يذهب في كل عام أكثر من نصف مليون شخص إلى العيادات أو المشافي بسبب مشاكل حصوات الكلى.
وتشير الإحصائيات إلى أن واحداً من كل عشرة أشخاص سيصاب بالحصيات الكلوية في وقت ما من حياته.
لأن سلامتك تهمنا
تحدث مع طبيبيمكن أن تتطور حصوات الكلى في إحدى الكليتين أو كليهما، وغالباً ما تصيب الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و60 عاماً. (1)
ويبلغ خطر الإصابة بالحصوات الكلوية حوالي 11٪ عند الرجال و9٪ عند النساء. (2)
وتزيد بعض الأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة من خطر الإصابة بحصيات الكلية.
كما تختلف حصوات الكلى بالحجم والتركيب ولها أنواع يمكن تشخيصها وعلاجها والوقاية منها.
ما هو الجهاز البولي؟
يتألف الجهاز البولي من الكليتين والحويضة الكلوية والحالبين والمثانة والإحليل.
والكليتان هما عضوا الإطراح الأهم في الجسم، ولهما شكل حبة الفاصولياء ويصفيان الدم من السوائل الإضافية والمواد غير المفيدة لتشكيل سائل البول.
ويوجد في الكلية معامل ضخمة تجري عملية التصفية هذه تدعى بالنبيبات البولية (تصغير أنبوب) حيث تعمل بخطوات فائقة الدقة على تشكيل سائل البول بما يحويه من ماء وأملاح معدنية ومواد مصفّاة من الجسم بتراكيز صحيحة وسليمة.
كما يتجمع البول في محطة له عند مخرج الكلية تدعى الحويضة، ومنها ينطلق أنبوب طويل يدعى الحالب يصل الكلية بالمثانة. وتعتبر المثانة بمثابة المخزن البولي الذي يستطيع أن يستوعب كميات كبيرة من البول لمدة طويلة.
وعند امتلائها تعطي شعوراً لصاحبها بالرغبة بالتبول، حيث يتم طرح مكونات المثانة من البول عبر الإحليل إلى الوسط الخارجي.
طريقة تشكل حصوات الكلى
حصيات الكلية هي مواد صلبة مصنوعة من مواد كيميائية في البول.
ويتكون البول من عدة مواد مذابة وأملاح منحلة في سائل البول، ولكن عندما تزداد تراكيز هذه المواد وتتوفر الظروف الملائمة لتفاعلها مع بعضها كتغير الطبيعة الكيميائية للبول تجتمع مع بعضها البعض مشكلةً كتلاً مختلفةً تدعى بالحصيات البولية.
وتختلف الحصيات البولية بالحجم والتركيب، وحسب حجمها قد تبقى محصورة في مكانها أو تتحرك على كامل الجهاز البولي، وحيث أن بعض الحصيات البولية قد تتشكل في الكليتين وتبقى فيهما.
فإن البعض الآخر قد يتشكل ويسير على طول المجرى البولي مسبباً الاحتكاكات والآلام وحالات انسداد المجرى البولي في حال كانت الحصيات كبيرة الحجم.
أما الحصيات صغيرة الحجم فقد تعبر المجرى البولي وتذهب إلى الخارج مع البول.
وتدعى الحصيات حسب المكان المحتجزة فيه: حصيات كلوية وحصيات حالبية وحصيات مثانية وحصيات إحليلية.
أنواع حصوات الكلى
١- حصيات الكالسيوم
وهي الأكثر انتشاراً، حيث تشكل 80% من أنواع الحصيات، ولها نوعان: حصيات أوكزالات الكالسيوم، وحصيات فوسفات الكالسيوم.
وتعتبر حصيات أوكزالات الكالسيوم أكثر شيوعاً من حصيات فوسفات الكالسيوم.
٢- حصيات حمض البول
يتشكل حمض البول كناتج كيميائي لتحلل العديد من الأغذية البروتينية في الجسم.
وترتفع في بعض الأحيان حموضة سائل البول مما يعيق جزيئات حمض البول من أن تذوب في سائل البول فتتشكل حصيات حمض البول.
وتكثر هذه الحالة عند الأشخاص البدينين، الذين يعانون من الإسهال الشديد، الذين يعانون من السكري ومرضى داء النقرس والأشخاص الذين يتناولون الحميات الغنية بالبروتين الحيواني والفقيرة بالخضار والفواكه.
كما تشكل حصيات حمض البول ما نسبته 5-10% من مجمل أنواع الحصيات البولية.
٣- الحصيات الالتهابية (حصيات ستروفيت)
وتشكل 10% من مجمل أنواع الحصيات البولية، والستروفيت هي الحصيات المكونة من فوسفات الأمونيوم والمغنزيوم، وتتشكل في البول قليل الحموضة (الذي يدعى بالبول القلوي).
وتحدث هذه الحالة بشكل رئيسي عند المرضى الذين يعانون من التهابات المجاري البولية المتكررة خلال مدة طويلة من الزمن.
كما تتميز هذه الحصيات بكونها كبيرة الحجم فتبقى عادةً في الكليتين.
٤- الحصيات المكونة من مادة "سيستئين"
يعد "سيستئين" من الأحماض الأمينية الموجودة في العديد من الأغذية.
وحصيات "سيستئين" نادرة عادةً وتشكل أقل من 1%، وتحدث في بعض الحالات المرضية الورائية نتيجة خلل في آليات استقلاب وطرح "سيستئين".
الأعراض المرافقة لحصوات الكلى
أشهر أعراض الحصيات هو الألم الشديد التشنجي في الظهر في جهة تموضع الحصيات، ويمتد هذا الألم إلى البطن أو الناحية المغبنية (مكان توضع الأعضاء التناسلية) حيث قد يصل عند بعض الذكور إلى ذروة القضيب.
تحدث مع طبيب الآن
وفي الواقع فإن الألم الناتج عن الحصيات مميز جداً، فهو ألم تشنجي، يأتي على شكل هجمات ألمية شديدة فجائية، بينها فترات استراحة خالية تماماً من الألم، ويتحرض في الواقع نتيجة حركة الحصية ضمن المجرى البولي.
أما الأعراض الأخرى فتتضمن:
- الإحساس المستمر بالرغبة في التبول وعدم إفراغ كامل الكمية (وهو ما يدعى بالزحير البولي)
- إحساس الحرق أثناء التبول
- ميل لون البول إلى الأحمر قليلاً نتيجة جرح المجرى البولي أثناء مرور الحصيات عبره
- الشعور بالغثيان والإقياء
الأسباب العامة لتشكل حصوات الكلى
١- الحجم البولي القليل
وهو من أهم الأسباب، ويحدث نتيجة قلة شرب المياه خاصة عند الأشخاص ذوي المهن الصعبة في الأماكن الحارة أو لساعات طويلة، حيث يتشكل بول قليل الماء كثير الذوائب مما يجعلها تتكتل على بعضها مشكلة الحصيات.
لذلك يوصى دائماً بشرب كميات وافرة من المياه، وقد يطلب الأطباء من الأشخاص الذين يعانون من الحصيات البولية شرب ما يعادل 3 لتر يومياً من المياه.
٢- الحميات
تؤثر بعض الحميات على تشكل أنواع بعض الحصيات، وهناك خطأ شائع أن الحميات الغنية بالكالسيوم هي سبب حصيات الكالسيوم، إلا أن حصيات الكالسيوم تتشكل في البول بسبب طريقة تفاعل مكوناتها في البول (وخاصة تفاعل الكالسيوم مع مادة الأوكزالات).
لذلك لا يؤدي خفض الكالسيوم في الغذاء إلى الوقاية من تشكيل حصيات الكالسيوم، بل على العكس، فقد يزيد من تشكلها بالإضافة إلى تأثير نقص الكالسيوم الضار على العظام.
وللوقاية من تشكل حصيات الكالسيوم ينصح الأطباء بتخفيف الملح والأغذية الغنية بالأوكزالات كي لا تتفاعل مع الكالسيوم الموجود في البول.
كما أن تناول الأغذية الغنية بالبروتينات الحيوانية قد يزيد من حمض البول في الدم، ويزيد من حموضة البول، ويجعل الوسط ملاءماً لتشكل كل من حصيات حمض البول وحصيات الكالسيوم.
٣- الإسهالات الشديدة والمديدة
وتسبب الإسهالات المديدة انخفاضاً في مستوى سوائل الجسم، الأمر الذي يؤدي إلى تشكيل بول مركز قليل السوائل كثير الأملاح، مما يحفز تشكل الحصيات البولية بشكل عام.
بالإضافة إلى أن العديد من الأمراض المعوية التي تسبب هذه الإسهالات تقلل من طرح مادة الأوكزالات مع البراز فتتراكم في الجسم وتطرح مع البول مما يزيد من تشكل حصيات أوكزالات الكالسيوم.
٤- أسباب أخرى
- البدانة
- بعض الحالات المرضية: كأمراض الغدة جارة الدرقية المسؤولة عن استقلاب الكالسيوم في الجسم، وبعض الأمراض الوراثية التي تؤثر في استقلاب "سيستئين".
- بعض الأدوية: وخاصة المكملات الغذائية الغنية بالكالسيوم وفيتامين C
- التأهب الوراثي العائلي العالي لتشكل الحصيات البولية
طرق التشخيص
- قد لا تسبب الحصيات البولية أية أعراض وتكشف صدفة بالتصوير الشعاعي. وقد يتوجه الطبيب الفاحص نحو الحصيات البولية بسبب الأعراض الموصوفة سابقاً (الألم والأعراض البولية المرافقة).
- يلجأ الطبيب إلى التصوير الشعاعي بالأشعة البسيطة أو الصدوي بالإيكو، أو عبر الطبقي المحوري لتحديد مكان ومواصفات الحصيات.
- يتم إجراء فحص للبول والراسب البولي حيث يشير وجود كريات الدم الحمراء إلى جرح المجرى البولي بحركة الحصيات، ويمكن أن يبين فحص البول والراسب البولي وجود الحصيات البولية تحت المجهر ويحدد نوعها.
العلاج
يعتمد العلاج على نوع الحصيات، ومدة المعاناة، وبشكل عام يتدرج أو يتنوع العلاج كالتالي:
- الانتظار حتى يتم طرح الحصيات مع البول من تلقاء نفسها: حيث يمكن إعطاء مهلة تصل من 4 حتى 6 أسابيع بأمان للحصيات الصغيرة، بشرط عدم وجود أعراض شديدة أو التهابية ووجود ألم محتمل.
وعدم وجود مؤشرات تدل على تطور فشل كلوي، مع الاستمرار بشرب كميات وافرة من الماء واستعمال مسكنات الألم عند الضرورة. - الأدوية: ويمكن استعمال مسكنات الألم ومضادات التشنج ومضادات الغثيان والإقياء لتخفيف أعراض الحصيات البولية
- الجراحة: وقد يتم اللجوء إلى الجراحة في حالات:
- عدم مرور الحصيات البولية من تلقاء نفسها مع البول
- الألم الشديد غير المحتمل
- تأثر وظيفة الكلية بالحصيات البولية
- كبر حجم الحصيات
- بعض التوضعات الحساسة للحصيات
- تكرر الالتهابات البولية المسببة بالحصيات
أنواع الجراحات لاستئصال حصوات الكلى
١- تفتيت الحصيات بموجات الصدم -Shock wave lithotripsy -SWL
يستخدم تفتيت الحصيات بموجات الصدم لعلاج حصيات الكلية والحالب.
حيث يتسبب إطلاق موجات الصدم المتكررة على الحصيات تفتيتها إلى قطع صغيرة يمكن لها أن تخرج مع البول على مدار بضعة أسابيع.
وبسبب الانزعاج المحتمل الناجم عن الموجات والحاجة إلى التحكم في التنفس أثناء العملية غالباً ما تكون هناك حاجة إلى شكل من أشكال التخدير.
ولا تعمل هذه الطريقة بشكل جيد مع حصيات "سيستين" وبعض أنواع حصيات الكالسيوم، أو الحصيات الكبيرة جداً.
وباستخدام هذه الطريقة يمكنك العودة إلى المنزل في نفس يوم إجراء الجراحة، مع استئناف الأنشطة العادية في غضون يومين إلى ثلاثة أيام.
ومن الممكن أن يسبب الإجراء آثاراً جانبية كظهور دم في البول لبضعة أيام بعد العلاج أو انحشار بعض القطع الكبيرة في الحالب مما يسبب الألم ويحتاج إلى إجراءات إزالة أخرى.
٢- تنظير الحالب -Ureteroscopy -URS
يستخدم تنظير الحالب لعلاج حصيات الكلية والحالب، حيث يتيح منظار الحالب للطبيب رؤية الحصيات دون عمل شق جراحي مع تخدير عام.
وبواسطة جهاز صغير يشبه السلة يتم الإمساك بالحصيات الصغيرة وإزالتها.
وبالنسبة للحصيات الكبيرة فيتم تفتيتها إلى قطع أصغر باستخدام الليزر أو أدوات تفتيت الحصيات الأخرى.
كما يمكن للمريض العودة إلى المنزل في نفس يوم إجراء الجراحة وبدء الأنشطة العادية في غضون يومين إلى ثلاثة أيام.
٣- استئصال حصوات الكلى عن طريق الجلد -PCNL-
يعتبر تفتيت الحصيات عن طريق الجلد أفضل علاج للحصيات الكبيرة في الكلى وذلك تحت التخدير العام.
ويتم إجراء شق جراحي صغير في الظهر أو الجانب بدرجة كافية للسماح بمرور تلسكوب صلب (يدعى منظار الكلية) إلى جزء من الكلية حيث توجد الحصاة.
ويمكن من خلاله تفتيت الحصاة وإزالتها، وقد تضطر إلى البقاء في المستشفى طوال الليل بعد هذه العملية.
بالإضافة لذلك يمكن اللجوء للجراحات المفتوحة والجراحات المعقدة في بعض الحالات المستعصية.
الوقاية
إن شرب كميات كافية من السوائل ما لا يقل عن 2.5 - 3 ليتر يومياً مع الاعتدال في تناول كافة أنواع الأطعمة الغذائية هو الأساس في الوقاية من تشكل الحصيات البولية.
ولكن تبقى هناك بعض التوصيات الخاصة حسب نوع الحصيات وهي:
١- ينصح الذين يعانون من حصيات الكالسيوم وحصيات "سيستئين" بالتالي:
- تقليل كمية الملح في النظام الغذائي، حيث يمكن للملح بما يحويه من الصوديوم أن يسبب ارتفاع كل من الكالسيوم و"سيستين" في البول، ويعني ذلك تخفيف كل من:
- الجبن بجميع أنواعه
- الأطعمة واللحوم المجمّدة
- الشوربات والخضروات المعلبة الخبز والمعجنات
- الوجبات الخفيفة المالحة مثل رقائق البطاطا المقلية والمعجنات
- المخللات والزيتون
- الصلصات المعلبة والمعبأة
- بعض التوابل وملح الطعام وبعض خلطات التوابل.
- كذلك يجب على من يعاني من حصيات الكالسيوم التأكد من أنه لا يحصل على الكثير من الكالسيوم. وبنفس الوقت لا يحصل على القليل من الكالسيوم أيضاً، فليس الكالسيوم هو العامل الأساسي في تشكل حصيات الكالسيوم.
- التقليل من الأطعمة الغنية بالأوكزالات وليس حذفها تماماً. والغرض الرئيسي هنا هو تناول الأوكزالات والكالسيوم معاً بحيث ترتبط الأوكزالات والكالسيوم ببعضهما البعض في الأمعاء. ويتم طرحهما قبل أن تصل الأوكزالات إلى البول وترتبط مع الكالسيوم الموجود في البول.
- تتشكل حصيات أوكزالات الكالسيوم بشكل أساسي من ارتباط فائض الأوكزالات الواصل إلى البول مع الكالسيوم الموجود أصلاً في البول.
- تضم الأغذية الغنية بالأوكزالات:
- الشاي والمنتجات النباتية الخضراء عموماً وخاصة السبانخ
- البطاطا بنوعيها (العادية والحلوة)
- الفواكه وخاصة التوت والبرتقال والأفوكادو والتمر والجريب فروت والفاكهة المجففة مثل الأناناس.
- على الرغم من كون التين المجفف من الفاكهة المجففة إلا أن كمية الأوكزالات أقل بكثير من التمر، لذلك يعتبر بديل جيد عنه
- في حين تعتبر الألبان والمنتجات الحيوانية عموماً آمنة من ناحية الأوكزالات
٢- أما فيما يخص الذين يعانون من حصيات حمض البول فينصح الأطباء بتخفيف اللحوم الحمراء واللحوم العضوية والمحار، وتخفيف الكحول.
مع اتباع نظام غذائي يعتمد على الخضار والفواكه والحبوب الكاملة ومنتجات الألبان قليلة الدسم.
الملخص
إن الأساس في أمراض الحصيات الكلوية هو الوقاية، كما يجب مراجعة الطبيب عند الشعور بأي ما يوجه نحو الحصيات البولية.
إضافةً إلى التأكد من الالتزام بتعليماته كاملةً لتحقيق الفائدة العلاجية وعدم تطور الحالة إلى التهابات كلوية أو فشل كلوي قد يسبب أذيات دائمة.