تضيق البواب: رحلة من التشخيص إلى العلاج

الكاتب - 27 مارس 2024

تضيق البواب هو حالة طبية تصيب الأطفال حديثي الولادة بشكل أساسي وتتميز بوجود تضييق أو انسداد جزئي في البواب وهو العضلة العاصرة التي تتحكم في مرور الطعام من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة، فما هي أعراضها وطرق علاجها؟

ما هي حالة تضيق البواب؟

يعد تضيق البواب "Pyloric stenosis" أو "pyloris" تضيقاً في الفتحة التي تصل من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة وتعرف الحالة أيضاً باسم انسداد مخرج المعدة.

وتجدر الإشارة إلى أن الطعام يمر في الحالة الطبيعية بسهولة من المعدة إلى الإثنى عشر (بداية الأمعاء الدقيقة) من خلال صمام يسمى البواب.

لكن عند الإصابة بتضيق البواب تصبح عضلات البواب سميكة مما يمنع المعدة من إفراغها في الأمعاء الدقيقة وبالتالي يعود الطعام نحو الأعلى باتجاه المريء.

أعراض تضيق البواب

لا يعاني الأطفال المصابون بتضيق البواب غالباً من أية أعراضٍ عند الولادة لكن عندما تتطور الإصابة يمكن أن تتضمن علامات الإصابة ما يلي:

1- القيء القذفي

قد يتقيأ الطفل المصاب بتضيق البواب كمية قليلة من الطعام في بداية الإصابة. لكن مع زيادة تطور هذه الحالة يصبح القيء أقوى وأكثر كمية لدرجة أن القيء يمكن أن يصل لمسافات بعيدة من فم الطفل.

2- تشنجات البطن

قد يلاحظ أحد الوالدين قبل تقيؤ الطفل حركات تشبه الأمواج في الجزء العلوي من بطنه بعد تناول الطعام مباشرة. ويعود ذلك إلى أن عضلات المعدة تبذل جهداً أكبر من المعتاد لدفع الطعام إلى الأمعاء الدقيقة.

3- الجفاف

يمكن أن يسبب القيء المتكرر فقدان الماء مما يؤدي إلى حدوث الجفاف الذي يمكن أن يهدد حياة الأطفال. وتسهم إصابة الطفل بالجفاف في قلة عدد الحفاضات المبللة أو البكاء دون دموع أو يصبح الطفل خاملاً.

4- الجوع المستمر

قد يشعر الطفل المصاب بالجوع دوماً خاصة بعد القيء لأنه لا يحتفظ بالحليب أو الطعام في معدته.

5- الإمساك

قد يواجه الأطفال المصابون بتضيق البواب صعوبةً في إفراغ أمعائهم بسبب عدم وصول كمية معتدلة من الطعام والماء إلى الأمعاء الدقيقة.

6- فقدان الوزن

يمكن أن يعاني الرضيع المصاب مشكلات في اكتساب الوزن والحفاظ عليه.

أسباب تضيق البواب

لا يُولد الأطفال بتضيق البواب بل يصابون به تدريجياً بعد الولادة. حيث تبدأ أعراض هذه الحالة بالظهور عندما يصبح البواب سميكاً بما يمنع إفراغ المعدة بشكلٍ صحيح.

ويعد السبب الرئيسي لتضيق البواب غير معروف حتى الآن لكن قد تلعب العوامل الوراثية دوراً في الإصابة. وتتطور الحالة عادةً في غضون أسبوعين إلى 8 أسابيع من عمر الرضيع. (1)

عوامل الخطورة

تشمل عوامل الخطورة التي تزيد من احتمالية الإصابة بتضيق البواب ما يلي:

1- التاريخ العائلي

قد يكون لدى الأطفال في العائلات التي لديها تاريخ من تضيق البواب فرصة أكبر للإصابة بهذه الحالة. وتشير الأبحاث الطبية إلى أن الأشقّاء لديهم خطر متزايد للإصابة بهذه الحالة بمقدار 20 ضعفاً وفي حالة التوائم المتطابقة يزداد الخطر بمقدار 200 ضعفاً. (2)

2- الجنس

يكون الرضع الذكور أكثر عرضة للإصابة بتضيق البواب بأربع مرات مقارنة بالإناث. (3)

3- الرضع البكر

يعد تضيق البواب أكثر شيوعاً بين الرضع البكر حيث أنهم يمثلون 30 إلى 40% من جميع الحالات إلا أن الأطباء غير متأكدين من سبب ذلك. (4)

4- العرق

تعد هذه الحالة أكثر شيوعاً عند الرضع البيض وأقل شيوعاً عند الرضع الآسيويين والسود غير اللاتينيين. (5)

5- التدخين

يمكن أن يضاعف التدخين خطر إنجاب طفلٍ مصابٍ بتضيق البواب. (6)

6- استخدام المضادات الحيوية

يسهم تناول أنواع معينة من المضادات الحيوية خلال أول أسبوعين من حياة الرضيع في زيادة خطر إصابته بهذه الحالة. وتشمل هذه المضادات الحيوية ما يلي: (7)

  • أزيثروميسين "Azithromycin"
  • إريثروميسين "Erythromycin"

بالإضافة إلى المضادات الحيوية التي تمنح للأمهات في نهاية حملهن أو أثناء الرضاعة الطبيعية.

7- الرضاعة بالزجاجة

وفقاً لإحدى الدراسات الطبية التي أجريت في عام 2012 قد يكون الأطفال الذين يرضعون بالزجاجة أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة 4.6 مرات مقارنة بغيرهم.

المضاعفات

إذا تُركت الحالة دون علاج لفترة طويلة قد يؤدي تضيق البواب إلى عدة مضاعفات مثل:

  • الجفاف: قد يؤدي القيء إلى فقدان الطفل للسوائل والشوارد بما يسهم في حدوث الجفاف
  • قيء الدم: يمكن أن يسبب القيء لفترةٍ طويلةٍ تهيجاً والتهاباً في المريء بما يسهم في ظهور الدم في القيء
  • اليرقان: يمكن أن تتسبب هذه الحالة إذا لم تعالج في حدوث اليرقان وهو تحول الجلد والعينين إلى اللون الأصفر بسبب تراكم مادة البيليروبين في الدم

التشخيص

ينبغي مراجعة الطبيب على الفور عند ملاحظة أي أعراض على الرضيع يمكن أن تدل على إصابته بتضيق البواب، وتعتمد عملية التشخيص على ما يلي:

1- التاريخ المرضي

يسأل الطبيب عن الأعراض التي يعانيها الطفل بما في ذلك القيء القذفي وفقدان الوزن والجفاف وآلام البطن. كما يسأل كذلك عن العادات الغذائية للطفل وعن وجود أي تاريخٍ عائلي للإصابة بهذه الحالة بالإضافة إلى الأدوية التي يتناولها الرضيع أو الأم.

2- الفحص البدني

يقوم الطبيب بإجراء فحص بدني للتحقق من وجود كتلةٍ على شكل زيتونة على بطن الطفل تمثل عضلات البواب المتضخمة. كما يتحقق أيضاً من وجود انقباضاتٍ موجيةٍ مرئيةٍ في بطن الطفل.

3- الفحوصات الإضافية

قد يطلب الطبيب إجراء اختباراتٍ إضافية بما في ذلك ما يلي:

  • اختبارات الدم: تؤكد هذه الاختبارات وجود جفاف أو خلل في توازن الشوارد في الجسم
  • التصوير بالموجات فوق الصوتية على البطن (الإيكو): يمكن أن يُظهر صوراً واضحة لتضخم عضلة البواب
  • سلسلة تصوير الجهاز الهضمي العلوي بالباريوم: يشرب الطفل في هذا الاختبار سائل الباريوم الذي يغطي الجدران الداخلية لأعضاء الجهاز الهضمي العلوي بما يسمح برؤية حركة البلع وبطانة الجدار الداخلي ووظيفة الأعضاء وحجمها وشكلها على الأشعة السينية.

العلاج

تعتمد الخطة العلاجية لتضيق البواب على إجراءات جراحية وإجراءات ما بعد التعافي من الجراحة مثل ما يلى:

1- الجراحة

يكمن علاج تضيق البواب في الجراحة حيث تُجرى عملية للطفل المصاب تدعى عملية بضع عضل البواب لرامستيد "Ramstedt's procedure" التي تؤدي إلى توسيع المساحة داخل البواب بما يسمح بمرور الطعام والسوائل بسهولة أكبر.

ويقوم الطبيب قبل الجراحة بإجراء اختباراتٍ على دم الطفل للتأكد من أن لديه مستويات معتدلة من السوائل والشوارد. بعد ذلك يخضع الطفل للتخدير العام ثم تبدأ الجراحة حيث يمكن إجراء بضع عضل البواب بإحدى طريقتين إما بالتنظير أو من خلال الجراحة المفتوحة.

ويصنع الجراح في العملية التنظيرية ثلاثة شقوق صغيرة ويستخدم كاميرا لرؤية ما داخل البطن ثم يستخدم أدوات صغيرة لقطع العضلات حول البواب. بينما في عملية بضع عضل البواب المفتوحة يصنع الجراح شقاً أكبر على الجانب الأيمن من المعدة ويقطع البواب، وتستغرق الجراحة عادةً حوالي 30 دقيقة.

2- بعد الجراحة

يمكن للرضيع بعد حوالي 6 ساعات من الانتهاء من العملية الجراحية أن يبدأ بتناول كمياتٍ صغيرةٍ من الطعام تزداد تدريجياً مع تحمل الطفل لها.

ويعود الطفل عادةً إلى المنزل بعد يومٍ أو يومين من إجراء الجراحة حيث يُراقب عن كثب بحثاً عن أي مضاعفات بعد العملية الجراحية.

ويحتاج الطفل أو الرضيع بعد العودة إلى المنزل إلى الرعاية الخاصة أثناء فترة التعافي التي تتضمن ما يلي:

  • الرضاعة الطبيعية كالمعتاد لما قبل إجراء الجراحة
  • تغذية الطفل بما لا يزيد على 85 غرام من الحليب كل 3 ساعات خلال الأيام الثلاثة الأولى بعد الجراحة وزيادة الكمية ببطء بعد هذه الفترة
  • العناية بالجرح الناتج عن العملية وإبقائه نظيفاً وجافاً
  • تجنب الاستحمام الكامل لمدة يومين وحصول الرضيع على حمام إسفنجي بدلاً من ذلك
  • منح الطفل أسيتامينوفين "Acetaminophen" لتقليل الألم إذا سمح الطبيب بذلك

3- مضاعفات ما بعد الجراحة

تتضمن جراحة تضيق البواب بعض المضاعفات المحتملة مثل العدوى. لكن تفوق فوائد هذه الجراحة مخاطرها حيث يتعافى معظم الأطفال دون أي نتائج سلبية.

ومع ذلك يجب التحدث مع الطبيب إذا أصيب الطفل بأي مما يلي بعد الجراحة:

  • التهاب أو انتفاخ الجروح الجراحية
  • خروج الدم أو تقيحات من مكان الجراحة
  • الحمى
  • استمرار القيء بعد تناول معظم الوجبات
  • انتفاخ البطن