يعد مرض تصلب الشرايين من أكثر الأمراض والاضطرابات التي تسبب حدوث تضيق في شرايين الجسم المختلفة والشرايين المغذية للقلب.
يسبب هذا المرض تضيق وصعوبة في جريان الدم خلال الشرايين وبالتالي يسبب حدوث أمراض في القلب وأعراض مرافقة لها.
لأن سلامتك تهمنا
تحدث مع طبيبفما هو مرض تصلب الشرايين وكيف يحدث وما هي تأثيراته؟
ما هو مرض تصلب الشرايين؟
تصلب الشرايين أو (Arteriosclerosis) أو "التصلب العصيدي" مرض مزمن مستمر وبطيء التطور، يبدأ منذ مرحلة الشباب ويترقى تدريجياً حتى تظهر أعراضه لاحقاً في مرحلة منتصف العمر بشكل عام، لكنه يمكن أن يصيب أي فئة عمرية.
يحدث في هذا المرض تضيق في قطر الشرايين من الداخل وبالتالي إعاقة جريان الدم وتدفقه بشكل طبيعي.
وهذا التضيق في قطر الشرايين الذي يسببه تصلب الشرايين يكون ناجم عن تشكل وتكون لويحات (plaque) في جدار الشرايين على المدى الطويل.
تكبر هذه اللويحات المكونة من مواد شحمية وكالسيوم وخلايا متنوعة ضمن جدار الشريان وتسبب تضيق في الشريان المصاب وانسداده في بعض الحالات.
كيف يحدث تصلب الشرايين؟
بالعموم تتمثل وظيفة الشرايين بنقل الدم الذي يحمل الأوكسجين من القلب وإيصاله إلى أعضاء الجسم المختلفة.
تكون عملية نقل الدم في الحالة الطبيعة سهلة وسلسة ضمن الشرايين لأنها مبطنة من الداخل بطبقة رقيقة من الخلايا تعرف بالطبقة الظهارية (endothelium).
تحافظ هذه الطبقة على جريان سهل ومنظم للدم في الشريان، يبدأ مرض تصلب الشرايين بالحدوث عندما تتضرر هذه الطبقة المبطنة لجدار الشرايين.
يمكن لهذه الطبقة أن تتمزق أو تتخرب بسبب عدة عوامل وأمراض كالحالات الالتهابية وارتفاع التوتر الشرياني غير المعالج وغيرها من الحالات.
وبالتالي تصبح البطانة ممزقة في عدة مناطق في جدار الشريان، الأمر الذي يسمح للشحوم الثلاثية والكوليسترول الموجودين في الدم بالدخول والتراكم في بطانة الشريان وضمن الطبقة المتمزقة.
إضافة للكولسترول يتجمع الكالسيوم وتتراكم كريات دم بيضاء وصفيحات دموية وغيرها في منطقة التمزق في بطانة الشريان.
هذه المواد مُجتمعةً تشكل ما يعرف "اللويحات العصيدية" ضمن هذه المناطق المتضررة والضعيفة من جدار الشريان الداخلي.
وتكون "اللويحات العصيدية" صغيرة الحجم في البداية ولكن مع الزمن والاستمرار بتضرر جدار الشرايين، تبدأ اللويحات بالنمو والتضخم وتصبح صلبة لتسبب بعد مدة من الزمن تضيق أو انسداد في جدار الشرايين المصابة.
وأحياناً يمكن لهذه اللويحات أن تتمزق وتسير ضمن الشريان المصاب أيضاً وتسبب انسداداً فيه وبالتالي تمنع الجريان الطبيعي للدم فيها وتسبب نقص مرور للدم.
وتحدث عندها الأعراض والاصابات المرتبطة بتصلب الشرايين كمرض الشرايين الاكليلية المغذية للقلب ونقص التروية القلبية والذبحة الصدرية والسكتة الدماغية وغيرها.
الأعراض
نتيجة التطور البطيء لمرض تصلب الشرايين فإن الأعراض المرافقة له تتأخر حتى تظهر، وغالباً لا تظهر إلا عند حدوث التضيق الشديد والانسداد التام في الشريان وهذا أمر يعقد العلاج قليلاً.
أما الأعراض المرافقة لتصلب الشرايين فهي تعتمد بالدرجة الأولى على مكان الإصابة والتضيق والانسداد في الشرايين.
ويمكن تلخيص أكثر الأعراض شيوعاً والمرتبطة بتصلب الشرايين وحدوث التضيق والانسداد فيها كما يلي:
- الألم الصدري وضيق التنفس في حالة إصابة شرايين القلب
- ضعف وخدر مفاجئ في اليدين أو القدمين
- صعوبة في التكلم وشلل عضلات الوجه
- فقدان نظر مفاجئ في أحد العينين أو كليهما
- ألم في الطرفين السفليين وخدر محرض بالمشي والحركة
- حدوث قصور كلوي مفاجئ
أسباب حدوث تصلب الشرايين
السبب الرئيسي لتصلب الشرايين غير مفهوم بشكل كامل حتى الآن، ولا يوجد عامل معين ومحدد يساهم في حدوث تصلب الشرايين.
ولكن وجد العلماء أن هناك عدة عوامل تساهم في حال وجودها برفع نسبة الخطر والاصابة بتصلب الشرايين.
عوامل الخطورة
١- ارتفاع التوتر الشرياني (High blood pressure)
هناك ارتباط وثيق بينه وبين الإصابة بتصلب الشرايين وخاصةً في الحالات التي يكون فيها التوتر الشرياني غير مضبوط ومعالج.
حيث يسبب الارتفاع المستمر لضغط الدم تضرر جدران الشرايين من الداخل وبالتالي إصابة بطانة الشرايين والسماح للويحات بالتشكل.
تؤدي الإصابة المزمنة بمرض السكري إلى تضرر في خلايا الجسم المختلفة وذلك يشمل الخلايا الموجودة في جدران الشرايين.
بالتالي تصبح هذه الخلايا ضعيفة وعرضةً للتمزق وحدوث التصلب في جدران الشرايين.
٣- ارتفاع الكولسترول وشحوم الدم
تحدث مع طبيب الآن
يرتبط وجود نسب مرتفعة من الكولسترول والشحوم الثلاثية (Triglyceride) في الدم بارتفاع نسبة الإصابة بتصلب الشرايين، لأن ذلك يزيد من نسبة واحتمالية ترسب وتراكم الشحوم في جدران الشرايين المتضررة.
٤- الوراثة والتاريخ العائلي
ترتفع نسبة الإصابة بتصلب الشرايين في حال وجود سوابق للإصابة به في العائلة.
حيث تنتقل المورثات التي تسبب حدوث الإصابة عبر العائلة الواحدة وتسهم في رفع نسبة الإصابة بتصلب الشرايين.
٥- الإصابة ببعض الأمراض الالتهابية والمناعية الذاتية (Inflammatory diseases)
تسبب هذه الأمراض رد فعل التهابي منتشر في كامل الجسم ويؤثر على كل الأعضاء ومن ضمنها الشرايين والأوعية الدموية.
حيث تسبب الحالة الالتهابية تهيج في الجهاز المناعي، ويمكن أن يهاجم خلايا الجسم السليمة عن طريق الخطأ في بعض الحالات.
وبالتالي تتأثر جدران الشرايين بهذه الحالة الالتهابية ومن الممكن أن تتضرر في بعض الحالات مما يجعلها أكثر عرضةً للإصابة بالتصلب.
٦- التقدم بالعمر
تزداد خطورة ونسبة حصول تصلب الشرايين وأعراضه مع التقدم بالعمر خصوصاً بعد سن 45 عند الرجال وسن 55 عند النساء.
مضاعفات تصلب الشرايين
يحمل مرض تصلب الشرايين في حال عدم تشخيصه أو علاجه بالشكل المناسب مخاطر للإصابة بالعديد من الأمراض وكلها مرتبطة بتضيق الشرايين في أنحاء الجسم المختلفة.
ولكن بشكل أساسي تشكل إصابة الشرايين الإكليلية المغذية للقلب النسبة الأعلى من الشرايين المصابة وتكون أبرز الحالات المرضية مرتبطة بإصابتها بتصلب الشرايين، وتدعى هذه الحالات بالأمراض الوعائية القلبية (cardiovascular diseases).
وفق دراسة في كوريا الجنوبية عام 2015 وجد العلماء أن نسبة الأشخاص الذين يعانون من مرض وحادث وعائي قلبي ناجم عن تصلب الشرايين هو حوالي 10%.
وتضم أبرز الحالات المرضية الوعائية المرتبطة بتصلب الشرايين ما يلي:
- مرض الشرايين الإكليلية
- الذبحة الصدرية بأنواعها
- الجلطة القلبية
- السكتة الدماغية
- مرض الشرايين المحيطية
تشخيص الإصابة بتصلب الشرايين
لا يمكن تشخيص وجود مرض تصلب الشرايين بسهولة، فهو يحتاج لمجموعة من الفحوص والتحاليل المخبرية والشعاعية حتى يتم إثبات الإصابة به.
وتتضمن خطوات تشخيص الإصابة الإجراءات التالية:
- الفحص السريري، واستجواب الطبيب للمريض وفحصه لوجود علامات تدل على تصلب الشرايين.
- إجراء فحوص دموية للتحقق من وظائف الجسم عموماً ونسبة الشحوم والكولسترول في الدم خصوصاً نظراً لارتباطها بحدوث تصلب الشرايين.
- إجراء تخطيط قلب كهربائي (ECG) للاطمئنان على تقلص القلب وعمله.
- إجراء تصوير ظليل للشرايين الإكليلية المغذية للقلب (قسطرة القلب) لتحري وجود تضيقات أو انسدادات في الشرايين.
- التصوير الطبقي المحوري (CT scan) في حالة وجود أعراض عصبية خصوصاً عند المريض.
الخيارات العلاجية
يعتمد العلاج على شدة ونوع الإصابة الحاصلة على مستوى الشرايين
ويتدرج العلاج من بعض التغيرات في نمط الحياة في الحالات الخفيفة وقد يصل للجراحة في الحالات الشديدة من إصابة الشرايين.
ويمكن تلخيص الخيارات والطرق العلاجية المتبعة في حالة تصلب الشرايين وفق ما يلي:
١- تعديل نمط الحياة
من خلال اتباع نمط حياة صحي للحفاظ على الجسم ومنع تفاقم تصلب الشرايين.
حيث تساهم ممارسة التمارين الرياضية واتباع حمية صحية معتدلة والابتعاد عن تناول الدهون الضارة وغيرها من العادات الصحية عاملاً هاماً في علاج تصلب الشرايين والحد من تطوره.
٢- الأدوية
هناك مجموعة كبيرة من الأدوية التي يمكن تناولها في حالة تصلب وتضيق الشرايين يمكن أن تخفف وتحد من تطور المرض وأن تمنع الاختلاطات الخطيرة التي قد تنجم عنه.
تضم هذه الأدوية أدوية خافضة لنسبة الشحوم في الدم، أدوية مميعة للدم تمنع تشكل الخثرات في الشرايين المتضيقة، وأدوية تضبط الضغط الشرياني المرتفع وغيرها.
٣- العلاج التداخلي والجراحي
في حالة الإصابات الشديدة والتضيقات الهامة في الشرايين المصابة بالتصلب، حيث تحتاج هذه الشرايين للتداخل عليها بشكل مباشر ليتم فتحها وإزالة التضيق والانسداد منها.
ويشمل هذا النوع من العلاج على سبيل المثال زرع (الشبكات) في المناطق المتضيقة من الشرايين وفتحها لإعادة مرور الدم بشكل طبيعي فيها أو إجراء الجراحة كما في حالة تضيقات الشرايين الإكليلية الشديدة في القلب
حيث نحتاج لأجراء عملية قلب مفتوح لوضع طعوم وعائية نتجاوز فيها المناطق المتضيقة والمسدودة بفعل لويحات تصلب الشرايين ونعيد تروية الدم للمنطقة التي تقع بعد منطقة التضيق في الشريان.
الملخص
على الرغم من كون مرض تصلب الشرايين قد يكون خطيراً ويسبب إصابات شديدة إلا أنه قابل للسيطرة بشكل كبير من خلال المتابعة المستمرة والتنسيق مع الطبيب والالتزام بالتعليمات الصحية.