الحمى الروماتيزمية عدو خفي يهدد صحة الأطفال والشباب ويشكل هذا المرض خطراً كبيراً على القلب، فما هي أسبابه وأعراضه وطرق علاجه؟
ما هي الحمى الروماتيزمية؟
تعد الحمى الروماتيزمية "Rheumatic fever" مرض مناعي ذاتي يؤدي إلى التهاب أنسجة الجسم كالمفاصل والقلب. ويطلق عليها الأطباء أحياناً اسم الحمى الروماتيزمية الحادة "acute rheumatic fever"
لأن سلامتك تهمنا
تحدث مع طبيبويتطور هذا النوع من الحمى عادة بعد الإصابة بجراثيم المكورات العقدية من المجموعة (A) "Group A streptococcus bacterium" التي تسبب التهاب الحلق أو الحمى القرمزية "Scarlet fever".
وتصيب هذه الحالة الأشخاص في أي عمر إلا أن الأطفال هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة. ويمكن أن يؤدي المرض إذا لم يعالج إلى حدوث مضاعفات خطيرة مثل أمراض القلب الروماتيزمية.
وتجدر الإشارة إلى أن نسبة صغيرة من الأشخاص المصابين بعدوى المكورات العقدية يصابون بالحمى الروماتيزمية.
أعراض الحمى الروماتيزمية
يعد تشخيص الإصابة بعدوى المكورات العقدية من المجموعة A وعلاجها أمر بالغ الأهمية لمنع حدوث الحمى الروماتيزمية حيث تتضمن أعراض العدوى ما يلي:
- التهاب الحلق
- الصداع
- تورم وألم في العقد اللمفاوية
- صعوبة في البلع
- الغثيان
- القيء
- ظهور طفح جلدي أحمر
- ارتفاع درجة الحرارة
- تورم اللوزتين
- ألم في البطن
وتظهر علامات الحمى الروماتيزمية وأعراضها بعد حوالي 2 إلى 4 أسابيع من الإصابة بالعدوى. وقد يعاني البعض من واحدةٍ أو اثنتين من الأعراض التالية بينما يعاني البعض الآخر معظمها:
- الإعياء
- تسارع نبضات القلب
- الحمى
- نزيف من الأنف
- آلام في البطن
- الصداع
- التعرق
- القيء
- فقدان الوزن
بالإضافة إلى المعايير الكبرى المستخدمة في تشخيص الحمى الروماتيزمية التي تتضمن ما يلي:
1- التهاب المفاصل
يحدث ألم وتورم والتهاب في المفاصل عند 75% من المرضى يبدأ عادةً في المفاصل الكبيرة مثل الركبتين والكاحلين والمعصمين والمرفقين ومن ثم ينتقل إلى المفاصل الأخرى. ويزول هذا الالتهاب عادةً في غضون 4 إلى 6 أسابيع دون أن يسبب ضرراً دائماً.
2- التهاب القلب
تؤدي الحمى الروماتيزمية إلى حدوث التهاب في القلب الذي يتسبب في حدوث ما يلي:
- ألم في الصدر
- خفقان القلب: وهو إحساس المريض بأن القلب يرفرف أو ينبض بقوة
- اللهاث
- ضيق في التنفس
- الإرهاق
ويصاب حوالي 50% من المرضى بالتهاب القلب أو التهاب الصمامات، (1) كما يمكن أن يكون ذلك قاتلاً أو يعود بآثار خطيرة وطويلة الأمد، ويكون الأطفال الأصغر سناً أكثر عرضة للإصابة.
3- رقص سيدنهام
يمكن أن يحدث التهاب في الأعصاب يؤدي إلى ظهور أعراض حالة رقص سيدنهام Sydenham’s chorea التي تتضمن ما يلي:
- الرقص chorea وهو رجفة لا يمكن السيطرة عليها في الركبتين والمرفقين والمعصمين والكاحلين
- البكاء أو الضحك دون داعٍ
- التهيج
- تقلب المزاج
- صعوبة التحكم في حركات اليد
- مشكلات في التوازن
وتزول هذه الأعراض عادةً في غضون بضعة أشهر إلا أنها يمكن أن تستمر حتى عامين لكن لا تكون دائمة.
4- الحمامي الهامشية
تعد الحمامى الهامشية "Erythema marginatum" طفح جلدي لا يسبب الحكة تظهر بلون وردي أو أحمر باهت. وتصيب الجذع وأحياناً الأطراف لكن لا تصيب الوجه.
وتمتد هذه الآفة نحو المحيط، بينما يعود الجلد في الوسط تدريجياً إلى طبيعته لذلك عُرفت باسم الحمامى الهامشية. وتحدث هذه الحالة في حوالي 6% فقط من المرضى المصابين بالحمى الروماتيزمية لكنها مع ذلك تعد ذات قيمة تشخيصية كبيرة. (2)
5- العقيدات تحت الجلد
تظهر العقيدات تحت الجلد عند أقل من 2% من المرضى الذين يعانون الحمى الروماتيزمية. (3) وتوجد هذه العقيدات فوق المفاصل مثل المرفقين والركبتين والكاحلين والمفاصل وفي مؤخرة فروة الرأس والفقرات.
تحدث مع طبيب الآن
وتكون غير مؤلمة وصلبة ومستديرة ومتحركة. كما توجد عادةً عند الإصابة بالتهاب القلب الحاد ويُشفى المريض منها في غضون شهر واحد لكنها قد تستمر لفترة أطول في بعض الأحيان.
عوامل الخطورة
تُعرف الحمى الروماتيزمية بأنها رد فعل مبالغ فيه من قبل الجهاز المناعي تجاه عدوى المكورات العقدية من المجموعة A. حيث يهاجم الجهاز المناعي في هذه الحالة عن طريق الخطأ أنسجة الجسم السليمة بما يؤدي إلى حدوث التهاب. وينتج ذلك عن عدم علاج العدوى بشكل كافٍ باستخدام المضادات الحيوية.
وتجدر الإشارة إلى أن فرص الإصابة بالحمى الروماتيزمية تزداد لدى بعض الأشخاص اعتماداً على عدد من العوامل مثل ما يلي:
- العمر: حيث تكثر الإصابة بالحمى الروماتيزمية لدى الأطفال في سن المدرسة من عمر 5 سنوات إلى 15 عاماً.
- التجمعات البشرية: يمكن أن يزيد الازدحام من الإصابة بالتهاب الحلق أو الحمى القرمزية أو القوباء وبالتالي حدوث الحمى الروماتيزمية إذا لم يتلقى المريض العلاج بشكل صحيح. ويمكن أن نرى ذلك في المدارس ومرافق التدريب العسكري.
- الإصابة السابقة بالحمى الروماتيزمية: في حال إصابة الشخص بالحمى الروماتيزمية في الماضي تزداد نسبة إصابته بها مرة أخرى إذا أصيب مجدداً بالتهاب الحلق أو الحمى القرمزية أو القوباء.
مضاعفات الحمى الروماتيزمية
تستمر أعراض الحمى الروماتيزمية لأسابيع أو أشهر أو أكثر من ذلك بما يسبب مشكلات صحية طويلة الأمد.
ويعد مرض القلب الروماتزمي "Rheumatic heart disease" الذي يرمز له اختصاراً "RHD" أكثر المضاعفات شيوعاً وخطورةً. وتشير التقديرات إلى إصابة أكثر من 15 مليون شخص سنوياً بهذا المرض ووفاة أكثر من 230 ألف حالة. (4)
كما يسبب الالتهاب ضرراً دائماً للقلب وغالباً ما يحدث ذلك في الصمام التاجي وهو الصمام الموجود بين الحجرتين العلوية والسفلية في الجانب الأيسر من القلب.
ويمكن أن يؤدي ذلك إلى:
- تضيق الصمام مما يؤدي إلى انخفاض تدفق الدم
- قصور الصمام حيث يتدفق الدم في الاتجاه المعاكس
- تلف عضلة القلب وتصبح غير قادرة على ضخ الدم بشكل صحيح
كما تشمل الحالات الأخرى التي قد تتطور نتيجة تلف أنسجة القلب ما يلي:
- قصور القلب Heart failure: وهي حالة خطيرة لا يضخ فيها القلب الدم بكفاءة في جميع أنحاء الجسم
- الرجفان الأذيني Atrial fibrillation: وهو اضطراب في نظم القلب يسبب فقدان التنسيق بين الجزءين العلوي والسفلي من القلب بما يؤدي إلى تقلص عضلة القلب بشكل غير منتظم، ويصبح ضخ الدم غير فعال وقد يؤدي أيضاً إلى حدوث سكتة دماغية stroke.
التشخيص
يعتمد تشخيص الطبيب على تأكيد الإصابة بالحمى الروماتيزمية على ما يلي:
1- التاريخ المرضي
يسأل الطبيب عن الأعراض التي تظهر على المريض وتاريخه الطبي أو ما إذا كان أحد أفراد العائلة أصيب بالحمى الروماتيزمية.
2- الفحص السريري
يتحقق الطبيب من إصابة المريض بأي مرض حديث أو وجود علامات تورم أو ألم أو تيبس في المفاصل.
بالإضافة إلى ذلك يتحقق الطبيب من وجود أي حركات تشنجية لا إرادية أو طفح جلدي أو ظهور العقيدات أو النتوءات الصغيرة تحت الجلد، فضلاً عن عدم انتظام ضربات القلب.
3- الفحوصات الإضافية
تشمل الاختبارات الإضافية التي قد يطلبها الطبيب ما يلي:
- تخطيط القلب الكهربائي "Electrocardiogram": يمكن أن يكشف عن اضطرابات القلب التي قد تشير إلى وجود التهاب
- تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية (إيكو القلب) "Echocardiography": يتيح للطبيب البحث عن الالتهاب أو التلف في صمامات القلب
- اختبارات الدم
العلاج
تركز الخطة العلاجية لمرض الحمى الروماتيزمية على الشفاء من العدوى الجرثومية ومن ثمَّ علاج الالتهاب في الجسم، وتشمل العلاجات المستخدمة ما يلي:
- المضادات الحيوية لعلاج العدوى الجرثومية
- مضادات الالتهاب مثل الأسبرين "aspirin" حيث تقلل من الالتهاب في جميع أنحاء الجسم كما قد تخفف بعض الأعراض مثل آلام المفاصل. بينما يصف الطبيب أدوية أخرى مثل الستيروئيدات القشرية "corticosteroids" عند الإصابة بأعراض شديدة.
- الإجراءات الأخرى: قد يوصي الطبيب بعلاجات أخرى بناء على تأثير الحالة على المريض. حيث يتطلب الأمر في الحالات الشديدة إجراء جراحة القلب أو علاجات المفاصل.
الوقاية
ينبغي علاج التهاب الحلق والحمى القرمزية مبكراً للوقاية من حدوث الحمى الروماتيزمية. ولا تكون أعراضهما واضحة دائماً لذلك يجب الاتصال بالطبيب للحصول على الإرشادات إذا كان الطفل يعاني التهاب في الحلق لأكثر من ثلاثة أيام أو لديه أعراض أخرى مقلقة.
بينما إذا تم تشخيص الطفل بالتهاب الحلق بالمكورات العقدية أو الحمى القرمزية يجب اتباع تعليمات الطبيب بعناية. حيث يحتاج الطفل إلى الحصول على المضادات الحيوية واستكمال خطة العلاج حسب وصفة الطبيب، حتى لو شعر بتحسن لاحقاً.