يعد الصيام المتقطع من الأساليب الغذائية التي ينصح بها كثيراً لاتباع نظام حياة صحية، لكن ما هو هذا الأسلوب؟ وكيف يمكن تطبيقه؟
تعريف الصيام المتقطع
الصيام المتقطع هو خطة أكل تقوم بالتبديل بين الصيام وتناول الطعام وفق جدول منتظم.
وفي حين تركز العديد من الأنظمة الغذائية على نوعية الطعام، يركز الصيام المتقطع على أوقات تناول الطعام.
لأن سلامتك تهمنا
تحدث مع طبيبطرق تطبيق الصيام المتقطع
يمكن تطبيق الصيام المتقطع بعدة طرق يمكن الاختيار بينها، مثل:
١- الصوم المتقطع اليومي
ويعتمد على اختيار نهج يومي يسمح بتناول الطعام ثماني ساعات والصيام باقي اليوم، ويسمى هذا النمط ١٦/٨.
ويمكن بالنسبة للمبتدئين تناول الطعام فقط بين الساعة ٨ صباحاً و٦ مساءً وبالتالي سيكون هنالك ١٤ساعة من الصيام.
ويعتقد الخبراء أن هذا النظام مناسب للرياضيين الذين يرغبون ببناء العضلات.
٢- الوجبة المعدلة ليومين
تعرف بالنمط ٥/٢، وتتضمن تناول الطعام خمسة أيام في الأسبوع واختيار يومين ليتم فيهما تناول وجبة واحدة.
كما من الممكن تقسيم السعرات الحرارية المسموح بها على وجبتين أو ثلاث وجبات، وهي ٥٠٠ سعرة حرارية بالنسبة للنساء، و٦٠٠ سعرة حرارية بالنسبة للرجال.
٣- طريقة الأيام البديلة
يتم تناول الطعام بشكل طبيعي ليوم معين، ثم الصيام في اليوم التالي على وجبة واحدة فيها حوالي ٤٠٠-٥٠٠ سعرة حرارية، وتكرار ذلك لبقية الأسبوع.
٤- حمية المحارب
هي عبارة عن وجبة واحدة طوال اليوم مع إمكانية تناول وجبات خفيفة أخرى كالخضار والفواكه.
نصائح حول الصيام المتقطع
- لن تزداد فوائد الصيام بالبقاء لفترات طويلة بدون طعام أي الصيام ٢٤ أو ٣٦ أو ٤٨ أو ٧٢ ساعة، ولكن بالمقابل قد يؤدي التوقف عن الطعام لفترة طويلة إلى تحفيز الجسم على تخزين المزيد من الدهون كاستجابة لحالة المجاعة (التجويع).
- الصيام المتقطع يعني التوقف عن الطعام، لكن ذلك لا يتضمن التوقف عن الشرب حيث من المهم الحفاظ على رطوبة جيدة للجسم بالاعتماد على شرب كميات وافرة من المياه والمشروبات الخالية من المحليات والسعرات الحرارية كالقهوة والشاي غير المحلى.
- لا يجب الإفراط في تناول الطعام خارج أوقات الصيام، فالصيام المتقطع يتضمن الاعتماد على الأطعمة والمشروبات منخفضة السعرات الحرارية، وعدم الإفراط في تناول الحلويات والأطعمة السريعة.
- يعتمد بعض الناس على حمية البحر الأبيض المتوسط كدليل لما يجب أن يتناولونه.
فوائد الصيام المتقطع
لا يقتصر دور الصيام المتقطع على حرق الدهون وإنقاص الوزن، فقد تزايدت الدراسات حول آلية تأثيره في الجسم التي تحمي من الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة أو التي يسهم في ضبط أعراضها مثل:
- مرض السكري من النمط الثاني
- أمراض القلب
- الاضطرابات التنكسية العصبية المرتبطة بالعمر
- أمراض الأمعاء الالتهابية
- العديد من أنواع السرطان
ومن أهم الفوائد التي توصل إليها الباحثون:
١- تغيرات استقلابية وإنقاص الوزن
يفرز هرمون الأنسولين عند تناول الطعام لإدخال الغلوكوز (السكر) إلى الخلايا لتوليد الطاقة ويخزن الفائض من السكر في الكبد والعضلات، والاستمرار بتناول الطعام يسبب تراكم السعرات الحرارية دون استهلاك مخازن الدهون.
أمّا التوقف عن الطعام لساعات معينة يؤدي إلى انخفاض مستويات الغلوكوز في الدم وبالتالي انخفاض إفراز الأنسولين، وعند استنفاذ الطاقة من مخازن السكر بعد ١٢ ساعة من الصيام يبدأ الجسم بحرق الدهون المخزنة.
إضافة لحرق الدهون ونقص الوزن، تتشكل من الدهون مواد تسمى الكيتونات تلعب أدواراً مختلفة:
- يستخدمها الجسم للحصول على الطاقة، حيث تساعد هذه المواد الخلايا ولاسيما خلايا الدماغ على الاستمرار في العمل بكامل طاقتها.
- تحمي من التدهور المرتبط بالشيخوخة في الجهاز العصبي المركزي الذي قد يسبب الخرف والاضطرابات الأخرى.
- تمنع الكيتونات تطور السرطان، لأن الخلايا الخبيثة لا يمكنها الحصول على الطاقة بشكل فعال من الكيتونات.
- الكيتونات قد تساعد في الحماية من الأمراض الالتهابية مثل التهاب المفاصل.
- نتيجة لتقليل الكيتونات من مستوى الأنسولين في الدم، فهي قد تقي من مرض السكري من النمط الثاني.
ولا تزال هذه الفوائد وطريقة الصيام بحاجة لدراسة لأن المستويات المرتفعة من الكيتونات في الدم يمكن أن يكون لها آثار صحية ضارة.
٢- طول العمر
أظهرت الدراسات وجود صلة بين تقييد السعرات الحرارية وتقليل الأمراض المزمنة مثل السكري من النمط الثاني والسرطان.
إضافة لذلك يُعرف تقدم العمر بشيخوخة الخلايا التي تتظاهر بتدهور الخلايا وعدم قدرتها على التجدد وتسببها بالالتهابات وتدمير الأنسجة، كما تصبح الخلايا مقاومة للموت الخلوي المبرمج، ويكمن دور الصيام المتقطع في أنه يبطئ شيخوخة الخلايا ويسهم في تحفيز عمليات موت الخلايا الهرمة.
٣- مضاد أكسدة
توجد أنظمة مضادة للأكسدة في الجسم تقضي على المواد الضارة التي تتلف الخلايا وتسمى الجذور الحرة، لكن هذه الأنظمة تضعف مع التقدم في العمر، وقد يحسّن الصيام المتقطع دور الأنظمة المضادة للأكسدة.
٤- له دور في السرطان
تمت دراسة دور الصيام المتقطع في تحسين الاستجابة للعلاج الكيميائي والعلاج الشعاعي، كما وجد أنه قد يقلل الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي.
ويسهم الصيام المتقطع في تخفيف نشاط هرمون يسمى عامل النمو الشبيه بالأنسولين الذي قد يرتبط بتطور ونمو السرطان.
لكن يمكن أن يكون نقص الشهية أحد الآثار الجانبية لعلاج السرطان، ويمكن أن يشكل فقدان الوزن المفرط خطراً على صحة الأشخاص الذين يتلقون العلاج، لذا من المهم استشارة الطبيب قبل اتباع أي نظام غذائي.
٥- الدماغ
تظهر الشيخوخة في الجهاز العصبي من خلال الأمراض التنكسية كالزهايمر وباركنسون، وتظهر الدراسات أن الصيام المتقطع قد يكون له دور في تجنب هذه الاضطرابات.
تحدث مع طبيب الآن
كما أنه يحفز تكوين تشابكات جديدة بين الخلايا العصبية، ويلعب دوراً في تحسين التفكير والذاكرة.
٦- صحة القلب
للصيام المتقطع دور في خفض البروتين C التفاعلي، ويعد مستوى هذا البروتين (CRP) في الدم علامة على الالتهاب وعامل خطر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
ولذلك فإن للصيام المتقطع دور في تقليل الإصابة بمرض الشريان التاجي.
بالإضافة لذلك فهو يساعد في تحسين ضغط الدم، وخفض الكوليسترول وبروتينات الدم الدهنية والدهون الثلاثية.
٧- كتلة العضلات
في إحدى الدراسات أظهر الأشخاص الذين صاموا لمدة ١٦ ساعة فقداناً للدهون مع الحفاظ على كتلة العضلات، وتبين أن ٩٠% من الوزن المفقود في الصيام المتقطع هو عبارة عن دهون بينما تمت المحافظة على كتلة العضلات.
٨- مرض السكري
نظراً لوجود نسبة أقل من الغلوكوز في الدورة الدموية أثناء الصيام، فقد تتحسن الحساسية للأنسولين (مدى استجابة الخلايا لعمل الأنسولين).
ولكن يجب على مرضى السكري الذين يتناولون الأنسولين استشارة الطبيب قبل البدء في نظام غذائي لضرورة ضبط مستويات السكر لديهم بدقة خوفاً من حالة نقص سكر شديدة في الدم.
٩- تحسين مرض الكبد الدهني غير الكحولي
إن الأشخاص المصابين بمرض الكبد الدهني الذي يظهر عند الأشخاص المصابين بالسمنة والسكري ومتلازمة التمثيل الغذائي (غير الناجم عن شرب الكحول) والذين اتبعوا نظام الصيام المتقطع كان لديهم تحسن في اختبارات وظائف الكبد.
ويشير الباحثون إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات قبل تقديم توصيات محددة.
أضرار الصيام المتقطع
تظهر العديد من الآثار غير المرغوب فيها خلال الأسابيع القليلة الأولى من الصيام المتقطع نتيجة التغيرات المختلفة في الجسم، وتشمل:
- تغيرات في المزاج كالتوتر والكآبة
- الجوع الشديد والشراهة عند الأكل
- انخفاض الطاقة بحيث تضعف القدرة على ممارسة الرياضة
- صعوبة التركيز والصداع
- الأرق وتدني جودة النوم، والنعاس خلال النهار
- حموضة المعدة والإمساك
- خطر الإصابة بانخفاض نسبة السكر في الدم أو حتى ارتفاع نسبة السكر في الدم في حال استجاب الكبد للصيام عن طريق إفراز الغلوكوز المخزن
وبجب على بعض الفئات الابتعاد عن محاولة اتباع الصيام المتقطع وهم:
- الأطفال والمراهقون الذين تقل أعمارهم عن ١٨ عاماً، حيث يحتاج الأطفال إلى طاقة أعلى بسبب معدلات نموهم السريعة.
- النساء الحوامل أو المرضعات، اللواتي قد يحرمهن الصيام وأطفالهن من السعرات الحرارية والعناصر الغذائية الأساسية المطلوبة.
- مرضى السكري الذين يتوجب عليهم ضبط معدلات سكر الدم بدقة.
- الذين لديهم تاريخ من اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية أو الشره المرضي حيث من الممكن أن تتفاقم هذه المشكلات باتباع هذا النظام.
- الذين أجروا عملية جراحية حديثاً.
- الأشخاص المصابين بأمراض الكلية أو الكبد أو القلب، أو مثلاً ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع حمض البول أو ارتفاع الكوليسترول الضار.
كما يجب التنبه إلى أن الأبحاث حول الصيام المتقطع مازالت قيد التنفيذ لدراسة آثاره على المدى الطويل، لذلك ينصح بممارسة الصيام المتقطع لفترة قصيرة وليس كنمط حياة دائم، لتجنب المضاعفات الصحية غير المعروفة على المدى الطويل.
تأثير الصيام على هرمونات الجسم
يتعامل الجسم مع حالة الصيام الطويل كحالة من الإجهاد، وتكون الآثار أسوأ في حال ترافقه مع الكثير من التمارين والتوتر والمرض والالتهابات المزمنة والعدوى.
ويخفض الإجهاد المزمن المناعة فيزيد احتمالية الإصابة بالأمراض الحادة مثل نزلات البرد والإنفلونزا، كما أنه عامل مساهم في معظم الأمراض المزمنة.
وتعتبر أيضاً منطقة ما تحت المهاد والغدة النخامية في الدماغ حساسة للتوتر، فتفرز إشارات هرمونية تؤثر على نشاط الغدد الأخرى كالغدة الدرقية والكظرية والتناسلية أي المبيضين والخصيتين، بحيث ينخفض إنتاجها الهرموني.
١- ارتفاع هرمون الكورتيزول
ويحدث هذه الارتفاع استجابة لحالة الإجهاد، مما يؤدي إلى:
- انخفاض هرمون البروجسترون، وهو ينخفض عادة قبل الدورة الشهرية بأسبوع واحد، أما انخفاضه أكثر من المعتاد سيسبب عدم انتظام الدورة الشهرية بحيث تصبح قصيرة.
- إضافة للعديد من الأعراض الأخرى التي تشمل القلق والأرق والرغبة الشديدة بتناول السكر والشعور بالتعب وانخفاض الطاقة.
٢- انخفاض الهرمونات الجنسية
عادة يكون جسم المرأة أكثر حساسية للتغيرات البيئية والهرمونية من جسم الرجل، فيؤدي الصيام المتقطع إلى عدم توازن هرمون الإستروجين وهو أحد الهرمونات الأنثوية الأساسية.
هرمون الإستروجين مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتكاثر والخصائص الجسدية الأنثوية، فتشمل أعراض نقصه:
- انخفاض الطاقة
- زيادة الوزن
- هشاشة العظام، وخسارة كتلة العضلات
- ضعف صحة القلب والأوعية الدموية
- العقم
ورغم ذلك أشارت دراسة إلى أن الصيام المتقطع قد يكون مفيداً للنساء المصابات بتكيس المبايض حيث يساعد في تخفيف الوزن وتنظيم الدورة الشهرية وتخفيف اضطرابات فرط الأندروجين ومقاومة الأنسولين.
٣- انخفاض نشاط الغدة الدرقية
وتشمل بعض أعراض انخفاضه:
- زيادة الوزن
- القلق والكآبة
- جفاف الجلد والشعر
- عدم انتظام الدورة الشهرية
- خلل في تنظيم درجة حرارة الجسم
لذا يجب على المرضى الذين يعانون من اضطرابات الغدة الدرقية استشارة الطبيب حول جرعة وتوقيت تناول الدواء أثناء الصيام المتقطع.
عوامل الخطورة
يتوجب على النساء بالذات التوقف عن اتباع نظام الصيام المتقطع في حال ملاحظة أي مما يلي:
- توقف الدورة الشهرية أو عدم انتظامها
- مشاكل في النوم، كصعوبة النوم أو النوم الزائد
- تساقط الشعر أو ظهور حب الشباب أو جفاف الجلد
- عدم تحمل الرياضة
- التئام الجروح ببطء
- تبدل الحالة المزاجية
- اضطراب ضربات القلب
- اضطرابات هضمية
- الشعور بالبرد
الملخص
تجدر الإشارة إلى ضرورة تطبيق الصيام المتقطع باعتدال، وضمن عدد ساعات معين كي لا يتم إلحاق الضرر بالجسم.
كما يجب استشارة طبيب التغذية المختص أو مقدم الرعاية الصحية الخاص قبل البدء بأي حمية ونظام غذائي تجنباً لأي مخاطر قد تصيب الجسم.