فقر الدم بسبب نقص الحديد

المراجعة الطبية - M.D
الكاتب - أخر تحديث 12 أغسطس 2022

ما هو فقر الدم بسبب نقص الحديد؟

يدخل الحديد في تركيب خضاب الدم "الهيموغلوبين"، وله دور رئيسي في حمل الأوكسجين ونقله إلى خلايا الجسم كافةً ضمن الكريات الحمراء.

لذلك فإن نقص توفر عنصر الحديد في الجسم لأي سبب كان سيؤدي إلى حدوث ضعف في قدرة الكريات الحمراء على نقل الأوكسجين، وهذا يدعى فقر الدم بعوز (نقص) الحديد، والذي يعتبر من الأنماط الشائعة لفقر الدم.

أعراض فقر الدم بسبب نقص الحديد

تختلف الأعراض من مريض لآخر حسب شدة فقر الدم وشدة نقص الحديد، ومن هذه الأعراض:

  • شحوب لون الجلد بشكل غير طبيعي أو فقدان اللون وهذا يظهر بشكل واضح في ملتحمة العين.
  • سرعة الانفعال وتقلبات المزاج.
  • الشعور المستمر بالتعب وعدم القدرة على ممارسة الأنشطة اليومية المعتادة.
  • تسارع في ضربات القلب قد يشعر به المريض ويصفه بالخفقان.
  • يأخذ اللسان شكلاً متوذماً أحمراً ملتهباً في بعض الأحيان.
  • قد يحدث تضخم في الطحال في بعض الحالات.
  • قد يتوق المريض إلى تناول مواد غير معروفة أو طبيعية مثل الثلج أو الأوساخ، وهذا يسمى "شهوة الطين PICA".

ويجب التنويه إلى أن مريض فقر الدم قد لا يشتكي من كل هذه الأعراض مجتمعةً أو بنفس الشدة، ولكن يجب استشارة طبيبه عند ملاحظة أعراض مماثلة.

الأسباب

يمكن أن ينتج فقر الدم في هذه الحالة لأسباب عديدة من شأنها أن تؤدي إلى نقص الحديد في الجسم، ومنها:

١- فقدان الدم لأي سبب من الأسباب

يؤدي فقدان كميات كبيرة من الدم إلى خسارة عنصر الحديد في الجسم، ومن أسباب فقدان الدم يمكن أن نذكر:

  • فقدان الدم المستمر على المدى الطويل من الطريق المعدي المعوي، ومن أسبابه المحتملة الداء المعوي الالتهابي، والتقرحات الهضمية، وسرطان الكولون، وغير ذلك من الاضطرابات الهضمية كالداء البطني "الداء الزلاقي".
  • الإصابات الرضية والإجراءات الجراحية التي تترافق مع فقدان كميات كبيرة من الدم.
  • تغيرات في الدورة الشهرية للنساء، مثل زيادة مدة الحيض أو زيادة كمية دم الحيض حتى لو كانت المدة طبيعية.
  • الاستخدام المفرط والمستمر لمضادات الالتهاب اللاستيروئيدية "NSAIDs"، مثل "أسبرين" و"أيبوبروفين" وغيرها، فلها دور بإحداث نزف هضمي
  • نزيف من المسالك البولية

٢- مشاكل امتصاص الحديد

يمكن للعديد من الأمراض والأدوية أن تمنع امتصاص الحديد من الأمعاء، ومنها:

  • بعض الحالات الجينية النادرة التي تسبب صعوبة في امتصاص الحديد من الأمعاء أو قد تسبب نزفاً في الطريق الهضمي.
  • رياضة التحمل والجهد، لأن هذه الألعاب يمكن أن تسبب للرياضيين خسارةً لعنصر الحديد عبر الأمعاء، أو التدهور المفرط لخلايا الدم الحمراء أثناء هذه الرياضات.
  • بعض الحالات الهضمية التي قد تمنع امتصاص الحديد كداء "كرون" والقرحات الهضمية والتهاب الأمعاء التقرحي، بالإضافة إلى الإصابة بجرثومة الملوية البوابية.
  • العمليات الجراحية التي يتم إجراؤها للمعدة أو الأمعاء بهدف إنقاص الوزن وغيرها من الجراحات، والتي قد تسبب خسارةً لقسم من الجهاز الهضمي المسؤول عن امتصاص الحديد.

٣- الحالات الأخرى

هناك عدد من الحالات الأخرى التي يمكن أن تسبب فقر الدم بعوز الحديد مثل:

  • أمراض الكلية: تفرز الكلية عنصر "إريثرو بيوتين" والذي يعد مسؤولاً عن إرسال إشارة إلى نقي العظم لتصنيع الكريات الحمراء، لذلك ينقص إفرازه في حالة القصور الكلوي ويؤدي للإصابة بفقر الدم.
  • الحالات المزمنة من الالتهابات والتي قد تستمر لفترات طويلة، حيث قد تسبب نقصاً في مخازن الحديد أو اضطراباً في عملية نقل الحديد من هذه المخازن، ومن الأمثلة على هذه الحالات قصور القلب والسمنة.
  • هنالك حالة من فقر الدم بعوز الحديد التي قد تظهر لدى الأطفال بين عمر تسعة أشهر والسنة، حيث تنتج عن نقص حصول الطفل على الحديد من الغذاء.

مضاعفات فقر الدم بسبب نقص الحديد

في حال التأخر بطلب استشارة الطبيب، فقد يظهر على المريض مجموعة من المضاعفات والتي يمكن أن تكون شديدة ومنها:

  • قد ينتج عن فقر الدم الشديد حدوث نقص كبير في الإمداد الأوكسجيني لخلايا الجسم، مما يتسبب بعمل عضلة القلب فوق طاقتها. وقد ينتج عن ذلك أمراض للشرايين الإكليلية التي تغذي القلب، أو حصول نقص في تزويد عضلة القلب بالأوكسجين اللازم لعملها.
  • تغيرات شكلية في الأظافر حيث قد تصبح مقعّرة ومتقصّفة، وتوصف هذه الحالة بـ"الأظافر الملعقية".
  • كما يصاب المريض بتشققات والتهاب في زاوية الفم، وقد يحصل ضمور في اللسان.
  • صعوبة البلع: قد يعاني مريض العوز الشديد والمتقدم من صعوبات في البلع وخاصة للمواد الصلبة، حيث ينتج ذلك عن تطور بنية تشبه الرف داخل جوف المريء، وتدعى هذه الحالة "متلازمة بلومر فينسون".
  • عدم تحمل المريض للبرد، ويحدث ذلك نتيجة اضطراب الآليات الطبيعية لتعديل حرارة الجسم في الظروف الجوية المختلفة.
  • في حالة الأطفال الذين تعرضوا لعوز الحديد منذ الطفولة ولم تتم معالجتهم قد يحدث ضعف في تطور الجهاز العصبي. بالإضافة إلى ضعف معرفي لديهم وتدني ملحوظ في مستوى الذكاء.
  • يمكن أن يؤدي فقر الدم الناجم عن نقص الحديد على المدى الطويل إلى مضاعفات أخرى حيث قد يكون له دور في إحداث مجموعة من الأمراض الدماغية والنفسية.

تشخيص فقر الدم بسبب نقص الحديد

بيدأ التشخيص بفحص المريض وملاحظة الأعراض والعلامات السريرية التي قد توجه لوجود فقر دم لدى المريض.

ومن ثم يتعين على الطبيب البحث عن نوع فقر الدم الموجود من خلال إجراء مجموعة من التحاليل الدموية.

تمكننا هذه التحاليل والفحوصات من توجيه العلاج بالشكل الأمثل بناءً على نوع فقر الدم، ومن هذه الفحوصات:

١- تعداد الدم الكامل CBC:

يعتبر الفحص الأول والأهم في أي نمط من أنماط فقر الدم، فهو الموجه الأول لنوع فقر الدم لدى المريض.

ويتضمن هذا الفحص العدد الإجمالي لكل نوع من أنواع الخلايا الدموية في عينة دم المريض، حيث يكون عدد خلايا الدم الحمراء منخفضاً تحت الحد الطبيعي في كل آفات فقر الدم غالباً. كما يتضمن تركيز "الخضاب الهيموغلوبيني"، والذي يكون منخفضاً أيضاً في هذه الحالة.

ومن الموجودات المهمة أيضاً في هذا الفحص كتلة الكريات الحمراء (الهيماتوكريت)، التي تكون منخفضةً نتيجة نقص تصنيع كريات الدم الحمراء، بالإضافة لنقص في الحجم الوسطي للكريات الحمراء MCV.

ومن النتائج الأخرى التي نحصل عليها زيادة في عدد الخلايا "الفتية Reticulocyte"، وهي خلايا حمراء غير ناضجة بعد، ويتم إطلاقها من مراكز تصنيع الدم في الجسم كمحاولة لتعويض النقص الحاصل في الخلايا الحمراء الناضجة.

كل ما سبق من نتائج شديدة التوجيه لحالة فقر الدم بعوز الحديد وتدفع الطبيب لإجراء المزيد من الفحوصات وليكتمل التشخيص لا بد من إجراء دراسة لحالة عنصر الحديد ومخازنه في الجسم.

٢- قياس تركيز عنصر الحديد في الدم:

يكون عنصر الحديد في الدم ناقصاً نسبياً في هذا النمط من فقر الدم.

٣- قياس تركيز مخازن الحديد في الجسم "Ferritin":

في حال كانت المخازن منخفضة الكمية فإن ذلك يعتبر الفحص الجازم لوجود فقر الدم بعوز الحديد.

وهنالك المزيد من الفحوصات التي بالإمكان إجرائها إما للمزيد من التأكيد أو بشكل روتيني أو في حال عدم تأكيد التشخيص بعد، مثل "السعة الرابطة للحديد TIBC"، وفحص عينة الدم الوريدية تحت المجهر الضوئي وغيرها. إلا أن ما سبق ذكره أولاً غالباً ما يكون كافياً لوضع التشخيص.

طرق العلاج المتبعة

يتم وضع الخطة العلاجية لكل مريض من قبل الطبيب المختص وذلك بناءً على شدة العوز الحاصل وسببه، ومن العلاجات الممكنة:

١- النظام الغذائي الغني بعنصر الحديد

  • اللحوم الحمراء: كلحم البقر والغنم، وخاصة كبد هذه المواشي
  • الدواجن والأسماك
  • الخضروات ذات الأوراق الخضراء كالملفوف والخس والبروكولي
  • البقوليات: كالفاصولياء والبازلاء
  • المعكرونة والأرز والحبوب كالعدس والحمّص، والقمح ومشتقاته

٢- الحديد المحضر للإعطاء الدوائي عبر الفم

يتم تحديد الكميات اللازم لهذه الأدوية من قبل الطبيب المختص.

ولكن قد يشكو بعض المرضى من أعراض خاصة بعد تناول هذه الأدوية لفترة طويلة مثل الإقياء والغثيان وآلام البطن والإسهال أو الإمساك وغيرها.

٣- إعطاء الحديد بالتسريب الوريدي

قد يفضل بعض المرضى هذه الطريقة وخاصةً الذين لا يتحملون الأعراض الجانبية لأخذ الحديد فموياً.

أو قد يعطى لمرضى الحالات المتقدمة من عوز الحديد لكن قد تسبب هذه الطريقة حالةً تحسسيةً لدى البعض.

٤- نقل الدم

يتم اللجوء إلى هذه الطريقة كحل أخير لمرضى فقر الدم الشديد جداً والذين يشتكون من أعراض قلبية أو صعوبات في التنفس.

حيث يتم نقل وحدات من الكريات الحمراء للتعويض عن الوظيفة الناقصة للكريات التي يشكلها الجسم لكن هذه الطريقة تعتبر حلاً مؤقتاً فقط.