الحالة تزداد سوءاً بمرور الوقت عند حوالي 7% إلى 30% من المصابين، حيث يتقدم المرض خلال ثلاث مراحل:
- التهاب الكبد الدهني "Steatohepatitis": يلتهب الكبد مما يؤدي إلى إتلاف أنسجته.
- التليف "Fibrosis": وفيه تتشكل الأنسجة الندبية في مواضع التلف في الكبد.
- تشمع الكبد "Cirrhosis": في هذه المرحلة تحل الأنسجة الندبية محل الأنسجة السليمة بشكل واسع، ولا يستطيع الكبد أداء وظائفه كاملةً.
أنواع مرض الكبد الدهني
١- مرض الكبد الدهني غير الكحولي "Nonalcoholic fatty liver disease"
ويندرج تحت مسمى مرض الكبد الدهني غير الكحولي حالتان:
أ- الكبد الدهني البسيط "Simple Fatty Liver"
أو ما يسمى بالكبد الدهني غير الكحولي "nonalcoholic fatty liver" وتحدث هذه الحالة عندما يكون هناك دهون في الكبد، ولكن الضرر الحاصل لخلايا الكبد يكون ضئيلاً أو معدوماً. وعادةً لا يتطور الكبد الدهني البسيط إلى حالة أكثر خطورة.
ب- التهاب الكبد الدهني غير الكحولي "Nonalcoholic Steatohepatitis"
ويعاني مريض هذه الحالة من التهاب وتلف في خلايا الكبد، بالإضافة إلى الدهون الزائدة في الكبد. ويمكن أن يتطور التهاب الكبد الدهني غير الكحولي إلى حالة أكثر خطورة، مثل سرطان الكبد أو تشحم الكبد.
٢- مرض الكبد الدهني الكحولي "Alcoholic liver disease"
يصاب الأشخاص الذين يفرطون في تناول الكحول بمرض الكبد الدهني الكحولي، فعندما يحطم الكبد كمية الكحول الزائدة في الجسم يمكن أن يفرز مواد ضارة، تؤدي بدورها إلى تلف خلايا الكبد وحدوث الالتهاب.
وتعتبر هذه المرحلة الأولى من المرض الكبدي المرتبط بالكحول، وإذا توقف الشخص عن تناول الكحول فقد يتمكن من عكس ذلك. ولكن يمكن أن يتطور مرض الكبد الدهني الكحولي إلى التهاب الكبد الكحولي أو تشمع الكبد.
٣- تشمع الكبد
يعتبر تشمع الكبد أخطر مراحل مرض الكبد، ويحدث عادةً عندما يحل النسيج الندبي محل أنسجة الكبد السليمة، ويمكن أن يؤدي إلى قصور الكبد (فشل الكبد).
ومع تقدم حالة تشمع الكبد يعاني المريض من مجموعة متنوعة من الأعراض التي قد تشمل:
- حكة في الجلد
- كدمات أو نزيف
- مشاكل الذاكرة، والتخليط الذهني
- تورم في القدمين أو أسفل الساقين
- انتفاخ البطن
- اليرقان، وهو تحول لون الجلد والعينين إلى اللون الأصفر
يمكن أن يكون تشمع الكبد مهدداً للحياة، ويجب على المريض طلب المساعدة الطبية واستشارة الطبيب المختص ما أن يلاحظ أياً من الأعراض السابقة.
تحدث مع طبيب الآن
أعراض الكبد الدهني
يوصف مرض الكبد الدهني أحياناً بأنه مرض صامت، وذلك لأن الشخص قد لا يعاني من أية أعراض حتى مع تقدم المرض. ولكن في بعض الحالات قد يؤدي إلى تضخم بالكبد، وعندها قد يسبب الألم أو عدم الراحة في الجانب الأيمن العلوي من البطن.
كما يمكن أن تظهر مجموعة من الأعراض العامة المبكرة وتشمل:
- فقدان الشهية
- الغثيان أو الإقياء
- فقدان الوزن
- التعب
الأسباب وعوامل الخطورة
هنالك مجموعة من الأسباب المرتبطة بالإصابة بمرض الكبد الدهني وهي:
- السمنة: يُعتبر الوزن الزائد والسمنة أحد العوامل الرئيسية المرتبطة بتطور مرض الكبد الدهني. عندما يكون هناك زيادة في الدهون في الجسم، فإن الكبد يميل إلى تخزين المزيد من الدهون.
- مقاومة الأنسولين: يشير هذا المصطلح إلى حالة عدم قدرة الجسم على استخدام الأنسولين بشكل فعال، مما يؤدي إلى زيادة مستويات السكر في الدم. ترتفع مستويات الأنسولين في الجسم وتعمل على تعزيز تخزين الدهون في الكبد.
- مرض السكري: يعتبر السكري وجود مستويات مرتفعة من السكر في الدم وعدم القدرة على تنظيمها بشكل صحيح. يعاني الأشخاص المصابون بالسكري من زيادة خطر الإصابة بمرض الكبد الدهني بشكل كبير.
- اضطرابات الدهون الثلاثية: عندما تكون مستويات الدهون الثلاثية (الشحوم الثلاثية) في الدم مرتفعة بشكل غير طبيعي، فإنها يمكن أن تترسب في خلايا الكبد وتسبب تراكم الدهون.
- التغذية غير الصحية: تناول كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بالدهون والسكر والملح يمكن أن يزيد من خطر الإصابة.
- عوامل وراثية: لا تعتبر العوامل الوراثية عامل رئيسي لتطور مرض الكبد الدهني ولكن لها دور في زيادة خطر الإصابة عند بعض الأشخاص. حيث هناك بعض الاضطرابات الوراثية التي تؤثر على استقلاب الدهون في الجسم وقد تزيد من تراكم الدهون في الكبد.
- استهلاك الكحول: تعد استهلاك الكحول بكميات كبيرة ومتكررة أحد الأسباب الرئيسية لتطور مرض الكبد الدهني. يتم تحويل الكحول في الكبد إلى مواد سامة تؤدي إلى تلف الأنسجة الكبدية وتراكم الدهون.
المضاعفات
لا يسبب مرض الكبد الدهني غالباً الكثير من المشاكل والمضاعفات؛ ولكن في حال إهمال الحالة يمكن أن يلتهب الكبد ويتسبب في حدوث التهاب الكبد غير الكحولي. وقد يؤدي الالتهاب المستمر إلى تندب بالكبد، مما قد يؤدي إلى تشمع الكبد. كما أن عدد قليل من الناس الذين يصابون بتشمع الكبد قد يصابون بسرطان الكبد، ويمكن أن يحتاجوا إلى زرع الكبد.
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن الأشخاص المصابون بهذه الحالة لديهم خطر متزايد لحدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
تشخيص مرض الكبد الدهني
يأخذ الطبيب التاريخ الطبي للشخص ويسأل عن النظام الغذائي وعادات نمط الحياة. ويجري أيضا فحصاً بدنياً ويطلب اختبارات للمساعدة في تشخيص مرض الكبد الدهني.
- قد يشمل الفحص البدني قياس الطول والوزن لتحديد مؤشر كتلة جسم الشخص (BMI).
- كما يبحث الطبيب أيضا عن وجود علامات على اليرقان ومقاومة الأنسولين ويتحقق من وجود تضخم في الكبد.
- يمكن أن تظهر اختبارات الدم أيضاً ما إذا كان لدى الشخص مستويات أعلى من إنزيمات الكبد.
- بالإضافة إلى ذلك تساعد الاختبارات التصويرية، مثل الموجات فوق الصوتية أو التصوير الطبقي المحوري أو التصوير بالرنين المغناطيسي، بتحديد وجود الدهون في الكبد أو علامات أخرى للمرض.
- كما قد يتم أخذ خزعة من الكبد، حيث يتم إدخال إبرة في الكبد وإزالة عينة دقيقة من نسيجه، ومن ثم يتم فحصها في المختبر للتحقق من وجود أي تندبات أو أمراض.
العلاج
تختلف الإجراءات العلاجية والنصائح المتبعة بحسب نوع المرض.
١- مرض الكبد الدهني غير الكحولي
لا توجد حالياً أدوية يمكن أن تعالج مرض الكبد الدهني غير الكحولي، ولكن اعتماداً على مرحلة المرض قد يمكن اختيار بعض العلاجات التي تساعد في تحسين الأعراض.
يمكن أن يؤدي تخفيف وزن الجسم تدريجياً بنسبة 7 إلى 10 في المئة على الأقل إلى تخفيف حدة المرض. ولكن يجب العلم أن فقدان الوزن بسرعة كبيرة يمكن أن يجعل الحالة أسوأ، وتكمن الطريقة الأفضل لإنقاص الوزن تدريجياً في اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضية بانتظام. (1)
٢- مرض الكبد الدهني الكحولي
من المحتمل أن يتمكن المرضى الذين يعانون من مرض الكبد الدهني الكحولي من عكس أضرار الكبد والتهابه أو منعه من أن يزداد سوءاً، وذلك من خلال التوقف عن استهلاك الكحول.
أما إذا وصلت الحالة إلى تشمع الكبد وقصور الكبد يمكن اللجوء إلى الأدوية والجراحة، حيث قد يتطلب قصور الكبد إجراء عملية زرع كبد.
تغييرات نمط الحياة والوقاية
هناك دور كبير لتغييرات نمط الحياة في علاج مرض الكبد الدهني،بالإضافة إلى الوقاية من المرض. وقد تشمل هذه التغييرات ما يلي:
- الامتناع عن تناول الكحول
- تناول نظام غذائي متوازن
- تجنب الأطعمة التي تحوي على مستويات عالية من الدهون المشبعة أو الكربوهيدرات المكررة.
- فحسب الأبحاث قد تؤدي السكريات البسيطة واللحوم الحمراء والأطعمة المصنعة والأطعمة منخفضة الألياف إلى المساهمة بحدوث مرض الكبد الدهني غير الكحولي. (2)
- ومن الأطعمة التي قد تساعد في منع تطور المرض نذكر الثوم والقهوة والهليون بالإضافة إلى المعينات الحيوية "Probiotics"، كما يجب تناول الحبوب الكاملة والفواكه والخضروات.
- تناول وجبات أصغر حجماً
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، ولا سيما الأنشطة التي ترفع معدل ضربات القلب كركوب الدراجة، وذلك لمدة ساعتين ونصف كل أسبوع. (3)
مصادر
- Liver - fatty liver disease
https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/conditionsandtreatments/liver-fatty-liver-disease - Fatty liver
https://www.healthdirect.gov.au/fatty-liver - Non-alcoholic fatty liver disease (NAFLD)
https://www.nhs.uk/conditions/non-alcoholic-fatty-liver-disease/ - Fatty Liver Disease
https://medlineplus.gov/fattyliverdisease.html - Nonalcoholic Fatty Liver Disease
https://www.hopkinsmedicine.org/health/conditions-and-diseases/nonalcoholic-fatty-liver-disease