التهاب الرتوج في القولون: الأعراض والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 17 أغسطس 2023

يشكل القولون أو ما يعرف بالأمعاء الغليظة جزء هام وأساسي من الجهاز الهضمي في الجسم. حيث له العديد من الوظائف المحورية المتعلقة بامتصاص المواد المغذية والسوائل وغيرها. ولكن بالمقابل يكون القولون عرضة للعديد من المشاكل والاضطرابات على المدى الطويل، ويعد التهاب الرتوج في القولون هو أحد المشاكل والاضطرابات التي تحدث ضمنه.

في هذا المقال سوف نتعرف على حالة التهاب الرتوج في القولون وأسباب حوثها، كما سوف نناقش ما مدى خطورتها وأساليب العلاج الممكنة.

داء الرتوج في القولون وعلاقته بالالتهاب

داء الرتوج "Diverticular disease" هو اضطراب مجهول السبب يصيب القولون (الأمعاء الغليظة). يحدث فيه تشكل وتطور لجيوب أو رتوج صغيرة تبرز من جدار الأمعاء الغليظة نحو الخارج، هذه الرتوج تظهر وتتطور مع الزمن لذلك هي شائعة عند الأشخاص فوق عمر 60 سنة.

ولم يعرف السبب الحقيقي لتشكل الرتوج في القولون لكن يرجح الكثير من الأطباء والدراسات علاقة نمط الحمية والطعام قليل الألياف في تطور هذه الجيوب والرتوج. وتكون هذه الرتوج لا عرضية بشكل عام ولا تسبب أي إعاقة أو مشاكل عند المصاب وغالباً ما تكشف صدفةً خلال الفحص والبحث عن مشاكل أخرى.

تعرف حالة التهاب الرتوج في القولون "Diverticulitis" بأنها حدوث التهاب أو انتان في رتج أو أكثر من الرتوج المتشكلة بفعل داء الرتوج بالدرجة الأولى. حيث يمكن لواحد أو أكثر من الرتوج أن يصاب بالالتهاب والانتان بسبب عدوى جرثومية على سبيل المثال أو اضطراب صحي أخر، وعند ذلك يصبح لهذه الرتوج أعراض تظهر على المصاب بسبب الالتهاب الحاصل فيها، وتشمل هذه الأعراض الألم البطني والتشنجات وأعراض هضمية أخرى.

إن هذه الحالة من أكثر الحالات الحميدة شيوعاً في الجسم حيث يبلغ معدل الإصابة بها 2-10% من السكان. وقد تصل نسبة وجودها إلى 50% عند البالغين فوق 60 سنة، وبالمقابل فإن التهاب الرتوج في القولون يتطور عند 10-25 % من المصابين بداء الرتوج في القولون.

أسباب وعوامل الخطر للإصابة بالتهاب الرتوج في القولون

لم يتم معرفة وفهم السبب والألية المرضية المباشرة المسببة لحدوث داء الرتوج والتهاب الرتوج في القولون، لكن وضعت عدة فرضيات لتفسير الحالة مثل وجود ارتباط بين نوعية الطعام والحمية الغذائية على حدوث وتطور الرتوج في القولون أو وجود اضطرابات بنيوية في جدار القولون أو اضطرابات وخلل في تنسيق حركة الأمعاء الغليظة وغيرها من الفرضيات الأخرى.

إضافة لذلك فإن انسداد هذه الرتوج بالفضلات وتعرضها للرض المتكرر ووجود وسط غني بالجراثيم مثل الأمعاء الغليظة يرفع نسبة اصابتها بالالتهاب والعدوى بالتالي حدوث التهاب الرتوج.

يرتبط أيضاً احتمال تطور التهاب الرتوج في القولون بعدة عوامل خطر تشمل بشكل رئيسي ما يلي:

  • التقدم بالعمر حيث يرتفع معدل الإصابة بالتهاب الرتوج كل ما تقدم المصاب بالعمر
  • الوزن الزائد والبدانة
  • التدخين
  • قلة الحركة والنشاط البدني
  • الحمية عالية الدهون وقليلة الألياف
  • تناول بعض أنواع الأدوية على فترات طويلة مثل الستيروئيدات

الأعراض

تكون الغالبية العظمى من حالات داء الرتوج لا عرضية أو ذات أعراض خفيفة الشدة وغير مزعجة. تشمل على الإحساس بآلام بطنية ومغص لفترات قصيرة أو الإحساس بانتفاخ في البطن إضافة لحالات متفرقة من الإمساك أو الاسهال.

إلا أن هذا الوضع يتبدل عن حصول الالتهاب في الرتوج القولونية حيث تصبح الأعراض أشد وأكثر وضوحاً، وقد تتطور بشكل مفاجئ دون سابق انذار، وتشمل أعراض التهاب الرتوج في القولون ما يلي:

  • الألم البطني الذي يصبح حاد وشديد ويستمر لفترات طويلة دون أن يتغير
  • الحمى وارتفاع درجة الحرارة
  • الاسهال المفاجئ
  • الإمساك
  • خروج للدم مع البراز أحياناً
  • ملاحظة مفرزات مخاطية مرافقة للبراز

طرق تشخيص التهاب الرتوج في القولون

يحتاج تشخيص وجود التهاب الرتوج في القولون إلى اجراء مجموعة من الفحوص والاستقصاءات التي تتضمن ما يلي:

١- القصة المرضية والفحص السريري

تشمل استعراض التاريخ المرضي للمصاب والاستفسار عن طبيعة الأعراض، وشدتها، وزمن بدئها، إضافة أيضا للاستفسار عن وجود أمراض مزمنة أو تناول أدوية بشكل متكرر لعلاج حالات معينة.

بعدها يتم فحص المريض سريراً من خلال اخذ العلامات الحيوية للمريض، ومن ثم اجراء فحص للجسم عامةً والبطن بشكل خاص. حيث يتم فحص البطن عينياً ومن ثم يتم جس البطن ولمسه، حيث يساعد هذا الفحص بتحديد بعض المشاكل البطنية التي قد تستدعي الاستقصاء والتحري بشكل أكبر.

٢- اختبارات الدم

تؤخذ عينات من دم المريض وتجرى عليها تحاليل مخبرية، والهدف من هذه التحاليل هو تحري وتأكيد وجود علامات مترافقة مع وجود التهاب في الجسم مثل ارتفاع نسبة وعدد الكريات البيضاء في الدم على سبيل المثال، إضافة لأخذ فكرة عامة عن حالة الجسم وعمل بقية أعضاءه.

٣- فحص عينة من البراز

يتم أخذ عينة من براز المريض وارسالها للفحص في المخبر. حيث يفيد هذا الفحص في التحديد الدقيق لسبب ومصدر المشكلة في القولون في حال كانت ناجمة عن وجود مشاكل صحية أخرى أو ناجمة عن وجود التهاب في الرتوج، حيث تظهر فيها جراثيم وعلامات التهاب تتوافق مع حالة الاتهاب.

٤- تنظير القولون "Colonoscopy"

يتم اجراء تنظير القولون من خلال استخدام جهاز خاص مزود بكاميرا محمولة على أنبوب طويل مرن وادخاله من فتحة الشرج للوصول للقولون وتحري وجود الاضطرابات والتغيرات ضمنه وذلك عن طريق مشاهدة جوف القولون بشكل مباشر عبر الكاميرا.

يساعد تنظير القولون في تشخيص العديد من الأمراض الهضمية ومن ضمنها وجود الرتوج والتهاب الرتوج في القولون وذلك من خلال المعاينة المباشرة لمنطقة الرتج وجوف الأمعاء والأنسجة المحيطة به والتي تكون ملتهبة.

٥- التصوير بالأمواج فوق الصوتية "Ultrasound"

يفيد استخدام التصوير بالأمواج فوق الصوتية في التوجه لتشخيص التهاب الرتوج أو تشخيص وجود أحد الاختلاطات المحتملة لهذا الالتهاب كوجود الخراجات في الرتوج أو انثقابها، إضافة أيضا لدوره في تحري وجود مشاكل أخرى في الأمعاء قد تكون هي المسببة للأعراض.

٦- الفحوص الشعاعية

يمكن لاستخدام التصوير الشعاعي باستخدام الطبقي المحوري (CT) والرنين المغناطيسي (MRI) أن يساعد بتشخيص وتقصي الحالة بشكل جيد.

المضاعفات

لا يعتبر حدوث مضاعفات عند مرضى التهاب الرتوج في القولون أمراً شائعاً بشكل عام، حيث قدرت الدراسات أن نسبة حدوثها هي 5 – 25% كحد أقصى، ويزداد احتمال تطور هذه الاختلاطات مع تقدم المريض بالعمر وخاصة فوف سن 80 سنة.

تحدث مضاعفات التهاب الرتوج بشكل مفاجئ وبدون سابق انذار، وتكون حادة عادةً أي أنها تستدعي التدخل الطبي العاجل والحاجة للمستشفى، وتشمل هذه الاختلاطات ما يلي:

١- الانثقاب "Perforation"

يؤدي الالتهاب الشديد وغير المعالج للرتوج في القولون في بعض الحالات لحدوث تمزق وانثقاب في الرتج الملتهب، حيث ينفتح ثقب في جدار الرتج والقولون ويصبح على اتصال مع جوف البطن والأعضاء الموجودة ضمنه.

تتسرب بفعل الانثقاب محتويات الرتج والقولون لجوف البكن وتؤدي لحدوث عدوى وانتان معمم في كامل البطن، تدعى هذه الحالة بالتهاب البرتوان "Peritonitis" وهي حالة إسعافيه تتطلب تداخل جراحي سريع لإصلاح الثقب في القولون.

٢- تشكل الخراجات "Abscess"

يحدث الخراج نتيجة لالتهاب الرتج وحدوث انسداد فيه من الجهة التي يتصل بها مع جوف الأمعاء الدقيقة. حيث يؤدي هذا الانسداد لحصر المفرزات والجراثيم ضمن الرتج وهذا يسمح لها بالتكاثر، فتتكاثر وتملأ جوف الرتج بالقيح وهنا يحدث الخراج.

يؤدي الخراج لحدوث ألم بطني شديد، إضافة لارتفاع درجة الحرارة والغثيان والإقياء.

٣- انسداد الأمعاء "Bowl obstruction"

يمكن أن يسبب التهاب الرتوج في القولون حدوث انسداد جزئي أو كلي على مستوى جوف القولون. ويكون السبب في ذلك ناجم غالباً عن الالتهاب والانتان المستمر والمزمن في جدار الأمعاء الناجم عن التهاب الرتج. والذي يؤدي مع الزمن لحدوث تضيقات وندبات على مستوى جوف القولون مما يسبب انسداده.

٤- النزف الشرجي "Rectal bleeding"

يعتبر النزف الشرجي من المضاعفات الشائعة ولكن يمكن أن يحدث لخروج لدم مع البراز أو بشكل تلقائي عبر فتحة الشرج عن المصابين بالتهاب الرتوج في القولون المزمن والغير معالج. وقد يكون نزف غزير الكمية أحياناً.

٥- الناسور "Fistula"

الناسور هو عبارة عن تشكل لقناة واتصال غير طبيعي بين عضوين مختلفين. ويكون ناجم بشكل رئيسي عن وجود التهاب وعدوى جرثومية في أحد الأعضاء ومن ثم تنتشر هذه العدوى في الخلايا والأنسجة المحيطة بالعضو المصاب. وتتخرب هذه الأنسجة ويتشكل جوف وقناة ناسور فيها. تعبر في قناة الناسور مفرزات وقيح وجراثيم بفعل الالتهاب الحاصل.

في حالة التهاب الرتوج في القولون يمكن للالتهاب أن يشكل ناسور واتصال غير طبيعي مع الأعضاء المجاورة للقولون. كحدوث ناسور بين الأمعاء الغليظة والدقيقة أو ناسور بين الرتج الملتهب والمثانة أو المهبل وغيرها.

علاج التهاب الرتوج في القولون

يعتمد تقرير العلاج المناسب والخطة المتبعة لتدبير التهاب الرتوج في القولون على عدة عوامل أهمها هي شدة الأعراض، وطبيعتها وتطورها، إضافة لوجود الاختلاطات أو عدم وجودها مع الإصابة بالالتهاب. ويمكن تقسيم خيارات علاج التهاب الرتوج في القولون حسب نوعها إلى ما يلي:

١- علاج التهاب الرتوج غير المترافق مع اختلاطات

تمثل التهابات الرتوج غير المترافقة مع اختلاطات النسبة الأكبر من حالات التهاب الرتوج. وفيها تكون الأعراض خفيفة إلى متوسطة الشدة بالتالي يمكن علاج هذه الحالات في المنزل بدون الحاجة للمشفى، ويتضمن العلاج:

  • إعطاء الصادات الحيوية عن طريق الفم.
  • إعطاء بعض الأدوية المسكنة ومضادات التشنج.
  • تعديل حمية الطعام إلى حمية معتمدة على السوائل والأطعمة السائلة لعدة أيام وذلك حتى تحسن الأعراض
٢- علاج التهاب الرتوج المترافق مع اختلاطات

تتمثل حالة التهاب الرتوج في القولون المترافق مع اختلاطات حالة حادة وقد تكون خطيرة وتستدعي دخول المشفى، وذلك للمراقبة الدقيقة والتشخيص الباكر واجراء التداخل العلاجي في الوقت المناسب، وتشمل خيارات العلاج ضمن المشفى ما يلي:

  • إعطاء الصادات الحيوية عن طريق الوريد للمريض.
  • وضع المريض على حمية خاصة حسب كل حالة.
  • يمكن في حالة وجود خراج مشخص في أحد الرتوج محاولة تفريغ هذا الخراج من القيح. وذلك من خلال بزله وافراغه عبر ادخال أنبوب صغير ودقيق عبر الجلد وتوجيهه باتجاه الخراج لتفرغيه.
  • اجراء الجراحة في حالات مثل انثقاب القولون أو تشكل النواسير والنزف الشديد. حيث تتضمن الجراحة اجراء استئصال لمنطقة القولون المصابة بالتهاب الرتوج للسيطرة على الأعراض وعلاج الحالة.

الملخص

يعتبر حدوث التهاب الرتوج حالة محتملة الحدوث عند المصابين بداء الرتوج في القولون، لكن تعتبر حالة الالتهاب هذه حالة سليمة بشكل عام ويمكن علاجها عند الغالبية العظمى من المرضى بإجراءات بسيطة.

ينصح بالانتباه دوماً لضرورة مراجعة الطبيب وعدم الإهمال في حالة تطورت الأعراض بشكل شديد ومفاجئ. وذلك لاتخاذ التدابير المناسبة وتجنب حصول الاختلاطات التي قد تنجم عن التهاب الرتوج في القولون.