عملية القلب المفتوح: الأسباب والإجراءات

المراجعة الطبية - M.D
الكاتب - أخر تحديث 4 أكتوبر 2022

تعتبر عملية القلب المفتوح واحدة من الجراحات الكبرى التي يمكن أن تجرى لبعض المرضى عند الحاجة لها.

لطالما اعتبرت هذه العملية مخيفة ومسببة للقلق عند الجميع نظراً لارتباطها بإجراء الجراحة على القلب العضو الرئيسي المسؤول عن الحياة في الجسم.

لأن سلامتك تهمنا

تحدث مع طبيب

فما هي عملية القلب المفتوح، وكيف يتم إجراؤها ومن بحاجة لها؟

ما هي عملية القلب المفتوح؟

عملية القلب المفتوح (Open Heart Surgery) هي إجراء جراحي يتم فيه الوصول إلى عضلة القلب داخل القفص الصدري وإجراء تداخل مباشر على القلب بكافة أجزاءه وبحسب كل حالة.

وتتضمن هذه الإجراءات الجراحية إما العمل على سطح القلب دون فتح أجواف القلب كحالة تضيقات الشرايين الإكليلية المغذية للقلب أو فتح أجواف القلب والعمل عليه من الداخل كما في حالة أمراض صمامات القلب على سبيل المثال.

لماذا سميت بالقلب المفتوح؟

سميت عملية القلب المفتوح بهذا الاسم لسببين أساسيين هما:

  • العملية قد تتضمن فتح أجواف القلب وإصلاح الخلل أو المرض القلبي ضمن القلب ومن ثم إغلاقه.
  • يتم خلال العملية إيقاف القلب بشكل كامل وإفراغه من الدم لأنه بالطبع لا يمكن العمل عليه وإجراء الجراحة وهو ينبض وممتلئ بالدم، فقد يسبب ذلك نزف هائل ويؤدى للوفاة. إضافة لعدم القدرة على الرؤية والعمل بدقة أثناء تقلص القلب.

ويستعاض عن القلب بعد إفراغه من الدم بآلة تعمل مثل القلب تماماً وهي آلة القلب والرئة الاصطناعية "Coronary Pulmonary Bypass Machine". فيتم وصل الأوعية الرئيسية التي تنقل الدم إلى القلب عبر هذه الألة وفق أنابيب خاصة اسمها "القنيات". تستقبل هذه الآلة الدم من أنحاء الجسم وتزوده بالأوكسجين، ومن ثم تعيد ضخه إلى الجسم لتتم تروية الخلايا.

بهذا تتحقق عملية إيقاف وإفراغ القلب من الدم، ويصبح بالإمكان إجراء العمل الجراحي عليه، لأن آلة القلب والرئة الصناعية تحل محله.

وعند انتهاء الجراحة يتم فصل جهاز القلب والرئة وإعادة الدم للقلب كي يستعيد وظيفته في ضخ الدم.

أسباب إجراء عملية القلب المفتوح

يتم إجراء عملية القلب المفتوح في العديد من الأمراض والحالات القلبية التي لا يمكن علاجها.

ويكون ذلك إما عن طريق الأدوية أو عن طريق التداخلات والطرق العلاجية الأخرى كالقسطرة القلبية مثلاً.

إضافة للحالات التي تتضمن تشوه وتخرب في البنى التشريحية ضمن جوف القلب التي يتعذر إصلاحها كحالات تشوهات القلب الولادية وتخرب صمامات القلب وغيرها.

ويتم إجراء عملية القلب المفتوح لعلاج الحالات التالية بشكل أساسي:

١- تضيقات وأمراض الشرايين الإكليلية المغذية للقلب

تصاب الشرايين الإكليلية التي تغذي العضلة القلبية بالتضيق والانسداد لأسباب عديدة كالتصلب العصيدي أو الجلطة القلبية.

وهذا الانسداد والتضيق يسبب حدوث نقص تروية في القلب نتيجة نقص مرور الدم عبر الشرايين المتضيقة أو المسدودة.

ويتم تشخيص وجود التضيقات والانسدادات في الشرايين الإكليلية بواسطة قسطرة القلب ومحاولة فتح هذه الشرايين المتضيقة من خلال زرع دعامات معدنية "stents" عبر القسطرة.

بالإضافة إلى الحالات الشديدة التي تشمل إصابة أكثر من شريان في وقت واحد وعدم قابلية توسيع الشرايين المتضيقة من خلال القسطرة.

كما يتم اللجوء لعملية القلب المفتوح لزرع طعوم وعائية توصل الدم للمناطق ناقصة التروية من القلب، ويطلق على هذه العملية "المجازات الإكليلية" أو "CABG".

٢- أمراض الصمامات القلبية

تشكل الصمامات القلبية جزءاً أساسياً من مكونات القلب التشريحية ودورها أساسي في تنظيم جريان الدم عبر أجواف القلب.

تكون هذه الصمامات عرضةً للإصابة بأنواع مختلفة من الأمراض والاضطرابات، فيمكن أن تصاب بالقصور أو التضيق بشكل عام، وفي الحالات الشديدة لا يمكن علاج هذه الاضطرابات بالطرق غير الجراحية فيكون هنالك حاجة للتدخل الجراحي.

ويتم إجراء عملية القلب المفتوح للوصول إلى الصمام المصاب وإصلاحه أو استبداله بشكل كامل.

٣- أمراض الشريان الأبهر

الشريان الأبهر هو الشريان الأساسي في جسم الإنسان والذي ينقل الدم من القلب إلى كافة أنحاء الجسم. وهو يصدر من البطين الأيسر للقلب ويسير ضمن جوف الصدر ويتابع طريقه إلى البطن حيث تصدر منه بقية الفروع الشريانية.

ويمكن للشريان الأبهر أن يصاب باضطرابات وأمراض تؤثر على بنيته وعمله. وعند حدوث هذه الاضطرابات والأمراض في قسم من الشريان الأبهر الموجود في منطقة الصدر.

تحدث مع طبيب الآن

AvatarNew alerts
Avatar
Avatar
Avatar

+16 طبيب متواجد الآن

وقد تكون الحاجة لإجراء عملية القلب المفتوح ضرورية للوصول للشريان الأبهر وإصلاح الخلل فيه.

وتتضمن أبرز الإصابات والأمراض التي تحتاج لتداخل جراحي على الشريان الأبهر:

  • حالة توسع الشريان الأبهر أو ما يعرف "أم الدم" أو "Aneurysm" حيث يصبح قطر الشريان الأبهر في هذه الحالة كبيراً ومتوسعاً بشدة.
  • وحالة "تسلخ الشريان الأبهر" أو "Aortic Dissection" التي يحدث فيها انفصال وانسلاخ في طبقات الشريان الأبهر وتسبب ألماً شديداً مع نقص تروية أعضاء الجسم.

٤- تشوهات القلب الولادية

عيوب القلب الخلقية هي الحالات التي يولد فيها الأطفال مع وجود تشوه وخلل واضطراب تشريحي في القلب وبنيته.

تتضمن هذه الحالات على سبيل المثال وجود ثقوب بين جدران القلب أو انسداد أوعية القلب أو انسداد وغياب صمامات قلبية، وغيرها من التشوهات التي تحتاج لإجراء عمل جراحي على القلب لإصلاحها.

٥- اضطرابات النظم القلبية

بعض حالات اضطرابات النظم القلبية وعدم انتظام ضربات القلب تكون بحاجة لإجراء عمل جراحي على القلب لمعالجة العامل المسبب لعدم انتظام ضربات القلب والتخلص منه.

٦- زراعة القلب

وفقاً للإحصائيات فإن أمراض وتضيقات الشرايين الإكليلية هي السبب الأول للخضوع لجراحة القلب، ويحتاج حوالي 200 ألف شخص لعملية "المجازات الاكليلية" أو "CABG" سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية. (1) (2)

بالإضافة لما سبق يمكن أن تسبب بعض حالات قصور القلب الحاجة للعمل الجراحي.

إجراءات عملية القلب المفتوح

تحتاج عملية القلب المفتوح لتحضير جيد للمريض قبل العمل الجراحي لأنها تعتبر من العمليات الضخمة والمهمة والتي تؤثر على نوعية حياة المريض.

ويتم هذا التنسيق والتحضير بالتعاون بين المريض من جهة والكادر الطبي من جهة أخرى والمكون من جراح القلب وطبيب القلبية وطبيب التخدير، إضافةً للكادر التمريضي المختص.

وتتضمن خطوات تحضير المريض للعمل الجراحي وتسلسل العمل الجراحي المراحل التالية:

تحضيرات ما قبل العمل الجراحي

تحتاج تحضيرات وإجراءات المريض الطبية للعمل الجراحي فترة من الزمن تختلف حسب حالة كل مريض وما يعانيه من أمراض مرافقة للمرض القلبي.

وبشكل عام يستغرق التحضير قبل عملية القلب المفتوح حوالي الأسبوع من الزمن يتم فيها إجراء الفحوصات والخطوات التالية:

  • إجراء تحاليل دموية معينة للتحقق من سلامة عمل أعضاء الجسم
  • إجراء تخطيط قلب كهربائي "ECG"
  • إجراء تصوير بالأمواج فوق الصوتية للقلب "Echocardiography"
  • إجراء صورة صدر شعاعية بسيطة
  • إجراء اختبار لوظائف التنفس والرئة بالتنسيق مع طبيب الأمراض الصدرية
  • إجراء تصوير بالأمواج فوق الصوتية لشرايين العنق "الشرايين السباتية" أو "Carotid Ultrasound"
  • استكمال الاستشارات الطبية في حال وجود أمراض سابقة كالأمراض الغدية أو العصبية وغيرها

ويجب على المريض عادةً الحضور إلى المشفى قبل يوم واحد وسطياً من موعد العمل الجراحي حتى يتم استكمال التحضيرات قبل الجراحة والتي تتضمن ما يلي:

  • إعادة التحاليل الدموية مرة أخرى للتحقق من سلامة الجسم وعدم حدوث أي طارئ
  • إعطاء التعليمات للمريض حول الجراحة وما يجب أن يتوقعه والإجابة عن أسئلته
  • حلاقة شعر الجسم في منطقة العمل الجراحي وما حولها بالتنسيق مع الكادر المختص في المشفى
  • الانقطاع عن الأكل والشرب لفترة 6 ساعات وسطياً قبل العمل الجراحي

أثناء العمل الجراحي

يتم إجراء جراحة القلب تحت التخدير العام وتستغرق بشكل عام من 3 - 6 ساعات، وقد تستغرق وقتاً أطول في حالات معينة ومعقدة ويتم في قاعة العمليات ما يلي:

  • التخدير العام ووضع أنبوب تهوية عبر الحنجرة وصولاً للرغامى عند المريض، ويوصل الأنبوب بجهاز التنفس الآلي لتوفير الأوكسجين للرئتين أثناء النوم.
  • إجراء جرح في منتصف الصدر عبر الجلد وصولاً لعظم الصدر ومن ثم قص العظم وفتحه وصولاً لكشف القلب.
  • وصل القلب على جهاز القلب والرئة الاصطناعي من خلال أنابيب خاصة، ومن ثم إفراغ القلب من الدم وإيقافه عن العمل بواسطة محلول خاص.
  • يجري الجراح العمل الجراحي باختلاف نوعه.
  • بعد الانتهاء من العمل على القلب يتم فصله عن جهاز القلب والرئة الصناعي بالتدريج وإعادة ملئه بالدم وتقلصه.
  • بعد التأكد من عدم وجود نزف أو مشاكل في ساحة العمل الجراحي يتم إغلاق عظم الصدر بواسطة أسلاك معدنية خاصة تترك في الجسم.
  • وأخيراً يتم إغلاق طبقات الجرح وصولاً لخياطة الجلد.

بعد العمل الجراحي

بعد انتهاء العمل الجراحي يتم نقل المريض مباشرةً إلى وحدة العناية المشددة، ويتم وصله على أجهزة المراقبة ومراقبته بشكل مكثف، حيث يبقى المريض تحت تأثير الأدوية المخدرة عدة ساعات.

في هذه الأثناء يكون المريض نائم وغير قادر على التنفس ولهذا يبقى موصول على جهاز التنفس الآلي حتى زوال تأثير الأدوية المخدرة بشكل كامل واستعادته لوعيه وقدرته على التنفس.

بعد التأكد من استعادة المريض لوعيه وقدرته على التنفس إضافة لاستقرار علاماته الحياتية من ضغط ونبض وغياب النزف الجراحي يتم إزالة الأنبوب من حنجرة المريض وإيقاف التنفس الآلي ويعود المريض ليتنفس بشكل عفوي.

من المهم إبقاء المريض تحت المراقبة في العناية المشددة لمدة يوم إلى يومين بحسب العمل الجراحي. وبعد ذلك يتم إخراج المريض من وحدة العناية المشددة ونقله إلى غرفة مشفى اعتيادية للمراقبة والمتابعة لعدة أيام. وتكون مدة البقاء في المشفى حوالي أسبوع وسطياً بعد العمل الجراحي.

بعد انتهاء مدة الاستشفاء ضمن المشفى يتم تخريج المريض إلى المنزل مع إعطائه مجموعة من النصائح والإرشادات عن نظام الحياة خلال فترة النقاهة في المنزل. وتتضمن الإرشادات تعليمات حول الحركة والنشاط الفيزيائي والحمية الغذائية. إضافة إلى وصفات الأدوية ومواعيد تناولها وموعد مراجعة الطبيب.

مخاطر عملية القلب المفتوح

يحمل أي عمل أو تداخل جراحي مخاطر واختلاطات قد تحدث خلال أو بعد العمل الجراحي ومن ضمنها جراحة القلب المفتوح.

وباعتبار أن عملية القلب المفتوح عملية كبرى وتتضمن إيقاف القلب عن العمل وإعادة تشغيله فإن عدد الاختلاطات الوارد حدوثها يكون أعلى مقارنةً بغيرها من العمليات الجراحية.

وتتضمن أبرز الاختلاطات التي تنجم عن عملية القلب المفتوح ما يلي:

  • النزف الغزير لأن التداخل يتم على القلب والأوعية الكبيرة الرئيسية للجسم
  • الاحتشاء الدماغي والغيبوبة
  • انتان جرح الصدر
  • الإصابة بعدوى جرثومية بعد العمل الجراحي مثل "ذات الرئة".
  • حدوث قصور كلوي
  • الإصابة بفشل وقصور الأعضاء المتعدد

وتزداد نسبة حدوث الاختلاطات كلما كان:

  • المرض القلبي أشد
  • تقدم المريض في العمر
  • كلما كان لديه أمراض وحالات صحية مرافقة للمرض القلبي كوجود مرض السكري أو سوابق أمراض عصبية أو تنفسية.

وعلى الرغم من كون عملية القلب المفتوح عملية كبرى وقد تحمل مخاطر عديدة، إلا أنه في السنوات الأخيرة ومع تقدم التقنيات الطبية والخبرة الجراحية أصبحت هذه العمليات باختلاف أنواعها أقرب للعمليات الروتينية مع نسب خطورة قليلة ومعدل نجاح عالي.