هل تؤثر زيادة استهلاك البروتين على الكلى؟ طبيب يجاوب

الكاتب - أخر تحديث 2 نوفمبر 2023

يميل العديد من الأشخاص في وقتنا الحالي لاتباع أنظمة غذائية متنوعة وذلك لتحقيق أهداف مختلفة كإنقاص الوزن، وبناء العضلات، وتحسين شكل الجسم وغيرها. وقد انتشر في الآونة الأخيرة اتباع نظام حمية غذائية غنية بالبروتين لتحقيق هذه الأهداف، ولكن هل فعلاً هنالك تأثير على الكلى عند استهلاك البروتين باعتبار أنها العضو المسؤول عن تصفية وتنقية الجسم من الفضلات والسموم ونواتج استقلاب البروتين، هذا ما سوف نتحدث عنه في هذا المقال.

وظيفة الكلية وأهميتها

الكلية عبارة عن عضو مزدوج أي يوجد كليتان في الجسم واحدة في كل جانب حيث يتموضعان على جانبي العمود الفقري في القسم الخلفي من منطقة البطن.

تتمثل وظيفة الكليتين بطرح السوائل الزائدة الموجودة في الدم، والتخلص من الفضلات والأحماض، ونواتج الاستقلاب، بالإضافة إلى ذلك تحافظ الكليتين على توازن السوائل والأملاح والمعادن في الجسم حيث تنظم مستويات كل من الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم.

تعد وظائف الكلى محورية وأساسية لعمل أعضاء الجسم بشكل طبيعي سواء الجهاز العصبي أو العضلات أو الجهاز الهضمي وغيره. كما تتدخل الكلية بضبط عمليات ووظائف أخرى في الجسم وذلك من خلال الهرمونات التي تنتجها، وتتلخص هذه العمليات بما يلي:

  • ضبط ضغط الدم
  • تحريض انتاج الكريات الحمراء

تقوم الكلية بعملية التصفية والتنقية والحفاظ على السوائل من خلال احتوائها على وحدات تصفية خاصة تدعى بالنفرونات "Nephrons". حيث يوجد في كل كلية ملايين النفرونات التي تصفي الدم باستمرار، وأي خلل يصيب الكلية وعمل النفرونات سينعكس سلباً على صحة الجسم وعمل اعضائه بشكل كامل.

البروتين وأهميته في النظام الغذائي

يشكل البروتين "Protein" عنصر غذائي أساسي ووحدة بناء محورية تتواجد في كل خلايا الجسم من عضلات، وجلد، وشعر، وعظام وغيرها. حيث تعتمد هذه الخلايا على البروتين في عملية النمو، والحفاظ على حالة جيدة، وإصلاح الضرر في حال حدوثه.

بالإضافة إلى ذلك فيدخل البروتين في عملية صنع وتركيب الانزيمات والمركبات الكيمائية مثل النواقل العصبية. هذه الأنزيمات تنظم عمل الجسم وتتدخل في العديد من التفاعلات والعمليات الحيوية. ويقدر تعداد البروتينات المختلفة المتواجدة في الجسم بحوالي 10000 نوع مختلف وكل نوع له دور ووظيفة مستقلة.

يتكون كل نوع بروتين من اجتماع وحدات صغيرة تعرف باسم الأحماض الأمينية "Amino acids" التي يوجد منها أكثر من عشرين نوع. واجتماع هذه الأحماض بعدد وترتيب وارتباط معين يشكل بروتين مختلف.

لا يكون الجسم بشكل عام قادراً على تخزين الأحماض الأمينية بالتالي فهو يقوم بالحصول عليها من خلال طريقتين:

  • إما تصنيع هذه الحموض الأمينية عن طريق خلايا خاصة في الجسم وتكون قدرة الجسم على تصنيع هذه الأحماض محدودة بأنواع معدودة فقط
  • أو الحصول على هذه الأحماض بشكل جاهز للاستخدام عن طريق الطعام وهو المصدر الأساسي للحموض الامينية والبروتين.

تأثير استهلاك البروتين على الكلى

يقدم النظام الغذائي الغني بالبروتين فوائد عديدة ومتنوعة تتلخص بما يلي:

  • زيادة الكتلة العضلية وحجم العضلات.
  • تقوية العظام.
  • تخفيف الوزن من خلال تقليل كمية الكربوهيدرات والدهون في الغذاء.
  • المساعدة في ضبط ضغط الدم.
  • تعزيز عملية الاستقلاب وتخفيف الشعور بالجوع.

وبالمقابل وعلى الرغم من الفوائد العديدة التي تترافق مع حمية غذائية عالية بالبروتين فإن هنالك تأثير استهلاك البروتين على الكلى له تأثير سلبي، ويتلخص هذا الضرر على بأمرين رئيسيين هما:

١- تشكل الحصيات الكلوية

إن تأثير استهلاك البروتين العالي على الكلى يرافقه ارتفاع نسبة وتركيز المواد التي تنتج عن عملية هضم واستقلاب البروتين، ويعد حمض البول "Uric Acid" أهم هذه المواد والفضلات التي تنتج عن استقلاب البروتينات.

تقوم الكليتين في الحالة الطبيعية بتصفية حمض البول وطرحه لكن في حالات الحمية عالية البروتين وارتفاع تركيز حمض البول في الدم قد لا تستطيع الكليتين التخلص من التراكيز المرتفعة لحمض البول في الدم. بالتالي يتراكم حمض البول في الدم والكليتين، وهذا يزيد من احتمالية تطور حصيات حمض البول (Uric acid kidney stones).

حيث تترسب جزئيات حمض البول نتيجة تركيزها العالي في الدم ضمن الكلية وتتحد مع عناصر أخرى مثل الكالسيوم وتتشكل الحصيات الكلوية.

٢- الإصابة بمرض الكلية والقصور الكلوي

يعرف مرض الكلية المزمن "chronic kidney disease" أو القصور الكلوي "Renal failure" بأنه حالة يحدث فيها تراجع في قدرة الكلية على القيام بعملية تصفية وتنقية الدم وطرح الفضلات والسموم.

يحدث القصور الكلوي نتيجة عدة أسباب مرضية تؤدي لحدوث أذية وضرر على مستوى الكلى والنفرونات ضمنها مما يؤدي لتراجع الوظيفة الكلوية، وتضم أبرز محرضات ومسببات القصور الكلوي:

  • مرض السكري بنوعيه الأول والثاني.
  • ارتفاع الضغط الشرياني غير المعالج.
  • التهاب كبيبات الكلى التي هي جزء من نفرونات التصفية الكلوية "Glomerulonephritis"
  • مرض الكلية عديدة الكيسات "Polycystic kidney"
  • انسداد المجاري والطرق البولية المزمن بواسطة الحصيات.

بالإضافة لما سبق هناك اعتقاد سائد بأن تستهلاك البروتين له تأثير على الكلى فهو يزيد من احتمال الإصابة بالقصور الكلوي وتراجع الوظيفة الكلوية. وذلك بسبب الجهد الإضافي على الكليتين للتخلص من نواتج استقلاب البروتين العالي ضمن الغذاء، لكن بينت الدراسات بأن هذا الاعتقاد غير صحيح وخاصة عند المرضى الاصحاء الذين ليس لديهم أي درجة من درجات القصور الكلوي، حيث لا تؤثر الحمية عالية البروتين على الوظيفة الكلوية.

لكن بالمقابل أظهرت الدراسات بأن الحمية عالية البروتين مضرة وتسرع تفاقم القصور الكلوي في حال وجود درجة من الإصابة بالقصور الكلوي عند الشخص، وحتى لو كان قصور كلوي خفيف ولا عرضي، يمكن للحمية عالية البروتين أن تفاقم هذا القصور.

كمية البروتين الصحية والمصادر

يحتاج الجسم لكميات محددة من البروتينات بشكل يومي، وذلك لتغطية حاجة الجسم والسماح للخلايا والأعضاء بالقيام بعملها. وتختلف الكمية والحاجة اليومية من البروتين وفقاً للعمر والجنس. وتقدر هذه الحاجة اليومية وسطياً بشكل عام وفق ما يلي:

  • الأطفال تحت عمر 4 سنوات: 13 غرام بروتين يومياً
  • الأطفال من 4 حتى 8 سنوات: 19 غرام يومياً.
  • الأطفال من 9 حتى 13 عاماُ: 34 غرام.
  • الفتيات والنساء فوق عمر 14 سنة: 6 غرام في اليوم.
  • الفتيان من 14 حتى 18 سنة: 52 غرام بروتين يومياً.
  • الرجال فوق 19 سنة: 56 غرام في اليوم.

يمكن الحصول على هذه الحاجة من البروتين من خلال تناول الأطعمة الغنية بالبروتينات والتي تتضمن:

  • الأسماك
  • البيض
  • لحم الدجاج
  • اللحم الأحمر قليل الدهون
  • مشتقات الحليب
  • المكسرات
  • الحبوب والبقوليات

الملخص

يجب التأكد من الحصول على الحاجة اليومية من البروتينات لتغطية حاجة الجسم. وفي حال اتباع حمية عالية البروتين ينصح بالتأكد من صحة الجسم عموماً والكليتين خصوصاً قبل اتباع هذه الحمية نظراً للمخاطر المحتملة على صحة الكلى. كما ينصح بشكل عام باستشارة أخصائي التغذية قبل تغيير النمط الغذائي بهدف خسارة الوزن.